العدد 1312 - الأحد 09 أبريل 2006م الموافق 10 ربيع الاول 1427هـ

الذمة المالية لـ «الوفاق» إنجاز يستحق الإشادة

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تسعى «الوفاق» من خلال قانون الجمعيات السياسية أن تسهم بدرجة كبيرة إلى تنضيج التجربة السياسية في البحرين، من خلال التحول العملي إلى حزب، وأن تعمل على إرساء الثقافة الحزبية بين أعضائها، وأن تمارس العمل السياسي والمؤسساتي بحرفية تامة. وهذا بطبيعة الحال تحد كبير أمام «الوفاق»، وعليها أن تبرهن للجميع مدى قدرتها وحنكتها السياسية لتجاوز هذه التجربة باقتدار وكفاءة عالية. ويبدو من خلال المشاهدات العامة ولاسيما المتتبع لتحركات «الوفاق»، أن هناك فعلاً تطورا واضحا للعيان لـ «الوفاق»، على جميع الأصعدة، ويتضح ذلك بجلاء من خلال الهيكلة الحزبية الجديدة التي نجحت «الوفاق» من خلالها أن تستقطب وتحتضن الكثير من الكفاءات والكوادر، سواء على مستوى الأمانة العامة أو في مجلس شورى الوفاق أو في هيئة التحكيم أو حتى في الدوائر والمراكز واللجان والأقسام أو في فرق العمل المختلفة.

ويبدو أن «الوفاق» استفادت كثيرا من التجربة باتجاه تفعيل وتوظيف قدرات الكوادر الوفاقية الفاعلة، ومن بين ما يستحق الإشادة به فعلاً ما تنوي «الوفاق» تطبيقه وتفعيله كسابقة لم يعهد لها مثيل، لائحة الذمة المالية، والتي من المؤمل أن تسري أحكامها على كل من: رئيس وأعضاء الأمانة العامة، رئيس وأعضاء شورى الوفاق، رئيس وأعضاء هيئة التحكيم، وممثلي الوفاق في المجالس البلدية، وممثلي الوفاق في المجالس النيابية، إذا ما شاركت «الوفاق» في الحياة النيابية.

تأتي هذه اللائحة في الوقت التي يتم مناقشة قانون «من أين لك هذا» في المجلس النيابي، لائحة الذمة المالية تتضمن الكثير من المواد والبنود، كما تتضمن الاستمارة الكثير من البيانات المهمة، التي تعد بمثابة المؤشر المالي الحقيقي للعضو العامل في «الوفاق» في المراكز والمواقع الحساسة. وبالتالي فإن أية قراءة تشير إلى ارتفاع في ترمومتر الحال المالية أو أي تحسن في الوضع المالي للشخص ومصادر دخله فإن ذلك يعطي انطباعا غير حسن، وبالتالي إمكان تعرض الشخص إلى كشف الذمة المالية.

الاستمارة التي تنوي «الوفاق» اعتمادها على أعضائها العاملين تتضمن الكثير من البيانات التي تتعلق بمعلومات دقيقة عن دخل الشخص وعائلته، إلى جانب معرفة أملاكه الشخصية وأملاك عائلته والديون المدان بها، وفي سبيل تحقيق ما تصبو إليه فإن ذلك يتطلب تشكيل لجنة تتابع مسألة تلقي استمارات كشف الذمة المالية ومتابعة المتخلفين منهم والاحتفاظ بها في مظاريف خاصة وبشكل سري لا يمكن لأحد الاطلاع عليها، والاحتفاظ بها وفحصها والتدقيق عليها ومطابقتها مع الواقع في حال تلقي اللجنة أية شكوى تتعلق بالعضو المشتكى عليه، ويتم تجديد البيانات من جديد كل عامين، بحيث يتم مراقبة حال ووضع كل شخص تسري عليه هذه اللائحة ومحاسبته فيما لو تبين أن هناك حالة من الثراء لحقت بالشخص أو بزوجته أو بأحد أولاده الذين يعولهم، وكانت لا تتناسب مع مواردهم المالية أو تمت زيادة دخله بشكل يفوق الـ 30 في المئة، نتيجة استغلال المنصب أو الموقع الذي يحتله، فإن هذا الوضع يبقى مثار محاسبة من قبل اللجنة المعنية، وعليه يجب أن يبرر السر وإثبات الغاية في ذلك، وإلا ينطبق عليه مبدأ الكشف عن الذمة المالية، ويكون ذلك عمليا بوجود لجنة رفيعة المستوى، وبدورها عليها أن ترفع تقريرا خاصا بتلك الزيادة إلى هيئة التحكيم بـ «الوفاق»، وهي السلطة القضائية التي تعمل على الفصل وإصدار الأحكام بشأن المتهمين، بحسب النظام الأساسي لـ «الوفاق»؛ لتطبيق أنظمة الجمعية على العضو المشتبه فيه، وبحسب اللائحة الداخلية لأحكام الذمة المالية للوفاق، فإنه تسقط دعاوى الإثراء غير المشروع بانقضاء سنتين من تاريخ انتهاء منصب أو صفة من يخضع لأحكام هذا القانون ما لم يكن التحقيق قد بدأ قبل ذلك التاريخ.

وعليه سيكون من الصعوبة بمكان استغلال العضو موقعه أو مكانته في سبيل تحقيق ثروة طائلة، بل ستكون الذمة المالية عائقا عمليا تقطع الطريق لمن تسول إليه نفسه وحاجزا من الصعوبة بمكان كسره أو النفاذ منه. وعليه يبقى من السهولة بمكان تعزيز وتوظيف الإخلاص والأمانة والصدق قولا وفعلا، وبالتالي على الجمعيات السياسية الأخرى أن تحدو حدو «الوفاق» في مسألة كشف الذمة المالية، وخصوصا أن «الوفاق» من الجمعيات الإسلامية، وربما لا تكون بحاجة ماسة إلى آلية كهذه لضمان الأمانة المالية، على اعتبار أن هناك الوازع الديني ولكن يبقى الحرص والثقة عاملين مهمين في العمل التطوعي، في سبيل وضع السدود أمام الجهات التي تحاول أن تشري النفوس الضعيفة بالأموال. وبالتالي لا يعد أمر الهبات والرشاوى المتبعة في فترة من الفترات أحد الطرق السهلة التي قد تسعى بعض الجهات الرسمية أو المغرضة الاستفادة من هذه الورقة في سبيل تمرير بعض الأفكار أو الدعاوى المشبوهة.

كاتبة بحرينية

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 1312 - الأحد 09 أبريل 2006م الموافق 10 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً