العدد 1889 - الأربعاء 07 نوفمبر 2007م الموافق 26 شوال 1428هـ

الحياة والأوهام

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عالم النفس ديالغو كان يجري تجاربه على الفئران لمعرفة مدى حاجتها إلى الطعام فوجد أن من يعطيها وجبة واحدة في اليوم، تعيش حياة أطول من التي يعطيها وجبتين، وكانت أكثر حيوية ونشاطا ذهنيا، وأثبتت أن كثرة الطعام تثقل المعدة، وترهق الجهاز الهضمي وتتسبب ببلادة العقل والخمول في الحركة، وزيادة الأمراض الجسدية والروحية!

أما دور الطب الحديث في توجيه حياة الإنسان، ففيه الكثير من الغموض والتساؤلات؛ لأنه قد تم تدريب الأطباء على أن الإنسان هو جسد ميكانيكي، فحينما نعرف أن في أميركا توجد الآلاف من التخصصات غريبة الشأن، فالرِجْل مثلا تقسم إلى عدة أجزاء مثل القدم والساق والركبة والفخذ ولكل جزء له اختصاصي. تصوّروا أن طبيب الركبة مثلا لا يفهم بالساق ولا يرضى أن يعالج أي شيء آخر إلا الركبة! شيء غريب حقا ومضحك فالطبيب يدرس ما يزيد على السنوات الجامعية العشر لتكون نهايته في منطقة صغيرة كهذه! وهكذا يقسم بقية الجسم.

فما الذي يحدث؟ لقد ازداد ابتعاد الأطباء أثناء مزاولة المهنة عن الإنسان، فهم لا يعرفون عن الروح والذات الإنسانية إلا أقل القليل! وعلاجه يدور حول العظام والأوتاد والعضلات، ولا دخل له في الغيبيات مما لا يراه أو يلمسه؛ فذلك خارج نطاق إدراكه!

في الحقيقة، ثبت علميا أن الكثير من الأمراض لا يوجد لها مصادرُ أساسية للألم والمعاناة وقد تكون الأجزاء في منتهى السلامة ولكن لايزال المريض يتألم بأوضاع غريبة وعجيبة، ولم تتمكن الأدوية والجراحات إلى الآن من علاجها! ولذلك نجحت العلاقات الأخرى. ويعتقد أن 35 في المئة هم من يشفون من العلاجات الحديثة بالأدوية والجراحة أما الباقي فهم في حالة مرضية وهمية ويحتاجون إلى علاجات وهمية خرافية روحية مثل: التنويم المغناطيسي والسحر والشعوذة والألوباثيا... إلخ، وإلا لما ازدهرت مثل هذه الأمور، وخصوصا في عصرنا هذا، عصر العلم والمعرفة. إن الأدوية قد يكون بعضها مفيدا وشافيا ولكن الكثير منها مجرد مسكن أو مغيبات وتفرز سموما في مناطقَ أخرى وتتسبب بآثار سلبية وعوارضَ سيئة لوظائفها مثل الإمساك أو الإسهال والطفح الجليدي... إلخ، وخصوصا عندما لا يتمكن من تشخيص المرض بطريقة صحيحة!

إن الإنسان وحدة واحدة وتأثير الروح والذات وطريقة تفكير العقل كبير جدا على الجسم ومقاومته الأمراضَ أو الآلامَ، وهو عبارة عن عواطف متجمعة في جسم ينبض صعب المراس يحتاج إلى الكثير من الرعاية والحب الحقيقي للشفاء، فقد تكون الروح فاقدة للعاطفة والمحبة والاهتمام، والقليل من هذه الأشياء قد تشفي المرض. لذلك نجد أن في الطب البديل ربما يوجد المتكلم الذكي الذي يقنع المريض بالشفاء حتى بعشيبات كاذبة؛ لأنه استطاع الدخول في ذاته وإقناعه بالشفاء فشفي. وكذلك قد يكون الطبيب الشاطر بالرعاية الشخصية والحب ووجد أن هناك بعضا من المرضى تم شفاؤهم بأدوية غير حقيقية عن طريق الإقناع بأنها أدوية لآخر صيحة وغالية الثمن، فشفي أولئك!

إن دواخل البشر أسرار يصعب علاجها إلا لمن اكتسب القدرة والمفهومية والنضج الإنساني والطبي للتعاون وفهم طبيعة المرض، وإن التعامل بصدق مع الذات والابتعاد عن المراوغة والكذب والزيف في الحياة وحب الآخر والعطاء من دون تقصير، هي التي تحافظ على سلامة الجسم بإرسال الإشارات الإيجابية للبقاء السليم فتواؤم الجسم مع الذات والبعد عن النزاعات الداخلية هو الفرح والصحة وراحة البال.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1889 - الأربعاء 07 نوفمبر 2007م الموافق 26 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً