يمكنك أن تحول النصر إلى هزيمة، والفشل الذريع إلى نجاح ساحق، ويمكنك أن تغير وجهة نظر الأشخاص حتى فيما يرونه واضحاً أمامهم، ليفهموه بطريقة أخرى، يكفيك لكي تقوم بكل ذلك، أن تمتلك أجندة مسبقة، وإحدى الوسائل الإعلامية...

هذه هي القيمة الكبرى لوسائل الإعلام التي اكتشفت في الحرب العالمية الثانية، ثم بدأت تستثمر اطراداً في كل حرب تخاض، حتى أصبحنا نرى أن المنتصر في الغالب، هو من يمتلك وسائل إعلام أقوى، تستطيع أن تحول كل الحقائق لمصلحة طرف دون آخر، أو أجندة سياسية دون أخرى. دخلت وسائل الإعلام اللعبة على الدوام، ولم تعد المسألة مجرد نقل حقائق ومعلومات «مؤكدة» أو «متوقعة» عن نتائج العمليات الحربية، ونسب الخسائر، والضحايا البشرية، لقد تعدت ذلك بمراحل، لتربط بين هذه المعلومات، وتبرز بعضها دون آخر، لتحول المعركة ببساطة إلى بطولة، أو هزيمة.

ولأننا نعيش حوادث لبنان الدامية التي لا يمكن لأحد تجاوزها، يمكن أن يتضح لنا أن وسائل الإعلام العربية دخلت اللعبة «الإعلامية» ذاتها هي الأخرى كل بأجنداتها الخاصة: تلفزيونات وصحف عربية كبرى لها وزنها، آثرت إلا أن تشارك في الحرب بشكل يوضح مواقف «خاصة» ترتبط بمواقف ومصالح سياسية مختلفة. البعض حول ما يحصل في لبنان إلى هزيمة، والبعض الآخر حوله إلى بطولة، وما بين البطولة والهزيمة فارق شاسع، لا يشرحه إلا معاناة اللبنانيين، وصمودهم معاً