العدد 1291 - الأحد 19 مارس 2006م الموافق 18 صفر 1427هـ

هل يصبح مجلس النواب صبيرة طومسون؟

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

يذكر مؤلفا كتاب التبشير والاستعمار، أن رجلا أميركيا اسمه طومسون (ربما عاش بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر)، زار لبنان فقدم إليه أحد الصبية اللبنانيين ما يطلق عليها صبيرة، وهي ثمر شجر الصبار، وهذه الثمرة تتكون في داخلها من بذور كثيرة جدا، ولأن الرجل لا يعرف كيف التعامل مع هذه الثمرة، أخذ ينقيها من البذور، ولما نقى منها كل بذرها لم يبق في يده منها شيء يأكله.

المعروف أن السلطة التشريعية وبسبب دستور 2002 يستحيل عليها أن تشرّع قانوناً واحداً من دون رضا الحكومة، غير أن ما بقي لهذه السلطة والمتمثل في المراقبة والمحاسبة عن طريق استجواب الوزراء ربما يكون في طريقه إلى الزوال أيضاً... كيف؟

خلال السنوات الأربع من عمر هذا المجلس قامت الحكومة بتحويل بعض الوزارات أو مهمات بعض الوزارات إلى مجرد هيئات، حتى وزارة الصناعة التي تتحمل مسئولية الثروة النفطية والتي تشكل 73 في المئة من الإيرادات الفعلية للمملكة تم تحويلها إلى هيئة يرأسها وزير الدولة عبدالحسين علي ميرزا. وبما أن المراقبة المساءلة عن طريق الاستجواب محصورتين بحسب الدستور في الوزراء، فإنه بمجرد تحويل الوزارة إلى هيئة حتى لو كانت تابعة إلى الحكومة، تنتفي هذه الوظيفة لمجلس النواب، وحينها ماذا سيبقى لهذا المجلس حين تدخله الأطراف الأخرى من المعارضة والتي تمثل الوحدات الأقوى فيها؟

الكل يتذكر جيداً الشراسة التي أبداها النواب عندما أرادت الحكومة وعلى ضوء استجواب وزير المالية السابق، فصل الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد عن وزيري العمل والمالية خوفاً من انتفاء إمكان المساءلة والاستجواب مستقبلاً، والحكومة الآن تريد أن تفصل هيئة إصلاح سوق العمل عن الوزير، والنواب يرفضون ذلك، وقريباً وبعد أن يتم بيع مصائر العباد للشركات الأجنبية فيما يتعلق بإنتاج الكهرباء والماء، والذي بدأ ببيع محطة الحد التي تنتج 50 في المئة من القدرة الكهربائية و60 في المئة من المياه المحلاة لشركات أجنبية بالكامل وليس بمجرد إدارتها، سيتم تحويل وزارة الكهرباء لمجرد هيئة أيضاً مهمتها تنحصر في الإشراف على توزيع الإنتاج على المواطنين.

السؤال المهم: في المستقبل القريب لو أرادت الحكومة فصل كل هذه الهيئات عن الوزراء والوزارات، هل يوجد نص دستوري أو قانوني يمنع الحكومة من ذلك؟ هل يوجد نص يمنع الحكومة من فصل الهيئات بحيث لا تكون تابعة إلى وزير؟ إذا لم يوجد، فإنه لن تقع أرجل المقاطعين - سابقاً - المشاركين قريباً في مجلس النواب إلا وقد أصبح صبيرة طومسون لا محالة

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1291 - الأحد 19 مارس 2006م الموافق 18 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً