العدد 1825 - الثلثاء 04 سبتمبر 2007م الموافق 21 شعبان 1428هـ

النمو الاقتصادي وانقطاعات الكهرباء

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

الخشية الحقيقية أن يتم فرض ضرائب على دخل المواطنين بشكل مباشر أو بطرق أخرى غير مباشرة كضغط الخدمات واستقطاع 1 في المئة للتأمين ضد التعطل، ورفع نسبة الاشتراكات على العمال في الضمان الاجتماعي، وغيرها من طرق وأساليب، وفي الوقت نفسه إعفاء الشركات والمستثمرين من ضرائب على الأرباح خوفا من هروبها. ومسألة فرض ضرائب، أشار إليها الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة في المؤتمر السنوي الرابع للشباب في جامعة البحرين في الصخير في الشهر الماضي. إن أكثر المواطنين من ذوي الدخل المحدود، وحتى وقت قريب وقبل شروع وزارة العمل في السعي لرفع الرواتب، كان أكثر من 60 في المئة من العمالة الوطنية، خصوصا في القطاع الخاص، تقل رواتبهم عن 200 دينار، لهذا فإن فرض ضرائب من أي نوع على المواطنين ذوي الدخل المحدود والذين بالكاد يسد دخلهم حاجياتهم لآخر الشهر، مخالف للدستور كما المادة 15 بند (ب)، وحاليا فإن غالبية المواطنين تنطبق عليهم صفة محدودية الدخل وتدنيه.

غير أن المتوقع أن تسعى الحكومة حاليا لتقليص الخدمات وضغطها بشدّة، واعتقد أن انقطاعات الكهرباء الحالية التي ستخرج المواطنين عن طورهم قريبا كما أتوقع لا تبعد عن هذا السياق، فقبل سنوات كان الإدعاء يكمن في أن الإنتاج أقل من الاستهلاك. حاليا فإن الإنتاج يفوق الاستهلاك، فما حجة الحكومة؟ الكهرباء تنقطع في هذه الأشهر الساخنة أكثر من مرتين يوميا، خصوصا عن مناطق معينة كقرى الدائرة الشمالية الثانية، وبدلا من المبادرة لإصلاح العطب، تتحفنا الوزارة بتبرير ذلك وإرجاعه وجود صعوبات فنية في بعض المحطات الفرعية للتوزيع.

أليس ذلك كله وبعد سنوات من هذه الظاهرة دليل على وجود فساد من أي نوع كان، في وزارة الكهرباء؟ وأعتقد أن تصريح رئيس المجلس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية يدعم هذا الإدعاء، حين أشار إلى «أن 70 في المئة من الدعم الحكومي للكهرباء يذهب إلى أفراد لا يحتاجون إليه أصلا»، فهناك مستهلكون يبلغ استهلاكهم للكهرباء الحكومي المدعوم 70 في المئة، ولكن الذين يتم قطع الكهرباء عنهم، هم الفقراء من أبناء هذا الشعب، كقرى الدائرة الشمالية الثانية. أما المجمعات التجارية الكبيرة، فهي خط أحمر، وحتى لو تم قطع الكهرباء عنها، فلديها مولداتها الخاصة المؤقتة. بل تبادر لأسماعنا بوجود اتفاق بين الوزارة وبعض الشركات بعدم قطع الكهرباء عنها مطلقا من أجل استمرارها في شراء القوة الكهربائية من الوزارة.

لقد زادت الموازنة العامة ما يقارب من ثلاثة أضعاف منذ 1998، وارتفعت أسعار النفط من 13 دولارا للبرميل في ذلك الوقت، إلى أكثر من 60 دولارا منذ عدة سنوات، وارتفع إنتاج النفط لتحصد البحرين من حقل أبو سعفة 150 ألف برميل يوميا وذلك منذ 2004، بدلا من 70 ألف برميل. الموازنة كانت في حدود الـ 700 مليون دينار في سنة 1998 أصبحت أكثر من 1.8 مليار دينار حاليا.

ازدادت الاستثمارات، وكثرت المجمعات التجارية، والنمو الاقتصادي ما زال مستمرا في الارتفاع منذ عدّة سنوات، والنمو ليس مجرد توسع اقتصادي، إذ أن التوسع الاقتصادي يهدف فقط للمحافظة على مستوى معيشة السكان كما كانت، أما النمو فيفترض أنه يرفع مستوى معيشة السكان، ولكن الذي نشاهده خلاف ذلك كله، وأبسط شيء هو فضيحة انقطاعات الكهرباء التي لا تُقارن بالوضع السابق حين كان النفط لا يزيد عن 13 دولارا للبرميل، ويشكل من الموازنة في حدود 50 في المئة كما في موازنة سنة 1998.

في عزّ أزمة التسعينات، فإن الدولة كانت تبادر لسرعة استبدال محولات توزيع الكهرباء التي تتعرض للحرق بسرعة فوق الخيال، ما يدل على وجود احتياطي كبير من محولات التوزيع، وحاليا تتذرع بمختلف المبررات ليدفع السكان ضريبة النمو الاقتصادي الذي يسمعون به ولا يرونه.

هل زاد عدد السكان بنسبة هائلة تفوق النمو الاقتصادي الحقيقي؟ كل الأرقام تقول بخلاف ذلك، فالنمو الاقتصادي يزداد منذ عدة سنوات بما يقارب الـ 8 في المئة، كما صرّح بذلك بعض المسئولين، وإذا كان السكان يزدادون بنسبة 3.3 في المئة سنويا منذ 1975 حتى العام 2004 (حسب تقرير التنمية البشرية للعام 2006)، فيفترض أن مستوى معيشتهم قد ارتفع بنسبة كبيرة منذ سنوات، حتى مع وجود نسبة للتضخم. لا أدري ما هو موقف الحكومة ووزارة الكهرباء لو كان هذا الوضع المأسوي قد حدث في دولة ديمقراطية... ألم نقل أن الحكومة لا تعبأ بسلطة الشعب ما دام لا دور له في تغييرها أو تعديلها أو إقالتها؟ ويبدو أن حتى ميزة الصراخ الذي تردد صداه الصحافة فقط من دون مشاركة من الإعلام الرسمي، يبدو أن بعض النواب الأفاضل قد تعبوا من النفخ في بوقه، ما أشعر الجمهور بضعف الحماسة لديهم تجاه مثل هذه القضية التي تؤرقهم، فلا تهديد باستجواب أو وعيد... ولا حتى أي كلام فارغ آخر.

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 1825 - الثلثاء 04 سبتمبر 2007م الموافق 21 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً