العدد 1066 - السبت 06 أغسطس 2005م الموافق 01 رجب 1426هـ

معدلات النمو السكاني

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

ترتفع أصوات بين فترة وأخرى محذرة من ارتفاع معدلات النمو السكاني الراهنة. بل ذهب البعض الى الاعتقاد بأن هذه المعدلات ستؤدي الى انفجار سكاني يؤتي على جميع مكتسبات "الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية المحققة" "نضعها بين قوسين".

ونحن لا نستطيع ان نجزم بصحة أو خطأ هذه التصورات والمعتقدات، وخصوصا ان الاستراتيجية السكانية الموحدة التي وضعتها دول مجلس التعاون الخليجي لم تشر الى ذلك الخطر على رغم ان هناك اتفاقا بأن معدل النمو السكاني بدول المجلس والبالغ نحو 3,5 في المئة يعد عاليا بالمقاييس العالمية.

على أية حال وفي كل الأحوال، لكي نستطيع التوصل الى استنتاج واضح عن مدى خطورة أو صحة معدلات النمو السكاني الحالية، فإنه لابد من التوصل أولا إلى وضع استراتيجية واضحة وشاملة للتنمية. ان هذه الاستراتيجية ستوضح ماهية وتركيبة التنمية، والقطاعات الاقتصادية الرئيسية المعتمد عليها لتحقيق تنمية مستقلة ومستدامة. وعلى ضوء تشخيص ماهية وطبيعة القطاعات الاقتصادية المستهدفة لتحقيق التنمية المرجوة، يتم العمل من ثم على التخطيط لتوفير الموارد اللازمة لتحقيق أهداف التنمية، ومن بينها الموارد البشرية. أي حينئذ يمكن التخطيط للتنمية البشرية بكل جوانبها سواء من ناحية النوع او الكم. ايضا يمكن حينئذ وضع التصورات العامة لمعدلات النمو السكاني المرغوب بتحقيقها.

ومن الواضح ان البحرين لم تتوصل بعد الى وضع استراتيجية شاملة واضحة للتنمية كما ذكرنا، وبالتالي فإن الحديث عن خطورة معدلات النمو السكاني يبقى حديثا عاما ومرتبطا بأسباب سياسية أو اجتماعية أو بطبيعة واتجاهات النمو الاقتصادي الراهنة والتي تتأثر بدورها بمردودات النفط الراهنة، وليس مرتبطا بالتوجهات المستقبلية والمرغوبة لانماط التنمية.

ومن هنا، فإننا نعتقد ان التحدي الرئيسي الذي يواجه البحرين ليس معدلات النمو السكاني - على رغم أنه تحد كبير - بل هو تنمية الموارد البشرية الوطنية، وخصوصا ان القوى العاملة الوطنية لا تمثل حاليا سوى نسبة الثلث من اجمالي قوة العمل. وعلى رغم ان كبار المسئولين قد اكدوا على ضرورة اعطاء الاولوية في الاستخدام إلى ابناء البلاد فإن عملية توطين الوظائف لا تزال تواجه الكثير من المعوقات الحقيقية.

وتبرز الكثير من التحديات من أجل تنمية الموارد البشرية واستخدامها استخداما أمثل في تنفيذ برامج التنمية المستقبلية. ان وضع الخطط اللازمة لتحقيق هذا الهدف يبقى هو المدخل العلمي للتعامل مع الموضوع. الا ان هذه الخطط لن تكون مجدية الا بالمبادرة الى ايجاد الاجهزة التى تملك الامكانات والصلاحيات الضرورية لتنفيذها. وسيكون في مقدمة مسئوليات هذه الأجهزة تطوير سياسات وبرامج التدريب. ان التدريب ، وجميع من يتصل به من مؤسسات وبرامج ومفاهيم يبقى ركنا اساسيا وثابتا في جميع التجارب الناجمة في مجال تنمية الموارد البشرية، مع ضرورة التركيز على ربط التعليم بالتدريب والتطور التكنلوجي من جهة، ووجود البرامج التدريبية المكثفة الملحقة بانتهاء مراحل الدراسة المدرسية أو الاكاديمية الجامعية من جهة اخرى.

ان الحديث عن خطورة معدلات النمو السكاني الراهنة سيكون أكثر صحة اذا ما تراخينا في مواجهة تحديات التنمية البشرية التي تواجهها، أما نجاحها في مواجهة هذه التحديات سيقلل من خطورة ذلك الحديث، وربما يثبت عدم صحته أيضا

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1066 - السبت 06 أغسطس 2005م الموافق 01 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً