العدد 1400 - الخميس 06 يوليو 2006م الموافق 09 جمادى الآخرة 1427هـ

انتخابات الكويت... «برتقالية» نبيها لعيالنا! (-)

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تقارب مضمون خطب الحملات السياسية وكشف عن رغبة مستميتة في كسب أصوات الشباب والشابات وإثارة حميتهم للمشاركة ومنح أصواتهم لمن يدافع عن شعار وأهداف حركتهم البرتقالية، من أبرز تلك الشعارات: «نبيها للكويت»، «الكويت نبيها لعيالنا»، من دائرة الأحرار: «نبيها لعيالنا»، الأمة ، «للكويت كلمة»، «لنعيدها كما كانت»، «البيعة للكويت وليس لبيعها»، «لابد لنا من مستقبل»، «نبيها تحالف»...الخ من الشعارات التي اتسمت بألوان زاهية تداخلت بدقة وعناية لم تخطئها اللمسات الفنية للمتخصصين الإعلانيين، وكانت مؤشرا ودلالة على غالبية التوجهات والاتجاهات والشعارات والبرامج الانتخابية ولا ريب أنها عبرت عن رغبة في الإصلاح السياسي والاقتصادي، فضلاً عن مظاهر أزمة حقيقية بارزة ما بين الحكم وغالبية الشعب الكويتي. أزمة من أبرز مظاهرها الفساد المالي والإداري الذي يخطط لاستنزاف النفط وعائداته كما ذكر أحمد الخطيب، إضافة إلى التلاعب بالجداول الانتخابية ونقل القيد حسب برلماني معارض سابق، فالأزمة كما تراها المعارضة السياسية الكويتية تعكس حاجة ملحة لقرار إداري رسمي ومبادرة تاريخية يساهم فيها كل من الحكومة والشعب.

وتردد الحديث والتأكيد والتذكير مراراً وتكرراً على المادة () من الدستور التي يعترف فيها الكويتيون بحكم آل الصباح، وتم التذكير في الوقت ذاته بما يقابلها من مادة رقم () التي تؤكد ان نظام الحكم في الكويت ديمقراطي والسيادة فيه للأمة، وان أعضاء مجلس الأمة مفوضون لممارسة هذه السيادة على الوطن وثرواته.

ولم تخلو شعارات أي حملة انتخابية من إضافة اللون البرتقالي (رمز الشباب) بدرجة وأخرى، كما ان البعض استأجر عربات البوظة لأشهر الماركات العالمية لتوزيعها على المقترعين في الطرقات القريبة من المراكز الانتخابية، وآخر وضع تحت تصرف الشباب والشابات أشهر المقاهي الأميركية التي وزعت عليهم البوظة والمرطبات مجاناً كدعاية انتخابية، ناهيك عن مظاهر الصرف والبذخ المتنوع لبوفيهات الأطعمة الليلية التي تقدم ما لذ وطاب وكأن الناس في حال احتفال بليالي أعراس مستمرة في خيام المترشحين التي تميزت ما بين و نجوم، تكييف وإضاءة وميكروفونات وشاشات عرض إلكترونية وخدمة فندقية ومداخل خاصة للنساء وأخرى للرجال.

باختصار... الحملات الانتخابية الكويتية مكلفة مادياً، وفاقت حدود المعقول، بيد ان أعقدها ما تردد الحديث عنه في غالبية الخيام والديوانيات عن ظاهرة شراء الأصوات والذمم، ذلك الشأن الذي لا يستهان به في قلب الموازين، ويشكل في الوقت نفسه مدخلا لدراسة إنثروبولوجية لهذا السلوك وتأثيره الضار على المجتمعات.

نتائج الانتخابات، إلى أين؟

إذاً، جو الكويت العام كان يغلي على مراجل الخطابات السياسية اللاهبة، وهي خطابات ساخنة أشارت من دون لف أو دوران إلى أسماء المفسدين والأرقام، خطابات لا تهاب القمع، وصحافة لم تكتف بنقل ما يدور من نقاشات في المراكز الانتخابية «فكل شيء على المكشوف»، بل إنها ساهمت في تشكيل وتوجيه الرأي العام الكويتي الجمعي، وذلك بالدخول في آلية ضخ وتلقي مبالغ الإعلانات عن المترشحين وبرامجهم.

وثمة ما يشعرك بشدة، أن ارتفاع لهيب طقس الكويت المطرد قد اثر على شدة ارتفاع حرارة موقف المواطن الكويتي ودفعه إلى الإصرار في الدفاع عن مكتسباته الدستورية وعدم التفريط بها، وبمستقبل أبنائه وبناته وثروات الوطن، لم لا وكل التحذيرات قيلت باحتمالية ضمور ثروة النفط مع منتصف القرن الجاري، لا سيما وان عائداته تكاد تمثل الدخل القومي الوحيد للبلاد. الصحافي الكويتي محمد الجاسم يدعو في مقاله التحليلي «سقوط الجنرالات»، إلى أهمية إعادة الاعتبار لسمعة الأسرة الحاكمة سياسياً وعدم خسارة رصيدها لدى شعب الكويت، وذلك بإبعاد شيوخ الفساد الذين حددهم بالاسم سواء من داخل العائلة الحاكمة أو المتنفذين، وألا تفرط العائلة الحاكمة في احترام الشعب الكويتي بالتلاعب في موضوع الدوائر الانتخابية، وأن تقوم بعملية تطهير سياسي لاسترداد ثقة الشعب، فذلك كما يراه يمثل معيار ومقياس احترام الأسرة الحاكمة لشعب الكويت.

درس تاريخي للبحرين

حقا إنه لدرس جريء، يستوجب من الحركة السياسية البحرينية الوقوف على تفاصيله وحيثياته، فنجاح الكويتيين في الدفاع عن مكتسباتهم ودستورهم يمثل مصباحا مضيئا للشعب البحريني يدفعه بإصرار إلى استرداد حقوقه الدستورية المنقوصة، هذا ما يفسر كثرة الحملات وزيارات وفود القوى السياسية والشخصيات الوطنية البحرينية للكويت منذ بدء الانتخابات الكويتية وحتى ظهور نتائجها.

تجربة الكويت تاريخية ومتراكمة بسبب نمط التفاهمات غير الاستبدادية في العلاقة ما بين الحكم والشعب، ما أفسح مساحات شاسعة لممارسة الحريات والتعبير بجرأة وتهذيب وثقة بالنفس بعدالة المطالبة بتطبيق بنود الدستور التعاقدي، ذلك ما يدعو من طرف متصل الحكم البحريني للوقوف طويلاً وربما بدرجة أكبر من المعارضة لدراسة هذه التجربة، وخصوصا إن كان الحلم مستمراً في تقديم تجربتنا البحرينية للعالم على انها تجربة رائدة ومميزة إقليمياً. فما أفرزته صناديق الاقتراع الشفافة وما سجلته أجهزة الكمبيوتر الكويتية «إذ عارض الشعب الكويتي الاقتراع إلكترونياً وبشدة»، فضلاً عن حضور ممثلين لكل المترشحين يراقبون سير العملية الانتخابية في قاعات التصويت، ما أعطى صدقية وثقة أكبر من قبل المواطن الكويتي بالعملية الانتخابية وآلياتها.

ماذا يعني ذلك؟ يعني بصراحة، إن على حكومتنا الرشيدة من الآن وصاعداً، الاستفادة من المظاهر الإيجابية وتجنيب خلق الله البحرينيين سلبيات من مثل شراء الذمم والأصوات، أو التزوير وانعدام الرقابة المحلية أو الدولية كجهات محايدة، وعدم التضييق على المترشحين في تسجيل أنفسهم في المناطق التي يرغبون الترشح فيها ولهم حظوظ الفوز بأصواتها، وأن تنأى بنفسها وبنضج عن التدخل المباشر في توجيه العملية الانتخابية المقبلة، فضلاً عن انها مطالبة بتفهم متطلبات المعارضة وبرفع درجة الصدقية والحرص على استرجاع ثقة المواطن البحريني التي تأسست ما بين العام - ، حتى يساهم في رفع اسم مملكة البحرين عالياً. «فسيدتنا الديمقراطية»، تعني فيما تعنيه ممارسة الشعب لسيادته على الوطن، واحترامه والاعتراف بحقوقه الدستورية والإنسانية من قبل الآخر. هذه هي سيدتنا الديمقراطية، سيدة الحقيقة النسبية التي نحترمها

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 1400 - الخميس 06 يوليو 2006م الموافق 09 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً