يقال: «شر البلية ما يضحك»... ربما يكون هذا أقل ما يمكن أن يكتب عن القانون الذي خرج من بيت الحكومة لمنع المحكومين من القيد في الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة!

وتترامى رزم من الأسئلة المحيرة فعلا لعدم وجود مبرر واضح لطرح هذا المقترح، خصوصا في هذه الفترة؛ فما المغزى منه؟ ولماذا يستهدف المحكومين بقضايا جنائية أو المحبوسين لمدة من 6 شهور أو أكثر؟ والغريب أن المقترح يشمل حتى من صدر في حقهم عفو خاص! وربما نرجع قليلا إلى المحكومين بالإعدام في فترة التسعينات وهم فئة تشملهم بنود القانون المرفوع!

وما يبعث على الاستغراب أكثر، هو جعل القانون فضفاضا فيما يتعلق بفترة الحبس، إذ جاء فيه «من حبس 6 شهور أو أكثر» وترك المشرع المجال مفتوحا، فلم يذكر نوع جنحة المحبوس، فهل هو محبوس سياسي أو جنائي، ما يترك الباب مفتوحا لإدخال أي شخص من «المغضوب عليهم» تحت جناح من أجنحة القانون!

وهناك من يرى أن القانون المطروح تحت قبة البرلمان موجه بشكل أساسي إلى رموز المعارضة، لا سيما أن كثيرا منهم ينوي الترشح ودخول معترك البرلمان، بعد أن أعلنت الجمعيات السياسية المعارضة الرئيسية في البحرين نيتها دخول التجربة البرلمانية ومحاولة التغيير من الداخل.

ولا يختلف اثنان على أن بعض رموز المعارضة أو من يدخلون تحت مظلة هذا القانون - المجحف - سيحرم البحرين من كفاءات وطنية لا يشكك أي أحد في وطنيتها، وسيكون ذلك بمثابة ضربة قاصمة إلى مشروع جلالة الملك الإصلاحي، كما أن السلطة أكدت في كثير من المحافل ضرورة وجود معارضة ومعارضين، لأن الجو الديمقراطي والحرية يتطلبان ذلك، فليس من المعقول وجود حكومة أو مدينة فاضلة في أي مكان من العالم، ولولا وجود المعارضة لما ارتفع سقف الحريات أصلاً، وهو ما يجري ويحصل في كل مكان...

نعود إلى مدينة أفلاطون الفاضلة في عجالة، ونتساءل: هل تنوي الدولة أن تؤسس هذه المدينة الذي فشل كثيرون في تشكيلها؟ هل تنوي تطبيق نظرية أفلاطون في رمي الشيبة والمعوقين والمجانين وغيرهم ممن لا فائدة ولا طائل من وجوده - بحسب نظر أفلاطون - وهذه المرة ستكون مدينة فاضلة من الناحية السياسية طبعا!

وماذا عن معاقبة المحكومين بمرور عشر سنوات من صدور الحكم حتى فترة السماح بالترشح أو الانتخاب مرة أخرى، ألا يكفي ما ناله المحكوم من عقاب؟ وماذا عن العشر سنوات، وأي قانون يجيز ذلك، فحتى المذنب بأكبر الذنوب يجد باب التوبة والغفران من الله في أقل من هذه المدة