العدد 1707 - الأربعاء 09 مايو 2007م الموافق 21 ربيع الثاني 1428هـ

نداء إلى مجلس الشورى

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

هل يأتي على البحرين يوم نعرف فيه نحن البحرينيون ما يخطط لبيئاتها قبل أن تتم الموافقة على ذلك التخطيط بل والشروع في تنفيذه؟

بعد أن خاب أمل البيئيين في برلماننا وممثليه بعد تخليهم عن القضية البيئية الكبرى التي أبدوا تفهما لها في البداية لكنهم سرعان ما تعبوا أو تخوفوا من تحمل المسئولية والوقوف في مواجهة من تعارضت مصالحهم المادية مع تأجيل البت في مشروع ضخم قبل التعرف على آثاره المحتملة وآثاره الحتمية على البيئة.

خذلان النواب من جميع الكتل للقضية البيئية تفاوتت في درجته بين كتلة وأخرى إلا أن النتيجة أن الجميع باع القضية البيئية لحسابات نعرفها أو لا نعرفها.

ثقتنا وأملنا بمجلسنا الوطني لاسيما البرلمان الذي انتخبناه أصيبت بهزة كبيرة، والمؤسف أننا كلما ناقشنا إحباطنا منه أمام مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني في البحرين حصلنا على رد واحد ومعناه: المستغرب ليس موقفهم بل أملكم فيهم!

هل حقا نحن غير واقعيين عندما توقعنا من مجلسنا الوطني أن يكون أمينا على مصالح الناس ساهرا على الحفاظ على ثروات الأجيال القادمة لا يكترث لأية ضغوطات أو إغراءات تحول دون دفاعه عن حقوق البحرينيين في حياة كريمة لا تتأتى دون صون بيئة سليمة مساندة لحياته وصحته وبقائه؟!

نحن لم نطالب بإلغاء مشروع الجسر، كل ماطالبنا به وبوضوح تام وبساطة بالغة هو إرجاء تمرير موضوع مؤسسة جسر قطر - البحرين إلى أن نطمئن جميعا عن علم واقتناع بأنه تم وضع أفضل الاشتراطات والضمانات والاعتبارات لحماية البيئة وليس مصالح الشركات المنفذة أو المستثمرة، وأن هناك جهات محددة ومؤتمنة تتولى الرقابة والمتابعة القريبة وفق آليات واضحة قوية وشفافة وصلاحيات تامة، وأن أي ضرر سيقع على البيئة ولا يمكن تفاديه يجب أن يكون أقل ما يمكن ويجب أن تقابله تعويضات حقيقية وموازية للبيئة البحرية، وأن يكون هذا الضرر مدروسا ومتحكما فيه بصورة دقيقة ومتقنة، وأن أي ضرر خلاف ذلك سيتم التعامل معه بصرامة وسيتم توقيع عقوبات واضحة ومتناسبة مع الضرر بشأنه على المتسبب فيه.

اشتراطات وضمانات وتدابير كثيرة ومهمة يجب أن نطمئن جمعينا أنه سيتم العمل بها وأولنا نواب الشعب الذين يتحملون المسئولية الكاملة عن أصواتهم أمام الله وأمامنا جميعا وأمام الأجيال القادمة، وذلك لن يتم عبر تأكيدات شفوية من جهة أو شخص ما؛ الطريقة الوحيدة والصحيحة التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك هي عبر عقد ورشة النقاش التي اتفق بشأنها مع لجنة المرافق والبيئة وبحضور المؤسسات والجهات المسئولة عن الجسر والتي أجرت دراساتها البيئية عنه وحضور السادة النواب وحضور ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني وحضور ذوي الخبرة والاختصاص.

وكل ذلك لم نطالب به من فراغ بل من واقع خبرة ومراقبة ودراية بكيفية وآلية وتفاصيل التصريح والتنفيذ والمتابعة لما يجري من مشروعات في مملكة البحرين نتائجها المدمرة على البيئة يعرفها الصيادون وهواة البحر والبيئيون وكل من عرف البحر وجمعته به ذكريات ارتبطت بحياته الاقتصادية والمعيشية أو بحياته الاجتماعية ونفسيته وأفكاره. يقول هاوي البحر حسن كمال الشاعر والإعلامي البحريني الأشهر نائب رئيس مجلس جمعية أصدقاء البيئة: «ما يميز البحرين كان البحر حتى أن اسمها التاريخي أساسه البحر الذي هو أجمل ما في البحرين وخسارته خسارة فادحة كجمال وكثروة لاتعوض. كنا نتمشى على السواحل ونصطاد الأسماك (بالميادير) في البحر كهواة ونقضي مع البحر ساعات طويلة كل يوم. وكنا نرى على سواحل البحرين كلها وبلا استثناء المخلوقات البحرية العجيبة والقواقع والأصداف الكثيرة المتنوعة تملأ أرضيات السواحل، ونراقب أماكن حضانة الأسماك وكانت القباقب تُرى بالعشرات تسابق رؤوس الموج. وكانت (الشعوم) تملأ البحر».

لم يبق من كل ذلك شيء! المحادق أقفرت من الأسماك ومنها «ام المنادي» و «اليميلات» و «قطعة يرادة» و»صياح» التي كانت مليئة بالخيرات نصطاد فيها «الشعري» و»الهامور» و»الفسكر» و»السبيطي» وأنواع كثيرة من الأسماك قلت اعدادها اليوم وتناقض حجمها بل انقرض بعضها إلى غير ردة مثل «البرطام» و»البطان» و «صافي الصنيفي».

«كان امتداد البحر من بعد (بندر الدار) و(خورة بندر الدار) كلها فشوت وخور مليئة بجميع أنواع الأسماك إلى فشت العظم. كل هذه المصائد الثرية هجرتها الأسماك بفعل الحفر والدفن والتلوث ودمر بعضها كلية. كانت اصابعنا تتقطع من الحداق على الفشوت من سرعة ومفاجئة صيد (الشعري) بأحجام كبيرة (كيلو أو أكثر) و(الفسكر) و(البواليل) (صغار الهامور - وزنه يصل إلى أربعة كيلوات)، تصطاد بمجرد أن تلقي السنارة (الميدار) في البحر».

«أما السواحل فإن الشعم والقباقب وغيرها من اسماك السواحل ترى بوضوح وبكميات كبيرة على حافة الماء كمنظر عادي لسواحل البحرين.

ومنها نصطاد «المزيزيه» (صغار السبيطي) و»الشعم» و»السبيطي» على كل ساحل وعلى جميع امتداداته بمجرد أن نقذف الميدار في البحر.»

«كل ذلك ونحن هواة حداق، فكيف بالصيادين المحترفين؟»

بعد كل ذلك، وبعد كل الخسارات البيئية التي لا تعوض، هل لبيئة البحرين أمل في مجلس الشورى أن ينصف قضاياها العادلة ويؤكد حقها في الحماية؟

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1707 - الأربعاء 09 مايو 2007م الموافق 21 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً