العدد 1040 - الإثنين 11 يوليو 2005م الموافق 04 جمادى الآخرة 1426هـ

المتغيرات الدولية ومستقبل العلاقات الإسلامية - اليابانية

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

يشهد العالم مع بداية الألفية الجديدة الكثير من المتغيرات الدولية التي أفرزتها حال الانتقال من مرحلة القطبية الثنائية إلى مرحلة الأحادية القطبية التي انفردت بها الولايات المتحدة. وأدى ظهور نظرية صراع الحضارات إلى تشكيل عالم جديد يقوم على قيم مشتركة ومحددة تساهم حاليا في إعادة صوغ العلاقات الدولية وفق مبادئ معينة. وفي ضوء ذلك شهد العالم خلال السنوات الأربع من الألفية الجديدة حوادث تاريخية مهمة مازالت آثارها وانعكاساتها باقية إلى اليوم، بدأت بتنامي ظاهرة الإرهاب التي أوجدت لاحقا مبررات لتغيير أنظمة سياسية في العالم الإسلامي مثل أفغانستان والعراق.

تلك الحوادث كشفت حال الصراع في النظام الدولي، وعززها ربط ظاهرة الإرهاب بالإسلام، وهو ما خلق شكلا من أشكال العداء المتبادل لم يسبق له مثيل في العصر الحديث بين الإسلام والغرب، وهو ما يدفع إلى القول بأن هناك صراعا بين الحضارات. ولذلك برزت أهمية إنشاء أطر واستراتيجيات جديدة للتعامل في العلاقات الدولية تقوم على مبادئ حوار الحضارات انطلاقا من الروابط الإنسانية المشتركة. ومادام العالم الإسلامي هو المتضرر الأكبر من المتغيرات الدولية فمن المهم بحث آثار المتغيرات الدولية بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول على العلاقات بين البلدان الإسلامية واليابان.

النظام الدولي بعد 11 سبتمبر

شهد النظام الدولي بعد حرب الخليج الثانية 1990 - 1991 تحولات كبيرة، إذ انهار الاتحاد السوفياتي وتلاشت الثنائية القطبية التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية. وبذلك انفردت الولايات المتحدة بقيادة النظام الدولي طوال عقد التسعينات الماضي. وطوال هذه الفترة برزت عدة محاولات لظهور قوى عظمى جديدة تنافس الولايات المتحدة على المستوى العالمي، كمحاولات الاتحاد الأوروبي وكل من الصين واليابان والهند.

وقد عكست مرحلة الأحادية القطبية تنوع المشكلات والتحديات التي تواجه الدول خصوصا البلدان النامية وما رافقها من تنامي اتجاهات التطرف والصراعات الداخلية وظهور أنماط من التصادمات والاحتكاكات في النظام القيمي والفكري. ويرتبط مفهوم العولمة بهيمنة النشاط الاقتصادي الرأسمالي وتحول العالم إلى سوق استهلاكية كبرى لمنتجات الشركات الصناعية الكبرى. أما في المجال الثقافي فكان المظهر الأبرز هو سيادة ثقافة الغرب المتقدم، وهو ما أفرز ظاهرة "الأمركة" التي تقوم على فرض الثقافة والتقاليد الأميركية على العالم. إلا أنه مع وقوع هجمات سبتمبر 2001 تغيرت سمات النظام الدولي وأصبحت ظاهرة الإرهاب التي ربطتها الولايات المتحدة والغرب بالإسلام والمسلمين هي التحدي الأبرز الذي يفرز متغيرات النظام ويحدد طبيعة استجاباته المختلفة. واستطاعت الولايات المتحدة أن تعزز من هيمنتها وفق مفهوم قيادة الحرب الدولية على الإرهاب، وكانت البلدان العربية والإسلامية هي المواقع الأساسية في هذه الحرب. ويمكن تحديد أبرز سمات النظام الدولي بعد 11 سبتمبر بالآتي:

أولا: تزايد حال الصراع في العلاقات الدولية.

ثانيا: تزايد هيمنة الولايات المتحدة في النظام الدولي.

ثالثا: تراجع الدور السياسي للأمم المتحدة.

رابعا: زيادة الاهتمام بقضايا الإصلاح السياسي والدمقرطة.

خامسا: الإسراع في تحرير الأسواق والتجارة العالمية.

وإذا كانت المتغيرات الدولية التي يعيشها العالم الآن قد أثرت بشكل كبير في العلاقات الدولية فإن هناك تأثيرا كامنا لا يمكن ملاحظته بسهولة فهناك تأثيرات ثقافية وفكرية أصبحت سائدة في مختلف البلدان نتيجة لحال الصراع في النظام الدولي.

فالتدخلات العسكرية الأميركية في بعض البلدان الإسلامية والإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة والغرب بعد 11 سبتمبر ولدت حالا من العداء والكراهية المتبادلة بين المسلمين ومواطني البلدان الغربية، وبذلك تكون هذه الحال قد أحدثت شكلا من أشكال الاختلال في القيم والأفكار. كما أن حوادث 11 سبتمبر أعادت الحديث من جديد عن صراع الحضارات كما أشار لذلك صمويل هنتنغتون من قبل، وتقترب محاور هذا الصراع الحضاري من المفهوم نفسه الذي طرحه، إذ صار الحديث عن انقسام العالم إلى عالم الخير الذي تمثله حضارة الغرب وعالم الشر الذي تمثله بعض الدول العربية والإسلامية المارقة وغيرها من الدول المعارضة للتوجهات الأميركية، وحاولت أميركا صوغ خطاب أخلاقي تملي بواسطته على شعوب العالم تعريفها لمفهوم الشر والخير وتحدد من هي الدول والقوى الصالحة والأخرى الطالحة. واتجه الفكر الأميركي نحو إطلاق أحكام أخلاقية ذات طابع ديني منها مثلا استخدام جورج بوش مفهوم الحرب الصليبية الذي تراجع عنه لاحقا، في محاولة لتبرير شن الحرب واستخدام القوة العسكرية، والإصرار على تبرير الحرب على أفغانستان "وطالبان" باعتبارها ضرورة أخلاقية تصل إلى مرحلة القداسة الدينية للرد على العنف والكراهية الذي تمثله القوى الشريرة مثل بن لادن وصدام حسين، وذلك نقيض للفكر الأميركي الذي كان سائدا قبل 11 سبتمبر والذي كان يحاول تبرير الحروب على أساس مبادئ الحرية والديمقراطية والمصالح التي تمثل أساس الحضارة الغربية.

مثل هذه المتغيرات الدولية وانعكاساتها على اختلال القيم أكدته الكثير من الدراسات الميدانية، فقد أشارت دراسة مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة والتي شملت أكثر من 16 دولة إلى تراجع النظرة الإيجابية تجاه أميركا في مختلف بلدان العالم وخصوصا بعد غزو العراق، كما إنه من النتائج المهمة للدراسة أن البلدان الإسلامية شهدت تراجعا كبيرا في نظرتها الإيجابية تجاه الولايات المتحدة، ما يشير إلى تزايد قيم العداء والكراهية في النظام الدولي سيما بين الإسلام والغرب الذي تقوده أميركا.

واقع العلاقات الإسلامية اليابانية

تتسم العلاقات الإسلامية اليابانية بقدم تاريخي، إذ تمتد إلى أكثر من 1200 سنة تقريبا بحسب اطروحات بعض الباحثين. وهي بذلك قد تكون أقدم بكثير من العلاقات الإسلامية الغربية والتي بدأت مع قيام الدولة الإسلامية بالتوسع والفتوحات في القارة الأوروبية. ومع ذلك فإن العلاقات الإسلامية اليابانية مازالت متفاوتة وهي في الغالب تتركز على الجانب الاقتصادي أكثر منه سياسيا أو ثقافيا. ومن أبرز ما يميزها أنها تعتمد بشكل رئيسي على تصدير المواد الطبيعية الخام إلى اليابان واستيراد أحدث المنتجات التكنولوجية. وبالتالي فإن البلدان الإسلامية لا تستفيد كثيرا من هذه العلاقات لأن هذا النهج يعزز من استمرارها كبلدان استهلاكية غير منتجة في حين تحظى اليابان بعوائد إيجابية كبيرة من الناحية الاقتصادية بحسب تقديرات الخبراء.

وإذا انتقلنا إلى الجانب السياسي في العلاقات الإسلامية اليابانية سنجد أن هناك قواسم مشتركة بين الطرفين بسبب المواقف المعتدلة للسياسة الخارجية اليابانية تجاه العديد من قضايا العالم الإسلامي كالصراع العربي الإسرائيلي والصراعات الإقليمية التي شهدتها البلدان الإسلامية كأزمة الكويت العام ،1990 بالإضافة إلى المساعدات والمعونات التي تقدمها اليابان باستمرار للكثير من الدول الإسلامية.

وعندما وقعت حوادث سبتمبر طرأ تغير واضح على السياسة الخارجية اليابانية عندما سعت لممارسة دور أكبر على الصعيد الدولي فشاركت بدعم لوجستي للقوات البحرية الأميركية في الحرب على أفغانستان، ثم بقوات برية بعد الإطاحة بالنظام العراقي السابق في حرب الخليج الثالثة وأكدت مساهمتها في إعادة إعمار العراق. بالإضافة إلى إحياء دورها في عملية السلام للصراع العربي الإسرائيلي. كما أعلنت تأييدها مثل كثير من البلدان الإسلامية للحرب الأميركية على الإرهاب.

وبهذا تكون العلاقات الإسلامية اليابانية في مفترق طرق، ففي السابق كانت السياسة الخارجية اليابانية لا تسعى إلى ممارسة دور سياسي وأمني على الصعيد الخارجي في ظل تزايد الهيمنة الغربية على البلدان الإسلامية، واليوم فإن الواقع تغير وأصبح بإمكان البلدان الإسلامية أن تزيد من ارتباطها مع اليابان في مواجهة امتداد النفوذ الغربي، سيما مع تزايد العداء والكراهية بين الإسلام والغرب.

التحديات المستقبلية

في ضوء المتغيرات الدولية الجارية فإنه من الأهمية تحديد التحديات المستقبلية التي تواجه العلاقات الإسلامية اليابانية انطلاقا من معطيات الواقع ليتم استشراف مستقبل هذه العلاقات والتعرف على أبرز اتجاهاتها خلال الفترة المقبلة. ويمكن رصد أبرز التحديات التي تواجه هذه العلاقات بالآتي:

أولا: تزايد الهيمنة الغربية: من أهم التحديات التي ستواجه هذه العلاقات تزايد الهيمنة الغربية على بلدان العالم الإسلامي، فانفراد الولايات المتحدة بقيادة النظام الدولي وسيطرتها على تفاعلات العلاقات الدولية ستؤدي إلى فرض المزيد من النفوذ الغربي على هذه البلدان. وتكمن خطورة تأثر البلدان الإسلامية بالخطاب الأيديولوجي الأميركي بعد حوادث سبتمبر في أنها ستؤدي إلى مزيد من الهيمنة والكثير من التحديات لهذه البلدان، لأن هذا الخطاب يقوم على نشر العلمانية بحيث تبدو غير معادية للإسلام والحضارات والثقافات غير الغربية. بالإضافة إلى نشر الديمقراطية التي لا تتيح لغير العلمانيين والموالين للولايات المتحدة التأثير والوصول إلى الحكم.

وتزايد الهيمنة الغربية بمظاهرها المتعددة وتأثيراتها السلبية المختلفة ستدفع البلدان الإسلامية إلى البحث عن بدائل أخرى في علاقاتها الدولية، وطبعا فإن اليابان ستكون إحدى أهم البدائل الرئيسية وستتوثق العلاقات بين الطرفين. ولكن هذا التوقع يتوقف على طبيعة العلاقات اليابانية الغربية مستقبلا واستمرارية الارتباط الأمني بين اليابان والولايات المتحدة.

ثانيا: تغير مفهوم عدم التدخل في الشئون الداخلية: فرضت المتغيرات الدولية بعد 11 سبتمبر تحديا جديدا في العلاقات الدولية، فبعد أن كان مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى سائدا في النظام الدولي تغيرت النظرة تجاهه وأصبح التدخل مطلوبا إذا ارتبط بتهديدات دولية. ويمكن النظر إلى غزو أفغانستان ثم العراق كمثال صريح على هذه النظرة الجديدة. بالإضافة إلى أن طبيعة الإجراءات والممارسات التي فرضتها الحرب الدولية على الإرهاب قد ساهمت في تغير هذا المفهوم.

وتكمن خطورة التدخل في الشئون الداخلية أنها مرتبطة بتزايد الهيمنة الغربية، وبالتالي فإنه بإمكان الدول الغربية الكبرى المتنفذة في النظام الدولي من ممارسة أدوار أكبر والقيام بتدخلات غير محدودة سواء لفرض سياسة معينة أو حماية مصالح محددة أو ملاحقة جماعات أو شخصيات غير مرغوب بها، الأمر الذي يعني تهديد الأمن والاستقرار الداخلي للبلدان الإسلامية باستمرار، وهو ما يخلق شكلا من أشكال التبعية الأمنية.

من هنا، فإنه من المتوقع أن تشهد العلاقات الإسلامية اليابانية حالا من عدم الاستقرار خلال الفترة المقبلة بسبب زيادة حجم التدخلات في الشئون الداخلية للبلدان الإسلامية. كما إن هذا التحدي سيؤدي إلى إعادة تشكيل بعض الدول ومن ثم إعادة رسم خريطة العالم الإسلامي من جديد. وهذا كله لن يساعد على إقامة علاقات تعاون متبادلة ومستقرة تضمن تحقيق المصالح للطرفين لأقصى درجة.

ثالثا: زيادة التبعية الاقتصادية: يبرز هذا التحدي في سيطرة المنظمات الاقتصادية الدولية والتكتلات الاقتصادية على أسواق البلدان الإسلامية وربط اقتصاداتها بها في تبعية مستمرة عن طريق توقيع اتفاقات لإقامة مناطق التجارة الحرة، وتحرير الأسواق، وإلغاء الضرائب والرسوم الجمركية، وتسهيل انتقال العمالة والبضائع والسلع بين الدول. وهذه الإجراءات تقودها حاليا منظمة التجارة العالمية، وستساهم في تحقيق العولمة الاقتصادية وتوحيد الأنظمة الاقتصادية في مختلف بلدان العالم.

وعلى رغم الفرص الكثيرة التي تحملها العولمة الاقتصادية للبلدان الإسلامية، فإنه في ظل معطيات الواقع فإن هناك بونا شاسعا بين إمكانات الاقتصادات الوطنية لهذه الدول واقتصادات الدول الكبرى، وبالتالي فإن ستواجه البلدان الإسلامية تحديات اقتصادية كبيرة مستقبلا نتيجة زيادة تبعيتها الاقتصادية للغرب، وهو ما سيخلق الكثير من المشكلات ستجد صعوبة في معالجتها، مثل تفشي البطالة وتراجع معدلات النمو وتراجع معدلات الإنتاج ومحدودية مصادر الدخل للاقتصاد الوطني.

وهذا التحدي سيلقي بظلاله على العلاقات الإسلامية اليابانية لأنها علاقات غير متوزانة في المجال الاقتصادي. وإذا استمرت حال انعدام التوزان الاقتصادي فإن البلدان الإسلامية ستعاني من استنزاف لمواردها، بالإضافة إلى التبعية الاقتصادية بما تحمله من مشكلات يمكن أن تزعزع الاستقرار السياسي، وهو ما سينعكس سلبا على الاقتصاد الياباني الذي يعتمد بدرجة غير قليلة على عملية التصدير والاستيراد من عدد من الدول الإسلامية ودول مجلس التعاون الخليجي تحديدا.

استراتيجيات التعاون

إن استعراض التحديات المستقبلية التي تواجه العلاقات الإسلامية اليابانية يدفع نحو طرح أسئلة أهمها: هل هناك تحديات مشتركة تواجه بلدان العالم الإسلامي واليابان؟

من الصعوبة في الوقت الراهن الإجابة على هذا السؤال لأنه مرتبط بطبيعة الظروف الدولية في المستقبل وتغير موازين القوى في النظام الدولي. ولكن التحديات السابقة كلها تواجه بلدان العالم الإسلامي تحديدا، في حين أن اليابان لا تواجهها بشكل مباشر، ولكن تتأثر بها نتيجة تأثر الدول الإسلامية بها. ولذلك فإن هناك مصالح مشتركة في الوقت الراهن لمواجهة هذه التحديات سواء للدول الإسلامية أو لليابان، وهو ما يتطلب وضع وتنفيذ استراتيجيات مشتركة بين الطرفين على أن تشمل ثلاث مجالات: السياسي والاقتصادي والثقافي.

في المجال السياسي من المهم أن تقوم العلاقات الإسلامية اليابانية على التعاون والتنسيق في المواقف تجاه الكثير من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم بلدان العالم الإسلامي، وفي مقدمتها قضية الصراع العربي الإسرائيلي، واحتلال العراق، وغيرها من القضايا. بالإضافة إلى ذلك فإنه من المهم أن يمتد التعاون في هذا المجال للحصول على الدعم والتأييد الياباني في المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة. خصوصا مع استمرار المساعي اليابانية لنيل مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وهو ما يتيح الاستفادة من أصوات البلدان الإسلامية لدعم المطالب اليابانية.

استراتيجيات المجال الاقتصادي: ويجب أن تعتمد على إعادة التوزان في العلاقات الاقتصادية الإسلامية - اليابانية عن طريق زيادة التعاون والتبادل الثنائي ونقل هذه العلاقات من حال الاستيراد والاستهلاك إلى حال التصدير والإنتاج. وقد يكون استقطاب الاستثمارات اليابانية إلى الدول الإسلامية هي السبيل الأفضل لتعزيز العلاقات ونقل التكنولوجيا اليابانية والاستفادة منها في بلدان العالم الإسلامي مع منح اليابان الأفضلية ومميزات خاصة في تصدير المواد الطبيعية الخام.

استراتيجيات المجال الثقافي: تبرز أهمية هذه الاستراتيجيات على أنها المدخل الأساسي للعلاقات الإسلامية - اليابانية، لأنه من العوامل التي أعاقت تطويرها خلال القرن العشرين عدم تفعيل الجانب الثقافي، وظل هناك جهل متبادل بين الطرفين، ما حال دون إقامة علاقات تعاونية قائمة على معرفة جيدة بالآخر. ولذلك ينبغي في استراتيجيات المجال الثقافي أن تكون في شكل برامج تبادل ثقافي مع الشروع في إقامة حركة ترجمة بين الطرفين لأهميتها في نشر الثقافة الإسلامية بين اليابانيين، وتعريف العالم الإسلامي بالفكر الياباني ودوره التنموي.

الخلاصة

بعد دراسة طبيعة المتغيرات الدولية التي يعيشها العالم اليوم، والآثار التي ترتبت على حوادث 11 سبتمبر يتضح حجم الاختلال القيمي الذي يشهده النظام الدولي في الوقت الراهن، إذ تولدت قيم العداء والكراهية المتبادلة بين الإسلام والغرب، وهو ما انعكس سلبا على العلاقات الدولية في جميع أنحاء العالم عبر مظاهر عدة وصلت إلى درجة متقدمة من العنف والصراعات العسكرية المباشرة. وانعكس ذلك على واقع العلاقات الإسلامية اليابانية، وخلقت عدة تحديات ستواجهها في المستقبل بدءا من تزايد الهيمنة الغربية، وتغير مفهوم عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وزيادة حجم التبعية الاقتصادية.

وبالتالي فإن تفاقم ظاهرة العداء للغرب وللولايات المتحدة تحديدا في العالم الإسلامي يحتم إعادة صوغ العلاقات الدولية للبلدان الإسلامية وفق مفاهيم جديدة، وعن طريق تطوير عدة استراتيجيات تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وتأتي اليابان لتكون إحدى القوى الرئيسية في النظام الدولي التي يجب على البلدان الإسلامية صوغ علاقات جديدة ومهمة معها كما هو قائم مع الغرب. فارتباط العالم الإسلامي بالغرب منذ حقبة الاستعمار الأوروبي وحتى الآن قد خلف آثارا سلبية كبيرة لا يمكن معالجتها إلا بفك هذا الارتباط وإعادة صوغ العلاقات من جديد. من هنا فإن الدعوة لتطوير العلاقات الإسلامية اليابانية يجب أن تراعي مصالح اليابان ومساعيها للبروز كقوة دولية وفي الوقت نفسه تحمي مصالح البلدان الإسلامية المختلفة ولا تنتقص من حقوقها كقوى مهمة في النظام الدولي.

كما أن تجربة العلاقات الثنائية الإسلامية اليابانية طوال الفترة الماضية لم تحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع، ولذلك فإن الطرفين أمام بديلين: الأول: تعزيز التعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي عن طريق إقامة شراكة بين اليابان والمنظمة. والثاني: تطوير الحوار الإسلامي الياباني الذي بادرت إليه اليابان باهتمام من وزير خارجيتها السابق وطرحته خلال زيارة نائب رئيس وزراء مملكة البحرين وزير الخارجية للعاصمة اليابانية طوكيو في فبراير/ شباط 2001 ليتم تدشينه لاحقا بإقامة أول ندوة لهذا الحوار في مارس/ آذار 2002 في مملكة البحرين التي تولت أمانته العامة من خلال مركز البحرين للدراسات والبحوث الذي قام بمهمات التنسيق لفعالياته. هذا الحوار الذي بدأ قبل عامين بحاجة إلى المأسسة "Institutionalization" للاستفادة بأكبر قدر ممكن منه، ولتساهم المأسسة في تفعيل دور الحوار الإسلامي الياباني ونقله من المجال الفكري ليشمل مجالات أخرى مستقبلا، والأهم من ذلك ضمان استمراره وديمومته

العدد 1040 - الإثنين 11 يوليو 2005م الموافق 04 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً