العدد 1748 - الثلثاء 19 يونيو 2007م الموافق 03 جمادى الآخرة 1428هـ

الرفق بالإنسان... الرفق بالحيوان وحماية البيئة

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

الرفق ما دخل في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه. كما أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة وأن الرفق بالحيوان مفتاح لدخول الجنة وأذيته مفتاح للنار، وأن غرس النخلة واجب حتى والقيامة تقوم.

هذه بعض تعاليم الإسلام السمحة التي ينسى كثير من خطبائنا وقادتنا الدينيين أن يعلمونا إياها ويذكروننا بها.

الرفق أساس الاهتمام والتعامل الحسن مع الآخرين (البشر) ومع الكائنات الأخرى من أشجار أو طيور أو سلاحف بحرية معرضة للانقراض أو سلاحف مياه عذبة شبه منقرضة من بيئاتها الطبيعية في البحرين ومن بلابل تباع بأعشاشها في سوق الجمعة ومن ضباب تنصب لها الفخاخ المؤلمة عند جحورها في البر ومن نباتات برية فطرية تداس بالسيارات والدراجات النارية وسط ضجيج موسم التخييم الذي بات أكبر عدو للحياة الفطرية في البر (حتى الآن).

والرفق هو ما يعوز التعامل مع «الحمير» البحرينية الأصيلة التي مازالت تستخدم للعمل أو النقل أو يشاهد بعض الأطفال وهم يضربونها أو يركبون معا فوق ظهرها. وكان للناشطة البيئية البريطانية الأصل «أديل أوتشا» موضوع مميز في جريدة «الجي دي إن» بشأن أحد تلك الكائنات المسالمة والذي لقي حتفه في إحدى مناطق البحرين.

جمعية الرفق بالحيوان (البحرينية) والتي معظم من يتطوع بها من الأجانب، تحتوي سجلاتها على تاريخ أسود لتعامل «الأطفال» البحرينيين مع الكلاب والقطط وغيرها من الكائنات الحية.

من علم الأطفال كل هذه القسوة؟ أين أولياء أمورهم من كل ذلك؟ أم تراهم يعلمون ولا يكترثون؟

أعرف عن قصة «امرأة» أشعلت أمام أبنائها نارا وألقت فيها قطة أو كلبا ليحترق أمامهم مدعية أن ذلك عقاب لعمل سيىء قام به ذلك الكائن! سمعت عن هذه القصة المروعة قبل سنوات والتقيت قبل أشهر قليلة ببنت من بنات تلك «المرأة». كان عمر الفتاة (تسع سنوات) محط سخرية زميلاتها بسبب قصور في الفهم لديها، وكانت تتجول في الطرقات وحيدة تبحث عن أحد يقبل اللعب معها من زميلاتها. حزنت لحالها، تلك الصغيرة التي تجوب الشوارع وحيدة في وقت لا يأمن فيه الكبير على نفسه، وتساءلت ما الذي تراها قد عانته من تلك الأم «الجانية»؟ وما الذي سيلقاه الآخرون (بشر أو كائنات أخرى) من هذه الطفلة وأخوتها، عندما يصبح الأطفال قادرين على الأذية؟ وأين نحن جميعا كمجتمع يعرف كل ذلك ولا يحرك ساكنا لتعديل أي وضع خاطئ، أو على الأقل لنصرة المظلوم؟

عندما تعطش النخيل لتموت، أو عندما تقتلع وهي تنبض بالحياة، أو عندما تسكب عليها الكيماويات لتحترق وتتفحم وهي قائمة على مكانتها، وعندما تحبك الروايات وتنشر الشائعات وتحاك المؤامرات للقضاء على الحزام الأخضر، وعندما يغتال بحر تزدحم فيه الأسماك وتبتهج أعماقه خضرة وزهاء مرجانيا أو عشبيا، وعندما تدمر بساتين عريقة وصفوف من الأشجار تضج بتغريد الأطيار وحفيف الأوراق من جري «بوالعريس» بينها، وعندما توأد عيون عذبة و»كواكب» لم يُنعم بها على أرض كما أنعم على بحريننا بها، وعندما تجف «السيبان» عن الضفادع و»العفاطي» و»الغيلم» ولا يجد «البو بشير» الأحمر والأزرق مكانا يأويه، وعندما ينقرض «شبح» العزيز إلى الأبد من السواحل الرملية للجزر البحرينية مع تدمير كل تلك السواحل، وعندما لا يجد الطفل البحريني ساحلا نظيفا يسبح فيه أو يلعب حوله مع زملائه من دون أن يضطر أهله لعبور بوابات «أملاك خاصة» ليصلوا به إلى ذلك الساحل، وعندما تحاك المخططات في الخفاء لدفن «الفشوت» وردم «الخلجان» واستنزاف الثروة البحرية وتدمير الموائل، عندما يحدث كل ذلك نعرف أن «الرفق» هو خارج تفكير كل المعنيين بتلك الحوادث المؤسفة.

هل من الممكن للمسئولين عن قتل أكثر من 600 إنسان عراقي خلال شهر مايو/ أيار وحده مع فاجعة أن كل منهم تعرض للتعذيب الجسدي على الأقل أن يكون في أنفسهم معنا للرفق؟

وهل بإمكان أي منهم ومن وراءهم ومن معهم إدعاء أن أمر البيئة ومستقبل البشر والأحياء الأخرى في العراق يعنيهم في شيء؟ وماذا نقول عن الفلسطينيين في فلسطين وفي لبنان؟

في الختام أطرح تساؤلا أتمنى أن يقوم كل منا بتلاوته بينه وبين نفسه قبل أن ينام الليلة ويحاول أن يكون صادقا مع نفسه لإجابته، عبر تعاملنا مع أبنائنا وتعاملنا مع الآخرين في وجود أبنائنا، وعبر ما نقوله وما نفعله، هل علمنا الابناء الرفق والخير واللطف أم علمناهم القسوة والشر والأذية؟

جواب ذلك سيعطينا مؤشرا ليس فقط عن العقاب أو الثواب الشخصي الذي نحتسبه عند الله (من السنة الحسنة والسنة السيئة ومسئولية ولي الأمر)، ولكنه أيضا مؤشر مهم لمستقبل الأخلاقيات والتعاملات العامة، ولمستقبل البيئة في البحرين.

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1748 - الثلثاء 19 يونيو 2007م الموافق 03 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً