العدد 1144 - الأحد 23 أكتوبر 2005م الموافق 20 رمضان 1426هـ

الحضارة بين عفريت الغربي وملائكية العربي

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

يقول الاديب الكبير جبران خليل جبران: "ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين. ويل لأمة تلبس مما لا تنسج وتأكل مما لا تزرع وتشرب مما لا تعصر. ويل لأمة تكره الشهوة في احلامها وتعنو لها في يقظتها. ويل لأمة لا ترفع صوتها الا اذا مشت في جنازة، ولا تفخر الا بالخرائب ولا تثور الا وعنقها بين السيف والنطع. ويل لأمة حكماؤها خرس من وقر السنين ورجالها الاشداء في اقمطة السرير. ويل لأمة مقسمة إلى اجزاء وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة". العالم الغربي مليء بالسلبيات وهو يعترف بذلك لكننا نحن العالم العربي مليئون بالسلبيات إلا أننا لا نعترف بذلك وهذا هو سر تفوقه وسر تقهقرنا. سؤال مهم: لماذا مستشفياتهم أفضل من مستشفياتنا؟ لماذا جامعاتهم اقوى علميا من جامعاتنا؟ لماذا هم يغزون الفضاء ونحن نغزوا اشقاءنا كما حدث في غزو الكويت؟ لماذا هم يناقشون المستقبل وما سيحدث بعد 30 عاما ونحن متوحلون في التاريخ لنسجل اهدافا ضد بعضنا بعضا؟ لماذا انت تستطيع ان تدخل عشر دول أوروبية في لحظة واحدة وببطاقة عادية ونحن نمكث على حدود دولنا العربية عشر ساعات كي نحصل على تأشيرة دخول ربما تكون إلى السجن؟ لماذا مصانعهم أفضل من مصانعنا؟ لماذا هم يصنعون الطائرة ونحن لا؟ لماذا هم حرية الصحافة يخافها المسئول ونحن الصحافة تنام مع المسئول وقد تنجب له ابناء وابناء كما حدث لصدام. لماذا هم عندهم سوق مشتركة ونحن لا، عملة مشتركة ونحن لا، حلف مشترك ونحن لا؟ تعرفون لماذا؟ الغرب اخذ أفضل ما عندنا واخذنا نحن اسوأ ما عنده. أفضل ما عندنا مفاهيمنا الإسلامية في الدعوة للعلم والمعرفة والتنمية والاقتصاد والفلسفة ولنا رواد في الكيمياء والطب والفلسفة، ابن سينا والرازي وابن خلدون واخذنا من عنده اسوأ ما عنده. الميوعة والانحلال والظواهر الشكلية. تركنا ديمقراطيته واخذنا ميوعته. لم نأخذ منه عبقرية التنظيم والامام علي "ع" يقول: "اوصيكم بتقوى الله ونظم اموركم". فهم متحدون في تصنيع التكنولوجيا ونحن نتراشق على مكرفون. يفكرون في البيدر ونحن في صراع تاريخي على بصلة. يزرعون في حدائقهم اجمل الزهور والورود ونحن نلقي القاذورات في الحدائق العامة وعلى سواحل البحر واحيانا نلقي العلب من السيارة وفي الشارع العام. عندهم مؤسسات أهلية واحيانا حكومية تقوم بمتابعة تأهيل وتنظيف المرافق والحمامات العامة وتعال لبلاد الإسلام وانظر إلى حماماتها في المساجد والمراكز وبعض المدارس. يقول مالك بن نبي: "الحضارة ليست بالغنى بل بالنظافة". وزارات البلدية في الغرب تجمل الشوارع بالتشجير وعندنا نحن العرب نقوم بتقطيع الاشجار والنخيل، وفي البحرين كنا نسمى بام المليون نخلة. استبدلنا عذاري الأصيلة بعذاري بلاستيكية. في أميركا يحاكم كلنتون فيضحك الغربيون وهنا يحاكم صدام فيبكي العرب، في الغرب المساجد مصونة وتمارس طقوسها والكنائس هنا تعرض للتفجير. هناك يفكرون في مصالحهم ومصالح مواطنيهم فيبنون مراكز استراتيجية للبحوث ودراسة الآخر في السياسة وغيرها ونحن هنا نتعاطى مع السياسة بالشعوذة والبلورة السحرية والاحلام وبلعبة اليانصيب وبالحماس والصراخ والهتافات و"بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة" على حد تعبير الشاعر الدمشقي نزار قباني. هم يشتغلون على الممكن في الحياة ونحن نشتغل على المستحيل. المثقف هناك يقود الجمهور ونحن في العالم العربي الجهور يقود المثقف. هم يتقدمون لانهم يمتلكون شجاعة المراجعة لادائهم واخطائهم ليروا مصلحة بلدانهم ومستقبل ابنائهم ونحن إلى الآن لا نعرف ما هي مصلحة أوطاننا وابنائنا. اخذنا من الغرب للاسف الشديد التسيب الاخلاقي، الحرية الاخلاقية بلاضوابط، والميكافيلية غير المسئولة لكنا لم نأخذ هيبة القانون، وشفافية الرقابة، ومبدأ تكافؤ الفرص. ليس في العالم شر مطلق فلنركز على قيمنا وإسلامنا ولنحضن ابناءنا اخلاقيا وإسلاميا ولنأخذ ايجابيات الآخر في العلم والمعرفة والتكنولوجيا والعلوم الانثربولوجية. لننتقد اخطاءنا ولنراجع اداءنا في السياسة والاقتصاد وقراءاتنا لهذه الحياة. والقرآن يقول "ولا اقسم بالنفس اللوامة" "القيامة: 2". نحتاج إلى نفس ناقدة لوامة كثيرة اللوم كي نجدد المستقبل بلا احلام

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1144 - الأحد 23 أكتوبر 2005م الموافق 20 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً