العدد 1419 - الثلثاء 25 يوليو 2006م الموافق 28 جمادى الآخرة 1427هـ

أولويات القطاع الخاص في البحرين

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

قبل نحو عامين من الزمان نفذ مجلس التنمية الاقتصادية (وهي الجهة المخولة بتطوير استراتيجيات اقتصادية للبلاد بالتعاون مع رئيس مجلس الوزراء) وغرفة تجارة وصناعة البحرين دراسة ميدانية للوقوف على أولويات القطاع الخاص. كشفت الاستبانة عن وجود تصور لدى القطاع الخاص فيما يخص عوائق الاستثمار في البحرين، نناقش على مدى يومين هذه الهموم مع التركيز على الخطوات التي قامت بتنفيذها الجهات الرسمية لمعالجة أوجه القصور.

صنف المشاركون (وعدهم 656 فردا) الأولويات على النحو الآتي: 1- الحصول على التمويل بنسبة 28 في المئة، 2- البنية التحتية بنسبة 19 في المئة، 3- كفاية القوانين والنظم بنسبة 16 في المئة، 4- الحصول على قطعة أرض بنسبة 14 في المئة، 5- المعاملات الحكومية بنسبة 13 في المئة، و6- تطبيق القانون والنظام القضائي بنسبة 10 في المئة.

صعوبة الحصول على التمويل

للأسف الشديد لا تساهم المصارف التجارية العاملة في البحرين إلا بالنزر اليسير من الفرص التمويلية للمستثمرين. باختصار تفضل المصارف منح القروض الاستهلاكية على حساب التسهيلات الأخرى. على مدى السنوات القليلة الماضية استحوذت القروض الشخصية على نحو 46 في المئة من مجموع التسهيلات المقدمة من المصارف التجارية. على سبيل المثال كان نصيب القروض الشخصية 1194 مليون دينار من أصل 2624 مليون دينار مجموع حجم التسهيلات المصرفية للمصارف التجارية في العام 2005. بالمقابل حصلت قطاعات الإنشاء والتعمير والتجارة والصناعة مجتمعة على 1021 مليون دينار، أي أقل من القروض الشخصية. وتكمن العلة الرئيسية في نسب الفوائد المفروضة (8,48 في المئة للقروض الشخصية بضمان العقار مقابل 6,35 في المئة للصناعة).

وتؤكد التقارير أن الشركات الصغيرة على وجه التحديد تعاني صعوبة في الحصول على مصادر التمويل إذ إنها تستحوذ على 10 في المئة فقط من الإقراض التجاري. ويعود أحد أسباب ذلك إلى سيطرة المصارف بعض على الأنشطة المصرفية. لكن ربما تتغير الأمور بعد تدشين مؤسسة نقد البحرين (البنك المركزي) خطة جديدة تم بموجبها توزيع المصارف على أسس 1- التجزئة 2- الجملة 3- الاستثمار. وعلى هذه الأسس تم إلغاء رخصة مصارف الأفشور أو الوحدات المصرفية الخارجية وبالتالي السماح لها بالتعامل بشكل أكثر على المستوى المحلي. أما التطور الآخر هو قرار الحكومة رفع رأس مال بنك البحرين للتنمية من 10 ملايين دينار إلى 50 مليون دينار حتى يتسنى له ممارسة دور أكثر حيوية بتوفير التمويل بشروط ميسرة لرواد الأعمال وغيرهم. كما تم التوقيع حديثا على مذكرة تفاهم بين بنك البحرين للتنمية وبيت التمويل الكويتي لتأسيس شركة بغرض التمويل والاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ضعف البنية التحتية

يشكل عدم توفر الكهرباء بشكل كاف تحديا لمن يرغب في الاستثمار في البحرين. فهناك شكاوى من قبل رجال الأعمال بالانتظار لفترات طويلة حتى يتسنى لهم الحصول على الكهرباء، إذ تمتد لما بين 90 إلى 180 يوما. بالمقارنة فإن مدة الانتظار في دبي تمتد من يومين إلى 60 يوما، فضلا عن يومين فقط في سنغافورة.

وتحدث بعض التجار والصناعيين في المقابلات الشخصية التي أجريت من قبل الغرفة والمجلس عن مشكلة الكهرباء، فقد قال صناعي كبير إنه أمضى سنة واحدة بانتظار توصيل الكهرباء. كما قال مالك مشترك لبناية انه خسر إيجار 6 أشهر بسبب عدم الحصول على الكهرباء في الوقت المناسب. وهناك ادعاءات مفادها بأن البحرين ربما خسرت الكثير من الفرص الاستثمارية بسبب نقص المعروض من الكهرباء. كما لا نرغب في تذكير القراء بما حصل في 23 أغسطس/ آب 2004 أو ما عرف بيوم «الاثنين الأسود».

لكن باتت مشكلة الكهرباء في طريقها إلى الحل بعد استدراج القطاع الخاص لإنشاء محطة العزل في الحد لإنتاج 950 ميغاوات (سينتهي العمل بالكامل في المحطة في العام 2007) بكلفة 189 مليون دينار. وفي وقت سابق من العام الجاري تم إرساء عقد إدارة محطة الحد (1 و2) لمجموعة تضم ثلاث شركات أجنبية، وهي (انترناشنال باور) من بريطانيا إذ تمتلك 40 في المئة وتقود بدورها المجموعة، فضلا عن (سوميتومو) من اليابان و(سويز تركتيبل) من بلجيكا واللتين تمتلكان باقي الحصص بالتساوي (30 في المئة لكل منهما). وقد وقعت الحكومة عقد شراء منتجات الكهرباء والماء لمدة 20 عاما. ويشمل العقد إدارة محطة الحد (للمرحلتين الأولى والثانية) بطاقة قدرها 1000 ميغاوات و30 مليون جالون من المياه يوميا. أيضا يتضمن الاتفاق إضافة 60 مليون جالون من المياه يوميا في إطار المرحلة الثالثة لمشروع الحد. وتبلغ كلفة عملية الشراء ملياراً و250 مليون دولار (471 مليون دينار) منها 738 مليون دولار لاقتناء الأصول الحالية للمحطة.

كما أكدت الحكومة على أن القطاع الخاص سيتولى إنتاج أية توسعة جديدة للكهرباء في المستقبل. وبحسب مجلة «ميد» المتخصصة في اقتصادات الشرق الأوسط، يبلغ نمو الطلب على الكهرباء في البحرين نحو 7 في المئة سنويا، الأمر الذي يؤكد الحاجة لإنشاء محطة جديدة لإنتاج ما بين 250 و300 ميغاوات كل سنتين.

كفاية القوانين والنظم

تعاني البحرين من تداخل أنشطة عدة جهات حكومية وعدم وضوح بعض القوانين عند التنفيذ. على سبيل المثال بخصوص توفير الكهرباء كشفت نتائج الاستبيان أن غياب المساءلة وسوء التخطيط يقيدان الطاقة الإنتاجية في أوقات الذروة. ومرد انعدام المساءلة يعود إلى مشاركة عدة وزارات في تقديم الخدمات العامة (المالية والبلديات والماء والكهرباء). كما تبين من الدراسة الميدانية أن 78 في المئة من أصحاب الأعمال يعتقدون أن التسجيل والتراخيص تترك مجالا كبيرا للتقدير الشخصي للمسئولين الحكوميين. حتى الآن لا يوجد دليل مادي على أن الحكومة قامت بخطوات ملموسة لمعالجة هذه المسألة. لقاؤنا يتجدد غدا (الخميس) لمناقشة بقية هموم القطاع الخاص

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1419 - الثلثاء 25 يوليو 2006م الموافق 28 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً