العدد 1282 - الجمعة 10 مارس 2006م الموافق 09 صفر 1427هـ

جلالة الملك... شكراً إذ فتحتم الأبواب

عبدالله عيسى الكبيسي comments [at] alwasatnews.com

ليس من قبيل المصادفة المحضة، ولا من باب المفارقة الخيالية المستعصية، ولا من البداهة المطلقة، أن يصوت شعب بنسبة 94,8 في المئة على وثيقة هي بمثابة الاتفاق العقدي بين حاكم وشعبه، وأن تأتي هذه النسبة معبرة عن حقيقة واضحة: تلاقي الإرادة الشعبية مع إرادة الحاكم. وهكذا، أطلق صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى الانطلاقة الأولى لمشوار على درب طويل وصعب، لم ولن تكون نتائجه وثماره سهلة ممتنعة، ولن تصبح في متناول الجميع هكذا دونما جهد وتعب وعمل شاق وتضحيات وسهر واعتراف وصدق وإخلاص نية، وقل ما شئت من قيم العمل الرفيعة.

في بلد ينطلق بقوة، ماذا يعني أن يبقى وزير نحو ربع قرن من الزمان على كرسيه؟ أي عقل يمتلك وأي دماء تتجدد تلقائياً في بدنه؟ لماذا؟ وكيف لنا أن نتطور ونبتكر بعقولنا التي لا تتجدد أصلاً؟ وما لهذه العقول الشابة والدماء المتدفقة لا تحصل على فرصتها؟

في بلد تبلغ نسبة الفئات الشابة نحو 60 في المئة، تتوافر كل الكوادر والعقليات والقوى العاملة القادرة على القضاء على كثير من ملفات الفساد المالي والإداري والترهل والتخلف.

نعم، لقد قاد صاحب السمو رئيس الوزراء دفة السفينة باقتدار، وأعطى من جهده وصحته لهذه البلاد الشيء الكثير، ما يعني أن سموه رسم الدرب وعلى الآخرين أن يسيروا على النهج القويم الذي يجعل من التحولات في بلادنا حقيقة... ليس مقبولاً أن نتغنى بالإصلاح والتطوير والديمقراطية، وفي عظامنا ينخر السوس... سوس الفساد والبيروقراطية والأداء الإداري المتطور؟!

شكراً جلالة الملك إذ فتحتم الأبواب... ففي حديث جلالتكم للصحافة ما ينبئ بأن جلالتكم منحتم الكل فرصة للتفكير والتخطيط والتعديل ومراجعة الأداء، ثم آن الأوان لأن تترسخ إرادة جديدة تتماشى مع المشروع الإصلاحي.

إننا إذ احتفلنا بمرور خمس سنوات على انطلاق المشروع الإصلاحي والتوقيع على ميثاق العمل الوطني في يوم 14 فبراير/ شباط، لنا أن نتساءل... بعد مرور السنوات الخمس على أكبر مشروع إصلاحي تشهده بلادنا في تاريخها، ما الذي تحقق؟ وما الذي ينقصنا؟ وهل أثبتنا لجلالة الملك أننا كفوؤن للقيام بهذه المهمة معاضدين ومساندين؟

على مستوى أداء المسئولين في الحكومة، فإن هناك الكثير ليقال والكثير الكثير ليتلى وليناقش بصراحة وحرية. وبالمناسبة، يمكن أن أسوق مدخلاً قد يكون مناسباً، وهو أنني كمواطن، شعرت بالحزن الشديد مما يتناقل من أنباء وأقاويل بشأن رغبة وزير شئون البلديات والزراعة علي صالح الصالح في الاستقالة، وجلست برهة صامتاً أفكر. أمثل هذا الرجل الذي ما أن يجلس في منصب إلا وأثبت وجوده ولمساته فيه قبل أن يمضي؟ ماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن الأوان قد آن للنظر في إعادة هيكلة وزارة البلديات والزراعة بعد سنوات من الأخطاء المتراكمة والثقيلة والتي جاء الصالح بمنهجه المعروف ليزيح جبال الأخطاء فواجه جبالاً أخرى تقف في وجهه لتعطل حركته؟

هل نعي جيداً ماذا تعني وزارة البلديات؟ وقطاع البلديات؟ لمن يريد أن يحصل على إجابة سهلة ممتنعة فلينظر إلى القمة: البحرين، هي أول دولة أجرت انتخابات بلدية حرة في العشرينات من القرن الماضي. البلديات هي القطاع الحيوي الأكبر الذي كان رافداً من روافد التنمية في البحرين. كل شبر في البلاد، سر وانظر يميناً وشمالاً، ستجد فيه للبلديات عنواناً ولمسة ولائحة. هل يمكن أن تغفل هذه الوزارة؟ أليس حراماً أن تتقاطع الطرق أمام الصالح لتمنعه من مواصلة الطريق؟

بودي أن يتم تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة الأسباب في أي قطاع، وأن يتم استبعاد المسئولين الذين يمثلون في الحقيقة رمزاً للبيروقراطية والتخلف والفساد، لكي تزال العصا الغليظة من العجلة فتنطلق بكل سرعتها، ثم بعد ذلك، علينا نحن كمواطنين أن نعرف: من نرشح ومن نختار لانتخابات المجالس البلدية الوشيكة. فإذا كنا قد (تورطنا في مجموعة من الأعضاء البلديين الذي كانوا يطمحون للمنصب والراتب)، فلا عودة لترشيحهم ولنكن أذكياء ومستقلين في اختيارنا ولا ننخدع بالشعارات. فالمجالس البلدية، أثبتت أنها أزمة طوال السنوات الأربع الماضية ولا داعي للتفصيل في هذا الجانب.

لقد أكد صاحب الجلالة أنه لا بقاء لوزير أكثر من 4 سنوات، وأن الوزير الذي سيظل في منصبه لأربع سنوات إضافية فهو فعلاً (طاقة خارقة)، وفي كلام مليكنا رفع لمعنوياتنا وانعاش لأفكارنا وطموحاتنا، فقد واجهنا مصاعب كثيرة بسبب عدد من المسئولين والمتنفذين الذين عطلوا الكثير من البرامج. ولا نبالغ حينما نقول (خربوا) الكثير من المشروعات والخطوات التي كانت ستحقق لبلادنا السبق في قطاعات اقتصادية واستثمارية كبرى، ومع ذلك وجدناهم وكأنما هم يضحكون لنجاحهم في خططهم وفشلنا في مساعينا؟! ثم يبقون في مناصبهم... إنها مصيبة حقاً!

كلام مليكنا رفع رؤوسنا، ونحن كلنا ثقة في أن هذه التوجهات الحكيمة ستنهي فصلاً من المعاناة مع عقول مغلقة جلست على مقاعد وثيرة وتحكمت في قنوات مهمة، وهي في ظنها تعتقد أنها تخدم البلد.

آن الأوان لأن تلعب يد الصرامة والضبط والنظام دورها في اختيار الصالح وإبعاد الطالح، فلايزال أمامنا متسع من الوقت قبل أن يفوتنا الكثير من الفرص.

العدد 1282 - الجمعة 10 مارس 2006م الموافق 09 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً