العدد 1555 - الجمعة 08 ديسمبر 2006م الموافق 17 ذي القعدة 1427هـ

خسارة المنيرة... وانعكاسها على المرأة البحرينية

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لم يكن أحد منا يتوقع أو يتمنى أن يكون برلمان 2006 من دون منيرة البحرين، فلها في قلوب البحرينيين مكانة خاصة، هذه المكانة لم تكن وليدة اللحظة أو متلونة من الطيف السياسي السائد إنما هي ناتجة عن دور مميز، صنعته منيرة فخرو بنفسها من خلال نضالها السياسي ومكانتها العلمية وعفويتها البحرينية، لذلك كان لخسارتها دوي عال، وشرخ كبير، جعل جٌل البحرين، نساءً ورجالاً، تعيش حالا من الدهشة والسؤال: بأي ذنب أسقطت؟

منيرة فخرو من النساء اللاتي من الصعوبة تكرارهن، بدأت حياتها الإبداعية مبكراً، سافرت خارج البحرين للدراسة في وقت كان طلب المرأة للتعليم في الداخل أمراً عسيراً، فكيف يكون طلبه في الخارج؟ التحقت بالعمل الحكومي من بيتٍ يأبى لنسائه أن تعمل في غير نطاقه، أسست جمعيات لها من الثقل الاجتماعي ما يشهد له الجميع. طالبت بتحقيق الديمقراطية في وقت عصيب، وخُيرت بين الصمت أو طلب الحق فآثرت الخير للوطن، وعلى إثر ذلك فُصلت عن العمل فهاجرت، وعادت عندما فُتح باب العودة للجميع. واصلت الطريق مع رفاق الأمس في المعترك السياسي الجديد. قاطعت من أجل الوطن، وشاركت أيضاً من أجل الوطن.

كان للمرأة نصيب وافر ومميز في برنامجها الانتخابي، إذ طرحت فيه قانون الأحوال الشخصية بضمانة شرعية، وتخصيص محاكم مؤهلة وخصوصا بالأسرة، وإيجاد نص قانوني يكفل الجنسية لأبناء البحرينية المتزوجة من غير بحريني، حتى لا يترك الأمر عرضة للمكرمات والمحاباة. كما طالبت بتخصيص ميزانية حكومية لمناهضة العنف ضد المرأة، ومحاربة التمييز الواضح بين المرأة والرجل في تولي المناصب العامة بالدولة. وعلى الرغم من ذلك فأنها من أشد المناهضين لفكرة أن تتوجه المترشحات في برامجهن نحو النساء الناخبات دون الرجال، فالوطن للجميع، إذ أشارت بذلك في مقال لها نشرت في أغسطس/آب الماضي بهذا الخصوص: «إنما يجب ألا تنسى المرأة المترشحة أنها ستكون نائبة عن الرجل والمرأة، وهي مطالبة بطرح قضايا تهمّ الوطن والمجتمع عموماً، مثل مشكلات التعليم والفساد والاقتصاد والموازنة والبطالة وتدني الأجور. لنجرب تلك الوصفة فربما تنجح المرأة هذه المرة».

نعم، هذه الوصفة طرحتها منيرة بكل قوة، إذ شمل برنامجها على قضايا متنوعة أخرى أبرزها الميزانية، الإسكان، التعليم، الاقتصاد، الصحة، البطالة، الفساد الإداري، الشباب، الفئات الخاصة، التقاعد والتأمينات، التجنيس السياسي، الإصلاح الدستوري، البيئة... لكن ذلك لم يشفع لك يا منيرة البحرين بالفوز.

كان الخلاف واسعاً حول إمكانية دخول المرأة البحرينية للبرلمان. فشلت جميع المترشحات، ولم تكن منيرة إلاّ وضعاً خاصاً وقصة أخرى. الآن حيث لم يبقى من العراك الانتخابي ودويه سوى حقيقة مرّة تكمن في إننا نحن النساء خرجنا من المعركة بخفي حنين، فهل كُتب علينا أن نعاود الكرة مرة أخرى؟ وهل أصبح لزاماً علينا أن تخرج المرأة منا بعد كل حين لتعيد خطاباً يثير الحسرة قبل الشفقة «يكفيني شرف المحاولة سأعاود الكرة... وسأحاول وعساي أن أفلح... من يدري لعلي أنجح». فإذا سرنا على هذه الوتيرة فسنحتاج إلى أكثر من دورة لكي ندفع بامرأة أو يكفينا الدخول بالتزكية، فهل نعيش وننتظر وندور حول أنفسنا، في كل مرة نخلق الأسباب، لم ننجح في المرة السابقة لأن الداخلين كانوا ممن يرفضون دخول المرأة. قلنا نصبر فالخير في المقاطعين، دخلوا بمنيرة فخسرت، فقيل السبب في كونها سنية معارضة في دائرة متأرجحة وبها خصم موال وعنيد.

القضية صعبة ونحن في مفترق الطرق. لذا يجب أن نغيّر من خطابنا، ومن آلياتنا، الوضع لا يبدو على درجة من العقلانية والديمقراطية، فمازلنا أمام وضع اجتماعي لا يعترف سوى بالسلطة الذكورية، يرى أن المرأة غير مؤهلة للسياسة، فهي سيدة في مجالها الخاص، فنسبة التمثيل البرلماني للمرأة في العالم نحو 11 في المئة وفي الدول العربية 3,7 في المئة فقط، فالديمقراطية في العالم مذكّرة، ومهما علا صوت المرأة فلا يستطيع أن يعلو على صوت الرجل في محراب البرلمان. لكن هل بإمكاننا أن نؤسس لمنظور سياسي نسائي في البحرين؟ أم ما زال الوقت مبكراً؟

في هذا الصدد تشير الفلسطينية حنان عشراوي التي توصف في الأوساط الإعلامية بالمرأة المرعبة «لا أنكر انه في استطاعة النساء أن يقدّمن مساهمتهن من خلال الأحزاب السياسية القائمة، لكني أعتقد أن توليد منظور نسائي أو نسوي صرف أمر في غاية الأهمية... ومن هنا اعتقادي بأن من الأهمية بمكان توليد خطاب نسائي... فإني لواثقة بأنه لو كان في مقدور النساء أن يمارسن هذا التأثير من خلال فهمهن ومعرفتهن الذاتية بأنفسهن، ومن خلال تحطيم البنى الذهنية المكتسبة، لأمكن بسهولة وبسرعة أكبر الوصول».

إنها دعوة خالصة للمرأة البحرينية من أجل التغيير نحو بناء مشروع سياسي جديد قائم على أساس أن يُصير ما هو ممنوع شعبياً مُعطى بكل إرادة ووعي

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 1555 - الجمعة 08 ديسمبر 2006م الموافق 17 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً