العدد 1690 - الأحد 22 أبريل 2007م الموافق 04 ربيع الثاني 1428هـ

أنظمة سياسية خائنة!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

ليعذرني بعض الإخوة في تناولي بإفراط؛ وإن كنت لا أراه يصح إطلاق صفة «الإفراط» حين الحديث عن شأن مفصلي وتاريخي، وهو شأن العلاقات ومحاولات التطبيع بين البحرين والكيان الصهيوني. إذ يذهب «البعض» إلى أن ذلك من شئون السياسة الخارجية للدولة ولا تأثير على الداخل جراءها، وتلك نظرة خاطئة بلاشك. فأمر العلاقات الخارجية والتطبيع مع دولة كالكيان الصهيوني ذو انعكاسات مباشرة على الداخل... على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، والهوية العربية الإسلامية للبحرين.

لن نتحدث عن الجانب الاجتماعي والثقافي، أو الديني على رغم أهميته، حتى لا يتهمنا البعض بالتخلف! وكيلا ترد علينا وزارة خارجيتنا أنه «يجب أن نتخلص من الإرث التاريخي» للعداء للصهاينة، مستبطنة الإشارة إلى الدين الإسلامي بوصفه مكونا أساسيا للتراثين العربي والإسلامي. ولكنا سنتحدث عن الاقتصاد بصفته أحد الأهداف الكامنة وراء القرار السياسي للتطبيع، الذي تسعى إليه الإدارات الأميركية المتعاقبة أكثر من دأب الصهاينة أنفسهم!

ونحن بصدد الحديث عن الاقتصاد فالسؤال عن الفائدة المتحصلة أمر لابد منه. ما الفائدة والمردود الاقتصادي على دول الخليج العربي من التطبيع مع الكيان الصهيوني؟ لعلنا لا نجيب بشكل مباشر عن هذا السؤال، وندفع من شاء التوسع في المعرفة إلى أمثلة: مصر، الأردن وموريتانيا... وكلها دول ترتبط بعلاقات مع الكيان الصهيوني، وبعضها ذهب إلى التطبيع الكامل، والنتائج معروفة للجميع!

كنت قد فرغت للتو من القراءة الثالثة أو الرابعة للكراس الثمين والمتضمن بيان «المؤتمر الشعبي الخليجي لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني»، وهو من إعداد المفكر الوالد عبدالله النفيسي وعنوانه: «لا للتطبيع»، وصدر في مطلع الألفية الثالثة. وبما أن «النفيسي» متخصص في التحليل السياسي ورسم الاستراتيجيات الدولية، فإني أجد نفسي مطمئنا إلى رؤيته وإلى تحليله. وعلى ذلك اقتبس أجزاء مما ورد فيه للأهمية. وللقارئ أن يرى مدى التلازم بين السياسة الخارجية والداخلية بشأن إقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني والتطبيع مع البحرين.

يذهب المفكر أبوالمهند «النفيسي» إلى أن هذا الكيان الصهيوني يسعى إلى تطويع العرب، وخيرات ومقدّرات كل العرب، من الماء إلى الماء؛ خدمة لمشروع الدولة الصهيونية على أرض فلسطين. وبعد فشله عسكريا في ذلك فإنه اليوم يحاول بسط نفوذه على الخريطة العربية اقتصاديا من خلال أميركا، والأخيرة تضغط نيابة عنه لتغيير أنماط الحياة ومرجعيات الفكر والثقافة لدى المجتمعات العربية، بدءا من التعليم (الذي هو بحاجة إلى تغيير بلا شك ولكن إلى أي مسار؟) مرورا بالثقافة والمزاج السائدين في الوطن العربي (ثقافة الممانعة والعداء لكل ما هو إسرائيلي)، وصولا إلى القبول ببضاعته واستيرادها، وتدفق المليارات العربية على دولة الكيان الصهيوني والمساهمة في حلحلة مشكلاته الاقتصادية.

يطرح النفيسي المشكلات التي يعانيها الاقتصاد الإسرائيلي، ونعرض أهمها: افتقار السوق الإسرائيلية إلى الخامات الأساسية التي تستوردها جميعا من الخارج، محدودية السوق الإسرائيلية وعجزها عن استيعاب الهجرة اليهودية المتعاقبة ما ضاعف معدلات البطالة والظاهرات الاقتصادية والاجتماعية المرافقة لها، وذلك ما كرس فكرة التوسع الصهيوني في المنطقة العربية بحثا عن الأسواق وتصريف العمالة اليهودية، اعتماد الصهاينة بالكامل على النفط المستورد، النقص الشديد في المياه، وهو من أخطر وأعقد المشكلات بالنسبة إليهم، نمو الناتج المحلي شديد التذبذب والتدهور، ويرجع عموما إلى العوامل الخارجية إلى درجة ذهب بعض المحللين إلى أن «إسرائيل» تشن الحروب وتحسب مواقيتها بدقة لأسباب اقتصادية. إضافة إلى مشكلات متعددة (موسمية ومزمنة) تعصف بالاقتصاد الإسرائيلي.

هناك استفادة تامة للكيان الصهيوني من إقامة العلاقات والتطبيع مع الدول العربية، في حين ليست هناك أية استفادة اقتصادية عربية من هذه العلاقات والتطبيع، اللهم إلا استفادة بعض الأنظمة السياسية من رضا أميركا عليها... تلك الأنظمة الخائنة لضمير أمتها العربية والإسلامية.

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1690 - الأحد 22 أبريل 2007م الموافق 04 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً