العدد 1193 - الأحد 11 ديسمبر 2005م الموافق 10 ذي القعدة 1426هـ

عدنان ورفاقه... أشياء لا تشترى بالمال

عبدالهادي مرهون comments [at] alwasatnews.com

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اختتام عقد الأمم المتحدة لذوي الاحتياجات الخاصة (1983 ­ 1992) اختيار الثالث من ديسمبر/ كانون الأول من كل عام بوصفه اليوم الدولي لذوي الاحتياجات الخاصة، وقد شكل هذا العقد فترة لنشر الوعي واتخاذ التدابير اللازمة لتطوير الحالة والمزايا التي تنالها هذه الفئة وعمل كل جهد ممكن لإتاحة الفرصة أمامهم للحصول على سبل العيش الكريم والاندماج في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين. وفي وقت لاحق، ناشدت الجمعية العامة الدول الأعضاء إلقاء الضوء على الاحتفال بذلك اليوم بغية زيادة إدماج هذه الفئات في المجتمع وتحسين سبل العيش فيه. وقبل سنوات كان عامة الناس في المجتمع لا يستخدمون لمخاطبة ذوي الاحتياجات الخاصة غير كلمة (معوق، معاق)، ولظروف اجتماعية وثقافية واقتصادية كان ذوو الاحتياجات الخاصة لا يجدون غير مصير واحد وهو العزلة، فلا إمكانات لتأهيلهم وتدريبهم ومحاولة علاجهم، ولا ثقافة تؤهل للتعامل الصحيح معهم. ومع مرور السنوات تغيّرت الصورة نحو الأفضل، وربما كان تغيرها بطيئاً، في الوقت الذي تزايدت فيه أعداد أصحاب هذه الاحتياجات بشكل كبير وتعدّدت مستلزمات تأهيلهم. فتزايدت أيضاً أهمية العمل على رعايتهم أولاً ثم على بحث كيفية جعلهم جزءاً من المجتمع على مقاعد الدراسة والتعليم صغاراً، وفي مؤسسات العمل والإنتاج كباراً. وعلى رغم أن التكافل والرعاية واجب إنساني، فإن علينا الاعتراف بتقصير المجتمع في دعم ومساندة الجهات الرعائية، حكومية وأهلية، التي تعمل الكثير بالقليل من الإمكانات. ولعل أهم وأخطر زوايا رعاية هذه الفئة من المجتمع تتمثل في كيفية ادماجهم في المجتمع تعليماً وهم صغار، وتدريباً وعملاً وهم كبار، وربما يساعد على ذلك التفكير في وضع خطة وطنية استراتيجية لتصحيح أوضاع هذه الفئة خصوصاً ان نسبتهم تزايدت حتى باتت تناهز 15 في المئة من التلاميذ اليوم، ممن يحتاجون إلى الدعم والمساندة بمستويات مختلفة. فنحن إذاً أمام تحد كبير، خصوصاً مع تعدّد طرق الحاجة إلى الرعاية والتأهيل. وفي الحقيقة ربما كان على جميع المقتدرين من مؤسسات وأفراد، وخصوصاً المؤسسات التجارية والمالية، أن تزيد من إسهامها في دعم مؤسسات الرعاية وكذلك الأفراد، على اعتبار أن ذلك يعد واجباً إنسانياً ودينياً واجتماعياً أيضاً يلقي علينا واجباً «إلا من رحم ربي» لدعم وتعزيز المؤسسات المتخصصة في رعاية هذه الفئة من خلال المساهمة الفعالة بالتبرعات العينية والمادية وتقديم الخدمات التطوعية والثقافية، وربما تخصيص بعض الوقف ليكون ذخراً وذخيرة لمستقبل هؤلاء المحتاجين. من هنا فمن واجب المجتمع ومختلف المؤسسات والهيئات، أن تزيد من دعمهم لهؤلاء الذين يشعرون بمعاناة يومية في أجسادهم ومعنوياتهم لتمكينهم من مواجهة التحديات حتى لا تهتز مشاعرهم وتمتد إلى المجتمع بأكمله، إذ لا يكفي جهد المؤسسات الحكومية ما لم يسنده المجتمع عبر شبكة من المتعاضدين الذين يتكفلون بالمساعدة تنظيماً ومساندة مادية وتوجيهاً، مع سعيهم للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية ضمن أطر التنظيمات القائمة في هذا المجال. كما نهيب بجميع قطاعات الحكومة وهيئاتها، إلى أخذ انشغالات هذه الفئة ضمن برامجها التنموية، والاستجابة لها باستمرار، وندعو الجميع إلى التفكير في كل لحظة، بأن الإعاقة ليست قدراً محتماً على من هم مصابون اليوم فقط، ونحن نشهد كل يوم المزيد بفعل الحوادث أو غيرها من الأسباب. وبهذه المناسبة، أعرب عن تقديري وتضامني معكم أيها الأحبة، صغاراً وكباراً، وأتوجّه بالشكر الجزيل والعرفان الجميل، إلى كل الجمعيات المدنية، والمحسنين، والمؤسسات الخاصة بالبر والإحسان، والمتطوعين الذين يعملون بكل جهد على تقديم المساعدة ومد يد العون والإعانة للمحتاجين من هذه الفئة، بفتح المجال لهم للمشاركة بكل ما يستطيعون تقديمه، في ثقة وتحد، والفخر لكل أبناء وطنهم العزيز، وأخص بالذكر والد الجميع صاحب القلب الكبير جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة راعي نهضة هذا الوطن بجميع فئاته، الذي يذكر ذوي الاحتياجات الخاصة باستمرار ويحنو عليهم، وعلى كل من له أياد بيضاء سباقة بالخير وفي مقدمتهم رئيسة جمعية رعاية الطفل والأمومة الشيخة لولوة بنت محمد آل خليفة، ووكيل وزارة الداخلية رئيس المؤسسة الوطنية لخدمات المعاقين اللواء دعيج بن خليفة آل خليفة، الذي أكاد أجزم أنه لا يفارقهم في كل ساعة وحين، بل يعرف أسماءهم وعوائلهم أيضاً، وكل المدرسين والمعلمات والعاملين في حقل رعايتهم الذين يتحملون نزقهم وانفعالهم أحياناً وخصوصاً في معهد الأمل. وكذلك أسرهم وأولياء الأمور الذين يبدون صبراً جميلاً في تحمل تقلب أمزجتهم المستمر ومعهم أيضاً ابني عدنان «علي» ورفاقه الذين لا يمل من الحديث بمحبة عنهم وكل بساطة أقوالهم وأفعالهم وشقاوة بعضهم، فهم أشياء لا تشترى بالمال.

العدد 1193 - الأحد 11 ديسمبر 2005م الموافق 10 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً