العدد 1619 - السبت 10 فبراير 2007م الموافق 22 محرم 1428هـ

14 فبراير... وحاجتنا للحوار

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

في هذا اليوم بدا الأمل الكبير على محيا ابناء هذا الشعب، ففي فبراير/ شباط 2001 أطلت على البحرين شذرات الإصلاح السياسي، وعودة البلاد الى السكة الصحيحة عبر المشاركة الشعبية بعد اعوجاجٍ دام ثلاثين عاما، وفي هذا اليوم عمت مسيرات الفرح جميع بقاع الوطن، وأصبح التوافق البحريني غير المسبوق محل تقدير واعتزاز ليس فقط من ابناء هذا الشعب، بل من كل تواقي الديمقراطية في دول الجوار.

مازلت أذكر صوت خليل الذوادي وهو يعلن من شاشة تلفزيون البحرين مرسوم العفو الشامل عن آلاف المعتقلين السياسيين ومنح المبعدين قسرا حق العودة الى وطنهم، والاعلان بين فينة واخرى عن «مكرمات» أو «هبات» أو «حقوق» - لن نختلف على المسميات - طالت مواضع مهمة من هموم الشعب المعيشية ابتداء.

2001 كان عاما طويلا، وجميلا جدا، ليس لأنه مثّل تجددا لشرايين الزمن الذي أحبه البحرينيون بتوقفه لثلاثة عقود. وكاذب من يزعم أن منطقة بحرينية لم تبتهج بهذا الفرح. إنه الفرح بقائدٍ اوقف سطوة البطش الامني، ووعد بأن تكون للبحرين الجديدة مؤسساتها السياسية العصرية القادرة على البناء وفق قاعدة المشاركة الشعبية العريضة.

في 14 فبراير التقينا على رؤية واحدة للخروج من عنق الزجاجة بأقل ألم ممكن، من خلال وضع ميثاق عملٍ تعاقدي اقره الشعب في استفتاء شعبي حر، ولكن كما يقال فإن الشيطان يكمن في التفاصيل، فقد تمسكت السلطة والمعارضة بتفسيراتهما لبنود جوهرية في الميثاق، كدرجة التفويض الشعبي في اجراء التعديل الدستوري، ونظام المجلسين. وهذا التباين في التفسير أعاد النظر في رصانة الديباجة القانونية التي اكتسى بها أول ميثاق عصري ينظم العلاقة بين الحكم والشعب.

14 فبراير، يمثل لدى الحكومة يوم انطلاق آليات المشروع السياسي وفق الاطر التي تراها تتواءم والحفاظ على دورها المتجذر محليا والظرف الدولي ثانيا، والمعارضة ترى في هذا اليوم تراجعا من الدولة عن وعودها السالفة.

ما لفت نظري هو الدعوة التي وجهها الديوان الملكي للنواب إلى لقاء جلالة الملك في 14 فبراير، وهذه الخطوة لا تخلو من دلالة كبيرة، فلهذا اليوم وقع خاص في نفوس المعارضين والمؤيدين، ويأتي 14 فبراير هذا العام وسط ظروف محلية واقليمية ودولية مغايرة تماما، فقوى المقاطعة شاركت بقوة في الانتخابات وحققت (18 مقعدا)، وصحيح أنها ليست غالبية عددية لكنها أقلية مؤثرة جدا، وإقليميا تصاعدت أزمات قائمة أصلا وولدت أزمات جديدة من رحم الانقسام العربي بدءا من العراق ولبنان وفلسطين، كما تتهيب المنطقة من حرب ضروس تنذر بدمار شامل.

الذي يأمله الناس من جلالة الملك في 14 فبراير أن يوجه الحكومة لبدء حوارٍ حقيقي وجوهري ومعمق مع القوى الوطنية المنادية بالاصلاح الدستوري، وهذا الحوار يجب ألا يختزل في فئة واحدة، فيكون حوارا «أطرش»، ويجب ألا يطلق من دون رغبة في الوصول الى نتيجة، فيكون مصيره مشابها لمصير الحوار بين الحكومة والتحالف الرباعي قبل عامين، والحوار الوطني مهم جدا، فـ «الناس أعداء ما جهلوا»، ولكن مضرب المثل هنا الحوار الحقيقي الذي يقود الى سقف متوازن على قاعدة انتقال الناس بسلاسة من المشاركة الشكلية الى الشراكة الفاعلة.

التجنيس العشوائي، التقرير المثير، الدوائر الانتخابية، التمييز، التشنج في التعاطي السياسي، وفي المقابل التشكيك في الدولة ونيتها وجديتها في الاصلاح والتلويح بورقة الشارع كلها أعراض لمرض عضال ينخر في الحالة السياسية البحرينية، وخصوصا بعد العام 2002، وتفسير مهم علينا إدراكه هو أن البداية القوية لمشروع الاصلاح وبقدر الاندفاعة الرسمية والشعبية، ترافقت مع خلل حان الوقت للاعتراف به.

14 فبراير يعلمنا أن التمترس خلف السواتر الامنية (في حال السلطة) أو الشعبية غير المنضبطة (في حال المعارضة) لن يقود الى تحولٍ حقيقي، ولن يسمح لنا بأن نجتاز حاجز عدم الثقة والتشكيك المتبادل، و14 فبراير يعيد الأمل في استدراك من السلطة واستدراك مماثل من المعارضة، وما بين الاستدراكين يمكن بناء مساحة مشتركة بفاصل زمني معقول، وإذا شخصنا الداء سهل استجلاب الدواء!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1619 - السبت 10 فبراير 2007م الموافق 22 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً