العدد 1733 - الإثنين 04 يونيو 2007م الموافق 18 جمادى الأولى 1428هـ

المرأة السعودية وإعلام مشبوه

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

صحيفة «الحياة» ذكرت في عددها الصادر يوم 3 مايو/ أيار 2007 أن هيفاء المنصور تزوجت الدبلوماسي الأميركي برادلي نيمن وقد سمعتها قبل ذلك تقول إنه بصدد الدخول في الإسلام. أود أولا أن أهنئها بهذا الزواج متمنيا أن يكون دخول زوجها في الإسلام سريعا. كما أود في الوقت نفسه أن أقف معها - عن بعد - و - مع أخريات - وبالطريقة نفسها بشأن محاولاتهن المحمومة تشويه صورة المرأة السعودية ومن ثم المجتمع السعودي كله. وفي البداية أود القول: إني لا أرى مجتمعنا السعودي بكل فئاته معصوما من الخطأ بكل ألوانه، فنحن كغيرنا من البشر نخطئ ونصيب، والمرأة جزء من هذا المجتمع تخطئ وتصيب مثلها مثل الرجل تماما. كما أود القول: إني لست ضد معالجات كل أخطائنا وأزعم أني أحاول جهدي تقديم ما أستطيعه لمعالجة كل ما أظنه سيئا في مجتمعنا وفيما يتعلق بالمرأة السعودية فقد كتبت قبل نحو عشرين عاما كتابا أسميته «رقصة الموت» عالجت فيه بعض قضايا المرأة في بلادنا، هذه القضايا التي تغيرت كثيرا هذه الأيام.

ولكن الذي تمارسه هيفاء المنصور في برنامجها «امرأة وأكثر» الذي تبثه قناة «LBC» وكذلك نادين البدير في برنامجها «مساواة» الذي تبثه قناة «الحرة»، أمر لا يمكن قبوله؛ لأنه تجنٍ واضح على المرأة السعودية وكذب عليها وإظهار المجتمع السعودي كله كأنه مجتمع متحلل من القيم والأخلاق فضلا عن الدين.

هناك علامات استفهام كثيرة عن هذين البرنامجين، فالتركيز على المرأة السعودية في قناة أميركية معلومة التوجه وكذلك قناة لبنانية معلومة «الميوعة» أمر لا يمكن تجاهله، واختيارات موضوعات بعينها ومحاولة إعطائها الشرعية وأنها من الموضوعات التي يمكن قبولها أمر - هو الآخر - مثير للريبة.

في ظني أن السعوديتين هيفاء ونادين حاولتا تقليد بعض المذيعات اللاتي لهن باع سابق وطويل في إثارة القضايا «المسكوت عنها» كما يقال، مثل طيبة الذكر هالة سرحان التي طلب قاضٍ مصري القبض عليها عند عودتها إلى مصر وذلك بعد حلقتها الأخيرة عن «بنات الليل» التي قدمتها في القناة طيبة الذكر - أيضا - «روتانا» وذلك بعد الاحتجاجات الكثيرة من المجتمع المصري، ومثل المذيعة الشهيرة الأميركية أوبرا وينفري التي اشتهرت بتقديم برامج مثيرة حتى في عرف الأميركان. ولهذا يقول بعض الصحافيين إن هالة سرحان ربما تكون أوبرا الشرق الأوسط، وأقول - ولعلي الأول - إن هيفاء ونادين ربما تكونان «هالتي» مصر.

أما «الحرة» و LBC»» فهدفهما مادي وإفسادي في الوقت نفسه. سأحاول أن استعرض - باختصار - بعض الحقائق التي حاولت - وبقوة - نادين وصديقتها تشويه المرأة السعودية من خلالها.

إحدى هذه الحلقات كانت عن «الشذوذ الجنسي عند المرأة السعودية» وواضح من عنوان الحلقة ثم من طريقة الحديث عنها أنها تريد القول: إن الشذوذ الجنسي أصبح «ظاهرة» في المجتمع النسوي في السعودية، وكأن هناك إيحاء آخر أن هذا الشذوذ مادام قد أصبح «ظاهرة» فلماذا كل هذا الاستنكار له؟

حلقة أخرى كانت عن «الرياضة عند المرأة السعودية» وكان معظم الحديث يدور حول دور «المتطرفين» في منع الرياضة في المدارس وعن الآلام الهائلة التي ستصيب المرأة إذا لم تكن في مدارس البنات مادة للرياضة.

أما نادين البدير فقد كان آخر تجلياتها في قناتها «الحرة» حديثها عن «أنواع الزوجات في السعودية» ولست أدري ما هو القادم عندها.

وكان عجبي شديدا عندما سألت ضيفها قائلة: حدثني عن أنواع الزواج عندكم في السعودية. وكأن السعودية ليست بلدها!

الذي استمع إلى هذه الحلقة يتبادر إلى ذهنه أن بعض المتحدثين لا يمت إلى هذه البلاد بصلة ولا يعرف ماذ يجري فيها على الإطلاق.

قيل: إن المرأة في السعودية لا تملك أي نوع من القرار، وإنها عبدة عند الرجل، وإن الرجل يتلاعب بالمرأة في كل الأحوال.

الواقع يُكذِّب هذه الأقاويل كلها، ومن العيب أن نصف زوجاتنا أو بناتنا وأخواتنا بأنهن مجرد «عبدات» أو «إماء» بل من العيب أن نجعل رجالنا يحملون هذه الصفات القبيحة.

هل أخواتنا اللواتي يعملن استاذات جامعيات ومدرسات وطبيبات مجرد إماء يتلاعب بهن الرجال؟ وهل بقية نسائنا ممن يعملن أو لا يعملن يحملن تلك الصفات الذميمة؟ أليس من العيب أن تسيء إلى مجتمعنا كله بإطلاق هذه الأكاذيب؟

وفي الحلقة نفسها تحدثت الضيفة عن الزواج الناجح فقالت: «الزواج الناجح أن يقف الرجل مع حبيبته أمام الناس ويقول: هذه حبيبتي أريد أن أتزوجها». ليتها قالت: لماذا أمام الناس؟ وهل ستكون محجبة في هذه الحال؟

للرجل أن يختار «حبيبته» وللفتاة أن تختار «حبيبها» ولكن ليس بهذه الطريقة الفجة.

هذه الحلقة كل هدفها أن تقول: إن السعودية تنفرد بأنواع قبيحة من الزواجات، وإن المرأة السعودية تخضع إلى اضطهاد لا مثيل له في الدنيا.

ولو كان هدف الحلقة الوصول إلى الحقيقة - وهم يعرفونها - لقالوا: إن أنواع الزواجات التي تحدثوا عنها مرفوضة من الغالبية العظمى في المجتمع ومن أصحاب الفتوى أيضا.

ولو كانوا منصفين لقالوا أيضا: إن هذه الأنواع وسواها موجودة في بلاد أخرى وإنها ليست حكرا على السعودية، ولكن: أين الإنصاف؟ والإنصاف الذي تجاهلته نادين تجاهلته هيفاء وبالطريقة السيئة نفسها.

اتفقت مع ضيوفها على أن «المتطرفين» هم الذين يمنعون الرياضة في المدارس، وأن هؤلاء «المتطرفين» هم الذين يمنعون كل جديد في بلادنا.

أعجب من هذه الأقاويل عجبي من القدرة «الهائلة» التي يتمتع بها هؤلاء «المتطرفون» القادرون على كل شيء!

سعد البريك بح صوته وهو ينادي بأهمية الرياضة للبنات وفي المدارس فهل خرج الشيخ على مفاهيم «المتطرفين»؟ وكاتب هذا المقال أدخل الرياضة إلى سكن طالبات كلية البنات في الدمام قبل أكثر من عشرين عاما فهل خرج على الأدبيات نفسها؟ لا أعرف أن أحدا قال بحرمة الرياضة وإنما للبعض تحفظات عن ممارستها في المدارسة، وهؤلاء لا يملكون غير هذه التحفظات شأنهم في ذلك شأن الذين يقولون بأهميتها في المدارس فلماذا تحمّلونهم ما لا يتحملون؟ ضعوا الأمور في أماكنها الصحيحة إن كنتم قادرين على ذلك.

البحث عن الشهرة لا يجب أن يكون من خلال الإساءة إلى مجتمعنا كله، رجاله ونساءه، والبحث عن فضائح وتضخيمها وكأن المجتمع كله مجتمع فضائحي. قرأنا «بنات الرياض» ثم قيل: إن هناك مشروعات متشابهة ستبدأ من «بنات الدمام» حتى تأتي على كل «البنات» في بلادنا.

ولعل البعض يبدأ بالأولاد ثم يسير آخرون على الدرب نفسه.

هيفاء تحدثت عن «الشذوذ الجنسي» وربما تتحدث عن «سفاح المحارم» كل هذا في «السعودية» ولعلي أقترح عليها أن تتحدث عن «اللقطاء في السعودية» ثم «الجنس الثالث في السعودية» و «المغازلة في السعودية» وهكذا.

أما نادين فقد كان آخر حديثها عن «أنواع الزواجات» وربما تتحدث عن «أنواع الطلاق» و «أنواع الحب» ثم «أنواع النساء المحببات للرجال» وهكذا.

إخواننا المصريون لم يتحملوا فيلم «شقة الحرية»؛ لأنه - بحسب رأيهم - أساء إلى المجتمع المصري فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها حتى فُصِل مدير التلفزيون من منصبه، وفعلوا الشيء نفسه مع هالة سرحان حتى صدر أمر بالقبض عليها، فهل يهون علينا مجتمعنا بهذه الصورة؟

يا سادة... هناك موضوعات كثيرة تهم المرأة السعودية يمكن الحديث عنها، وهناك موضوعات تهم الرجل أيضا لا تقل أهمية، فلماذا تتجاهلونها؟ إن كنتم غير قادرين على فعل المفيد فدعوا المرأة وشأنها وكفاكم سخرية بالمجتمع السعودي وتشويهه أمام الآخرين.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1733 - الإثنين 04 يونيو 2007م الموافق 18 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً