العدد 1365 - الخميس 01 يونيو 2006م الموافق 04 جمادى الأولى 1427هـ

مسجد «الراهب»... عنوان التسامح البحريني

عبدالله مطيويع comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في قرية الدير شمال المحرق مسجد مميز ليست له منارة. قبل نحو عاماً، كانت المساحات الواقعة شمال المحرق أفضل الأماكن لصيد الطيور «طيور الفلة» أي الفلاء، ولهواية صيد الطيور مزايا كثيرة كما هي مهنة (الحداك)، فهي تعلم الصبر والتأني والجلد أيضاً. وكان في تلك البرية موقع ناء ومحاط بقدسية تكاد تكون سرية في نفوس أهل تلك القرية المسيحية قبل الإسلام، وكما يدل اسمها عليها «الدير»، أو «دير» قبل إضافة الألف واللام.

ويقول كتاب «سماهيج عبر التاريخ»، الذي بذل فيه المؤلف سلمان داوود وآخرون، جهداً أميناً وموثقاً بالأرقام والصور وأقوال الرواة الموثوقين والموثقين، ونشره نادي سماهيج. يقول عن هذا المبنى (المقدس) الذي كان مقدساً لدى مسيحيي البحرين قبل الإسلام، وللمزيد من الدلالة على هذا المكان، كان مستشفى الإرسالية الأميركية لا يتقاضى مصاريف الولادة من نساء قرية الدير حتى السبعينات (أي استقلال البحرين)، وكذلك كان يوم ديسمبر / كانون الأول (ذكرى ميلاد المسيح) عطلة رسمية. بل الملاحظ أن عدداً كبيراً من أبناء قرية الدير اسمهم عيسى!

ويقول أبومحمود الذي زودني بصورة نادرة لذاك الدير، بعد أن تم تحويله فيما بعد إلى مسجد، ونلاحظ هنا الأمانة التاريخية والتسمية للدير حين تحول إلى مسجد، فأسموه «مسجد الراهب»، ولايزال اسمه كذلك. ملاحظة واحدة استوقفتني منذ عاماً، إن المسجد ليس به منارة. فنادرا ما نرى مسجداً يصلي فيه المسلمون بلا منارة، واسمه «مسجد الراهب». أي رقي وحضارة وفهم وتفاهم ونبذ للفرقة؟ أي تسامح ترى كان بين شعب البحرين... مسلمين ومسيحيين ويهود؟

أتمنى مخلصاً أن يتولى تلفزيون البحرين عرض وإعادة عرض وعمل حلقة خاصة لفيلم الناصر صلاح الدين، والوقوف عند أهم اللحظات الحاسمة في فتح القدس، حين أوقف صلاح الدين الأيوبي الهجوم لاستعادة القدس لأن قائد الجيش كان اسمه عيسى، وكان مسيحياً شرقياً، وقد انتقد صلاح الدين الأيوبي نقداً ليس له مثيل، ترى هل يعقل أن يخرج علينا اليوم من لا يرتقي حتى إلى نعل صلاح الدين الأيوبي ليعلم شعب البحرين، وينيب عن شعب البحرين، ويتحدث عن إسلام شعب البحرين، ووطنية شعب البحرين، وتسامح شعب البحرين؟ هذا الشعب الذي كان يقظا دائماً.

كان المسجد يوماً ما ديراً، اتخذه أحد الرهبان مكاناً للاعتزال حين اختلف قليلاً مع جماعته، كما فعل الحسن البصري رأس المعتزلة في القرن الرابع الهجري، والذين ساهموا في نشر الإسلام بالعقل لا بالنقل

إقرأ أيضا لـ "عبدالله مطيويع"

العدد 1365 - الخميس 01 يونيو 2006م الموافق 04 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً