العدد 135 - السبت 18 يناير 2003م الموافق 15 ذي القعدة 1423هـ

خلافات جديدة تعصف بموعد اجتماع أربيل للمعارضة العراقية

مهدي السعيد comments [at] alwasatnews.com

برزت خلافات جديدة بين فصائل المعارضة العراقية أثناء التحضيرات الجارية لعقد اجتماع لجنة التنسيق والمتابعة في أربيل منتصف الشهر الجاري بناء على قرار اتخذه مؤتمر لندن الأخير، الأمر الذي دفع الجهات المعنية بتنظيم الاجتماع وهي الأطراف الكردية والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية الى تأجيل عقده مرتين متتاليتين، حتى أُعلن أخيرا أنه سينعقد في 22 من الشهر الجاري، مع تشكيك بعض الأعضاء في هذه اللجنة في إمكان عقده في الموعد الجديد المقترح.

وتركزت الخلافات على موضوعات كثيرة، من بينها موضوع «الفيدرالية الكردية» التي اعتبرها البعض أنها تمهد لانفصال كردستان عن الجسم العراقي مادامت تأتي بمعزل عن استفتاء جماعي لعموم الشعب العراقي وليس لمجرد ما يريده الزعماء الأكراد في ظل هذه الظروف التي يواجه فيها العراق أزمة خطيرة للغاية، إضافة الى الخلاف الذي اندلع عن وجود بعض الأسماء غير المرغوب فيها في قائمة «لجنة التنسيق والمتابعة» والتي اقترحها السيد مسعود البارزاني في مؤتمر لندن، لأن هذه الأسماء بحسب رأي المعارضين لها سبق أن ساهمت في أثناء وجودها في السلطة في قمع المعارضين لنظام بغداد، ولا يكفي انضمامهم لاحقا الى صفوف المعارضة العراقية لوضعهم في الواجهة السياسية.

بيد ان أبرز الخلافات التي ظهرت الآن، هو موقف المجلس الأعلى للثورة الإسلامية من سياسة واشنطن تجاه الشأن العراقي المعارض، إذ تزامنت التحضيرات الجارية لاجتماع أربيل مع زيارة قام بها عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة الإسلامية في العراق أبو أحمد الجعفري لواشنطن ولقائه المسئولين الأميركان في وزارة الخارجية والدفاع والأمن القومي، الأمر الذي اعتبره المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الغريم التاريخي لحزب الدعوة محاولة أميركية للالتفاف على الاصطفاف الذي جرى في مؤتمر لندن والذي تبوأ فيه المجلس الأعلى مركز المنسق للفصائل الإسلامية وأصبح أول تجمع عربي في التشكيلة السياسية بعد الأكراد يمثل الغالبية العربية.

ويفسر حامد البياتي ممثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في تصريحاته الأخيرة بأن واشنطن تريد ان تفرض اجندتها على اجتماع أربيل، وان المسئولين الأميركان بمن فيهم مستشار الرئيس بوش لشئون المعارضة العراقية خليل زاد الذي التقى هو الآخر مع أبو أحمد الجعفري في واشنطن ليس من حقهم التدخل او توجيه اجتماع أربيل أو أي اجتماع تعقده المعارضة العراقية، وهذه لهجة جديدة بدأت تظهر في خطاب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية تزامنا مع زيارة الجعفري لواشنطن، إذ لم يعترض المجلس على وجود خليل زاد في مؤتمر لندن وطرحه قائمة أسماء لجنة التنسيق والمتابعة إضافة إلى توجيهات أخرى في حينها.

ومعلوم أن هناك حالا من الصراع والافتراق بين المجلس الأعلى وحزب الدعوة الاسلامي، وان الأخير لم يشارك في مؤتمر لندن وأبدى ملاحظات وتحفظات كثيرة على طريقة عقد المؤتمر وموضوعات النقاش والوثائق المطروحة عليه، الأمر الذي ترك الساحة مفتوحة للمجلس الأعلى للسيطرة على شئون المؤتمر وتمثيله للقوى الاسلامية فيه.

أما الآن فان أبا أحمد الجعفري مازال موجودا في واشنطن إذ عقد مؤتمرا صحافيا بعد انتهاء اجتماعاته مع المسئولين الأميركان، وأشار في هذا المؤتمر إلى وجهات نظر حزب الدعوة ولكنه لم يشر إلى الاتفاق الذي قالت عنه أوساط عليمة انه سيبقى في طي الكتمان طبقا لمطلب حزب الدعوة.

وتشير بعض المصادر القريبة من المؤتمر العراقي بزعامة أحمد الجلبي إلى أن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية يشعر بامتعاض وغضب لدور رئيس المؤتمر أحمد الجلبي الذي سبق أن زار طهران والتقى رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية السيد باقر الحكيم قبيل مؤتمر لندن واتفق معه على تنسيق الادوار والأعمال واقتسام النتائج حالما يشارك المجلس في المؤتمر، ولما تم ذلك وتمخض المؤتمر عن هذه النتائج، أدار الجلبي ظهره للمجلس واتصل بحزب الدعوة وسهل زيارة أبو أحمد الجعفري لواشنطن وهيأ للقائه المسئولين الأميركان وطمأن قيادة الدعوة في الابقاء على هذه الاتصالات بصورة سرية، ولكن حالما انتهت هذه اللقاءات نشر الخبر وطلب من أبو أحمد الجعفري عقد مؤتمر صحافي لتوضيح ما تم اجراؤه.

وعلى ضوء ذلك فان مصادر عليمة في قيادة المعارضة العراقية تؤكد أن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية سيقاطع اجتماع اربيل في كل الأحوال، وخصوصا إذا تأكد من مشاركة حزب الدعوة فيه، وبذلك سيصبح الأمر في غاية الصعوبة أمام القوى الكردية المتحمسة لعقد هذا الاجتماع لانتزاع موافقة الأطراف المشاركة على «الفيدرالية» المقترحة.

وتحدثت المصادر بأن حركة الوفاق العراقي هي الأخرى سوف لن تحضر اجتماع اربيل لوجود ملاحظات جدية لديها على نتائج مؤتمر لندن، ومن المؤمل أن ترفع الحركة مذكرة إلى أطراف اللجنة التحضيرية تعلن فيها اعتراضاتها على مؤتمر لندن وكذلك اجتماع اربيل.

وإذا ما غاب المجلس الأعلى وحركة الوفاق فان معظم اعضاء اللجنة سوف لن يحضروا أيضا لأن المؤيدين لهما سيمتنعون عن المشاركة، وبذلك سيكون من باب المستحيل عقد الاجتماع المرتقب في ظل الظروف هذه، إلا إذا تدخلت الإدارة الأميركية بقوة وبضمانات محددة لكل طرف من هذه الأطراف. ومع تزايد القناعة بأن الموعد المحدد أخيرا سيؤجل أيضا، فان الأطراف الكردية تحاول تبرير هذا التأجيل بأسباب فنية أو أمنية، مشيرة إلى أن الإجراءات الجارية حاليا من قبل وزارتي الداخلية والأمن في كردستان تواصل عملها لتأمين سلامة المشاركين بعد أن أرسل صدام حسين رسالة أولية إلى القيادات الكردية بأنه سيتخذ الاجراءات المواتية لمنع انعقاد الاجتماع، ومفاد هذه الرسالة التي أحدثت ضجة واضطرابا بين المواطنين الأكراد، قيام السلطات المركزية في بغداد بغلق نوافذ الاتصال الحدودية مع كردستان العراق وقطع تمويل المنطقة الكردية بالبانزين والغاز، وعدم السماح للشاحنات أو السيارات بالدخول أو الخروج من وإلى المناطق المحاذية. ومن المؤكد أن الأيام القليلة المقبلة ستكشف وبشكل واضح عما سيجري في ساحة المعارضة العراقية أو ساحة النظام الحاكم، ارتباطا بالتطورات المتسارعة التي تواجه القضية العراقية، وخصوصا في احتمالات اندلاع الحرب وانتقال هذه القضية إلى مرحلة أخرى متقدمة قد تكون حالا جديدة لفتح أبواب الصراعات ولكن بطريقة أخرى ليست الطريقة المألوفة حاليا

العدد 135 - السبت 18 يناير 2003م الموافق 15 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً