العدد 1360 - السبت 27 مايو 2006م الموافق 28 ربيع الثاني 1427هـ

فلنتحلَّ بالمبادرة

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

عندما ننظر إلى نسب العاطلين في البحرين، ونكتشف أن ثلاثة أرباعهم من النساء، لابد أن يعطينا الأمر مؤشراً ولو بسيطاً على وجود خلل ما، في مكان ما، تسبب في وجود كل هذه النسبة من العاطلات.

قضية العاطلين، قضية شائكة معقدة وقديمة أيضاَ، فلطالما ارتفعت تلك الأصوات مرارا وتكراراً تجأر بالشكوى من طاقتها المعطلة، ومستقبلها الذي لا تستطيع أن ترسم معالمه أو تتنبأ به.

وكان المراقب يعتقد، مثلما اعتقدت وزارة العمل بالضبط، أن نسبة العاطلين الذكور تفوق الإناث. غير أن الأرقام التي جمعتها وزارة العمل عبر مشروعها الوطني للتوظيف، أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الإناث يشكلن نحو ثلاثة أرباع نسب العاطلين في البحرين، وهي نسبة مخيفة، وتحمل مؤشرات عدة، ويجب التعامل معها بحذر وعناية.

الوزارة تفسر ارتفاع هذه النسبة بعدة عوامل أولها فتح المجال لربات البيوت للتسجيل في المشروع الوطني للتوظيف، وهو الأمر الذي ربما رفع فعلاً النسبة، ولو قليلاً، لكنه بأي حال لن يكون المبرر الرئيسي، فمادامت هؤلاء النسوة يبحثن عن عمل، فمن حقهن التسجيل في المشروع، حتى لو لم يعتبرن عاطلات «اصطلاحاً»، فربة المنزل تقوم فعلاً بعمل تساهم به حتى في الناتج الوطني الإجمالي كما يثبت الاقتصاديون.

فإذاً، على رغم كون العاطلات ربات بيوت، أو كبيرات في السن، أو لم يخططن جيداً لدراستهن الجامعية فاخترن تخصصاً لا شاغر له في سوق العمل، أو كن «ضعيفات» في الدراسة حتى توقفن عند الدبلوم فلم يتمكن من تجاوزه، أقول على رغم هذا كله، نجد نسبة الثلاثة أرباع أيضاً مرتفعة، ومرتفعة جداً.

تذكر إحصاءات وزارة العمل الأخيرة أن غالبية العاطلين من الذكور هم في سن الشباب، ومؤهلاتهم العلمية هي الثانوي فأقل، وتؤكد التقارير التابعة إلى تلك الإحصاءات أن توظيف العاطلين الذكور بالتالي «ليس مشكلة إطلاقاً»، فمن السهل جداً توفير وظائف لهذا النوع من الباحثين عن عمل، فهم في سن مناسبة، كما أن تعليمهم المتواضع يعطي المجال لتوفير عدد كبير من الوظائف من دون اشتراطات عالية.

وفي المقابل، تشكل العاطلات الإناث، وهن ثلاثة أرباع أعداد العاطلين، صعوبة بالغة في إيجاد الحلول لبطالتهن، فهم منقسمات إلى فئات مختلفة، عمرياً وتعليمياً وحتى «اجتماعياً»، ما يخلق تعقيداً أكثر للمشكلة يجعل الوزارة مضطرة إلى العمل على إيجاد حلول متعددة الوجوه لاستيعاب جميع الحالات على اختلافها.

وعلى رغم انتشار موضوع البطالة النسائية في دول متعددة، أقربها المملكة العربية السعودية، فإن أبعاد المشكلة هناك تختلف قليلا عن أبعاد المشكلة هنا، فنجد هناك عوائق تتمثل في رفض الفتيات أماكن العمل المختلط مثلاً، وهو الأمر الذي لا يشتكي منه بشكل واضح مجتمعنا البحريني، إلا أنه عدا ذلك، فالمشكلات هي هي، فمن عدم ارتباط التخصصات الجامعية بسوق العمل، إلى الواسطة التي تنخر كالسوس في مجتمعاتنا مفضلة البعض في التوظيف على حساب الآخر ليس بمقياس الكفاءة وإنما بمقاييس أخرى، وصولاً إلى افتقار كثير من العاطلات إلى المهارات التي تمكنهن من العمل، وأخيراً موقف «التمييز» الذي يتبعه معهن القطاع الخاص لصالح الذكور.

ما هو الحل لمشكلة «البطالة النسائية» إذاً؟ بطبيعة الحال لا يوجد حل «سحري» تتحمله جهة واحدة، فجهات متعددة عليها أن تساهم في هذا الحل قليلاً أو كثيراً، يتحمل المجتمع فيها المسئولية الأولى، من خلال نظرته وتفهمه لعمل المرأة ومساهمتها في المجتمع، والقطاع الخاص عبر استيعابه للمرأة وعدم التمييز بينها وبين الرجل في أي من حقوق العمل، والحكومة عبر الاهتمام بإيجاد وظائف مناسبة للنساء وإدخالهن في شواغر القطاع العام. وربما يعتبر الحل الأهم في يد العاطلات أنفسهن، والعاطلين أيضاً، بتحليهم جميعاً بالمبادرة، والبدء بخلق أعمالهم الخاصة، ولو كانت صغيرة، لأنها بالضرورة ستكبر يوماً ما.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1360 - السبت 27 مايو 2006م الموافق 28 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً