العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ

الثقافة والمعرفة والتخلف الحضاري

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

أود في هذا المقال أن أتواصل مع الثقافة وهمومها بعد أن ذكرت نبذة عن الشارقة عاصمة الثقافة العربية ودعم حاكمها لجميع المجالات الثقافية فيها ولنا أن نتعرف على أن إسبانيا تقرأ وتنتج كتبا في العام الواحد ما تنتجه وتقرأه اثنتان وعشرون دولة عربية! وأن الإحصاءات تشير إلى أن العربي يقرأ ست دقائق في اليوم بمعدل 45 دقيقة في العام! وأنه في الغرب يقومون بطباعة خمسين ألف كتاب، وقد تنفذ الطبعة الأولى قبل مرور عام من نشره. أما عندنا فالطبعة الأولى لا تتجاوز الثلاثة آلاف وقد لا تصدر نسخة ثانية (اعتمادا على المبيعات) أو أن تصدر بعد ثلاث أو أربع سنوات. فالضعف في الإقبال على القراءة يضع هذه الأمة في تخلف شديد عن العالم في جميع المجالات الحياتية، وإن سوء التعليم فيها لا يشجع الشباب على القراءة أولا... وغلاء ثمن الكتاب، لعدم دعمه الحكومي سبب آخر. وعدم دعم المؤلفين وتشجيعهم على التأليف والكتابة يجعل من المؤلفين فقراء وغير قادرين على التأليف الذي قد يحتاج إلى إمكانات في البحث أو التفرغ علاوة على قلة حماستهم لعدم تواصل الغالبية من البشر معهم لتشجيعهم ولو بالقراءة!

إن العراق قبل الاحتلال قام بمحو الأمية كاملا من البلاد وقدم دعما حكوميا - يشهد له - للكتاب والتأليف والنشر (بمعنى آخر أنه بإمكان دولنا أن تشجع القراءة إذا ما أرادت ذاك... مع توافر كل هذه الأموال والإمكانات. أما السبب الآخر لعزوف الشباب عن القراءة فهو انشغالهم بالانترنت (الغرف الكلامية) والألعاب الالكترونية، وبات رجالنا من الشباب أطفالا كبارا... تأسرهم الألعاب إلى عمر متقدم... ومن دون إنتاج يذكر! وعالة على الآخرين. إن الغرب يواجه انفجارا معرفيا يتضاعف كل عام ونصف وعندنا كل ثلاث سنوات بما معناه أننا نعاني من التخلف بدرجة الضعف!

إن المعرفة قوة وإبداع وقدرة في التكور الإنساني والوصول إلى الكمال ومن دونها سنبقى في قاع التخلف نلهث، تابعين إلى الأمم الأخرى بما تلقيه علينا من فتات الحضارة، بسبب قلة خبراتنا ومعارفنا المحدودة والخطر الأكبر ليس في القراءة والكتابة فقط... بل إن خطورة الأمية الحضارية سواء الثقافية أم السياسية، التاريخية، الجغرافية وحتى الدينية هي التي يجب أن نحذر منها! فالجهل قنابل موقوتة في الأوقات العصبية من حياة الأمم، فالشباب محدودو المعرفة بما يدور حولهم من مؤامرات سياسية لجهلهم بالتاريخ والجغرافيا المكين... ولا يعرفون السبب لاسترجاع فلسطين أو العراق أو ربما يقولون: لماذا نعادي «إسرائيل»؟!

وكم منهم يعرف أين المغرب العربي؟ ولماذا لا تصلنا موسيقاهم وأفلامهم؟ ولماذا هذا القطيعة؟ فإعلامنا لايزال ضعيفا ومتخلفا جدا جدا!

والتركيز في التاريخ على تراث البلد الواحد فقط ومن دون نشر الانتماء إلى العروبة... وتجاهل الوحدة العربية تماما ما يضعف العربي ويجعله مجزأ فرديا وأنانيا بانتمائه السطحي الفقير ولبلد صغير المساحة!

أما الأمية العلمية والبحوث المخبأة في الأدراج وعدم دعم العلماء منا والمبدعين والفنانين وهروبهم إلى الخارج حيث يجدون كل التقدير والاحترام.

فكم نتمنى التواصل في الطب الدوائي والجراحي ومعرفة آخر التطورات فيهما بدلا من الإرسال للعلاج بالخارج، أو ارتكاب الأخطاء الجسيمة! وأن نتمكن من المساهمة بشكل واضح ومتقدم بالغذاء الصحيح وخطورة السمنة والأكلات السريعة والتحذير بجدية عن التدخين والشيشة والمشروبات الغازية والكحولية، فالتوجيه لا يأتي بنتيجة إذا لم يوجد من يقرأ ويتواصل ولنا أن نحلم بالبيوت النموذجية لمهندسين أكثر تطورا بحيث تتماشى مع الأجواء الحارة وأن تكون ذات مواصفات تقنية حديثة من توفير الطاقة بحيث تتناسب مع ذوي الدخل المحدود وبأسعار إنسانية وأن ندخل القرن التكنولوجي والمساهمة في التوعية لمضار وفوائد ما نتعامل معه يوميا ومحاولة المساهمة ولو قليلا في إنتاج أي شيء لتخليد وجودنا في هذا الكون وأن نتعرف على بعض من الخيال الذي يدور حولنا وبأننا أمة مستهلكة فقط تبيع نفطها وتشتري به ماء صحة بضعفي ثمن النفط من الغرب!

وحينما يعود إنتاج وتضيع النفط إلينا بأضعاف مضاعفة لبضائع! قد نتغير أو قد لا نتغير وقد تعاد كتابة مثل هذه الكلمات مئات المرات من آخرين! علنا نحذر الخطر المقبل خطر التخلف الحضاري.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً