العدد 1864 - السبت 13 أكتوبر 2007م الموافق 01 شوال 1428هـ

مع سبق الإصرار والترصد!

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

قبل أيام تناولت في هذه الزاوية، موضوع استبدال مسميات البلاد القديم القديمة بأسماء جديدة وتحديدا “المويلغة” التي أصبحت تسمى “شمال” و “الصداغة” التي أصبحت تسمى “جنوب” و “بني” التي أصبحت تسمى “شرق” وكيف كانت تلك الأسماء الأصلية متداولة إلى أن انحسر استخدامها في منتصف الثمانينات من القرن الماضي تقريبا، على رغم أنها جزء من تاريخ البلاد القديم وموروثها وثقافتها، والتي لم يعرف التاريخ لها اسما غير هذا فهي قديمة قدم هذه الجزيرة، وفجأة أصبحت أسماء فرجانها غير محبذة لدى البعض وقرروا الاستغناء عن عراقة تاريخ تليد، وأصالة فريدة، وثقافة غنية لأسباب لا أحد يعرفها!

أثناء كتابتي الموضوع الذي نشر يوم الأربعاء الماضي، كنت متوجسا بعض الشيء من أصوات ربما تنتفض على وجهة نظري، كما انتفض بعضها قبل عشرين سنة على تاريخ العاصمة القديمة للبحرين، وغيروا أسماء فرجانها الأصيلة، نعم كنت متخوفا من عدم استساغة البعض الدعوة إلى النهوض بأسماء لم يعرف أجدادنا غيرها وليس لها في قاموسهم “اسم غير هذا”!

المفاجأة أن ردود الفعل التي استقبلتها بعد كتابة الموضوع كلها كانت إيجابية، ولم يتنامَ إلى سمعي ملاحظة سلبية واحدة، وأن جميع من علقوا كانوا يشدون على يدي مباركين الدعوة إلى الرجوع إلى الأسماء التي نبتت مع نخيل البلاد القديم، وأثمرت مع شجر بساتينه الخضراء التي كانت تطوق هذه المنطقة، ومازالت، إلا أن ما تبقى من تلك البساتين الآن مطوق بأسوار تشبه سور الصين العظيم، محرم دخولها إلا على أصحاب العمائم الزرق، والحمر، وألوان قوس قزح الأخرى!

من بين ردود الفعل على الموضوع قول أحدهم: “لندعم هذه المبادرة، ولنلغِ الاتجاهات في تسمية فرجاننا، ونعود إلى أسمائها التاريخية” بل إن البعض تناول في ردود فعله أسماء المناطق الأخرى في البلاد القديم، وطالب بتثبيتها وقال: “الصداغة، والمويلغة، ودولاب قعشوش، وفريق البونيان، وأبوخفير، كلها مسميات لأحياء البلاد القديم، وبعضها مثبت على الخرائط التاريخية للبحرين”، وآخر تفاعل أكثَرَ وقال: “علينا حفر هذه الأسماء في شرايننا”.

أكثر ردود الفعل وزنا كان رأي الحاج عبدالله السعيد (أبوسامي) من سكنة الصداغة، وهو مهتم بتاريخ البلاد القديم اهتماما بالغا، وسينتهي قريبا من إعداد كتاب تاريخي عن هذه المنطقة، والحاج السعيد معروف بين الأهالي بغيرته النادرة على كل ما يتعلق بموروث هذه المنطقة وتراثها وتاريخها، إذ يعتقد بعدم إمكان تناول تاريخ البحرين بمنأى عن تاريخ البلاد القديم، وجاء تعليق أبوسامي ليزيد من قناعتي بضرورة عودة هذه الأسماء وأنها جزء مهم من تاريخ المنطقة لا يمكن استئصاله، وقال لي: “استمر فيما هو حسن، وبارك الله فيك”.

ويبقى التاريخ أمانة يسلمها الأجداد إلى الآباء، ويسلهما الآباء إلى الأبناء، وإذا فرط الأبناء ولو باليسير من تاريخ آبائهم وأجدادهم، فإن أبناء الأبناء سيفرطون بالكثير، وسيستيقظ أبناء الأصالة والعراقة الضاربون بجذورهم في أعماق التاريخ والحضارة، وهم من دون حضارة ولا تاريخ، مع سبق الإصرار والترصد!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 1864 - السبت 13 أكتوبر 2007م الموافق 01 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً