العدد 1890 - الخميس 08 نوفمبر 2007م الموافق 27 شوال 1428هـ

تجديد التفكير الديني وتنمية المجتمعات الإسلامية

عبدالجبار الرفاعي comments [at] alwasatnews,.com

مفكر اسلامي عراقي

يتطلب تحديث التفكير الديني وتنمية المجتمعات الإسلامية وتطويرها رؤية تتمحور حولها الأفكار التالية:

- الإنسان كائن متدين، وإن اختلفت تجليات التدين، وتباينت التعبيرات الدينية في حياته، تبعا لتنوع البشر واختلافهم. والحياة لا تطاق من دون خبرات وتجاربَ دينية؛ ذلك أن نزعة التدين تمثل ظمأ انطولوجيا لا يروى، إلا من خلال التواصل مع المطلق. ويمكن أن تظل تلك الخبرات والتجارب على الدوام منبع إلهام التراحم والمحبة والجمال في العالم، ولكن حين يجرى التلاعب بالدين، فيعاد تكوينه، ويشوّه فهمه بتفسير همجي متوحش، ينقلب إلى الضد، ويتحوّل هذا التفسير للدين الى إعصار يبدد كل مسعى إنساني بنّاء، ويحطم الكثير من معطيات الحياة البشرية ومكاسبها الرائعة عبر التاريخ.

ليس بوسعنا بناء بلادنا الا بإشاعة فهم عقلاني متسامح للدين، يبعث الأبعاد التنزيهية العميقة في جوهره، ويعمم صورته الانسانية، تلك المغايرة لما تريده الجماعات التي تعمل على تقديم صورة متوحشة زائفة للدين.

- كما أن النقد مصدر التطور الفكري والاجتماعي، والنقد اساس التقدم، وشريان تحديث كل شيء وتجديده، ولا حياة للتفكير الديني في الاسلام الا بتواصل المراجعة النقدية واستمرارها للثقافة والتجربة والتاريخ والتراث والاجتماع الاسلامي. ولا سبيل للخلاص والانفلات من نفق الانحطاط والتخلف الا بتجذير مَلَكَة النقد وتكريسها.

كذلك العنف ليس طارئا في الحياة، فهو إحدى الظواهر المزمنة في الاجتماع البشري، وهو يهددنا ويلاحقنا حيثما كنا في بلادنا، والسلام هو سبيل الأمن الاجتماعي والعيش سويا، ولا نجاة للعالم الا بالتشبث بالوسائل السلمية لحل المنازعات، والتخلص من بواعث العنف والحروب، التي أمست تفتك بالانسان، وتبدد الكثير من مكاسبه ومنجزاته على الارض.

- الحث على الدعوة إلى التعددية والتسامح، وإرساء قيم الاختلاف واحترام الآخر، وإشاعة ثقافة التعايش والحوار بين الاديان والثقافات، وترسيخ العقلية النقدية الحوارية، وتجاوز العقلية السكونية المغلقة، والاستيعاب النقدي للتراث والمعارف الحديثة التي تمثل روح العصر، والانفتاح على المكاسب الراهنة للعلوم، انطلاقا من «الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها التقطها».

- تطهير التدين من الكراهية والاكراهات، تحرير فهم الدين من المقولات والافكار والمواقف التعصبية والعدوانية، اكتشاف الأثر الايجابي للفهم العقلاني الانساني الحيوي للدين في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

- تبني الرؤى والمفاهيم التي تهدف الى مواكبة العصر، وتعزز المصالحة بين المتدين والمحيط الذي يعيش فيه، وتجلية الابعاد العقلانية والاخلاقية والانسانية والجمالية والرمزية والمعنوية السامية والمضيئة في الدين والتراث، الدعوة إلى بناء مجتمع مدني تعددي، تسود حياته قيم العيش المشترك، والعمل على تكريس حق الاختلاف، والتثقيف بأن الوطن يتسع للجميع، وللجميع الحق في الحياة والعيش الكريم. وماداموا متساوين في انتمائهم إلى الوطن فهم متساوون في حقوقهم؛ ذلك أن المواطنة هي النصاب، بغض النظر عن أعراقهم ومعتقداتهم.

- تعزيز ثقافة الحريات وحقوق الانسان، وكل ما يدعم كرامة الانسان، والسعي الى تجفيف المنابع التي ترسخ مفاهيم الاستبداد، وتعمل على تشويه وتدمير نفسية المواطن.

- التثقيف بنفي الإكراه في الدين، وتعميم مبدأ «لا إكراه في الدين» والاستناد اليه مرجعية ومعيارا قيميا في التعاطي مع الآخر، وإشاعة العفو، والسلام، والعدل، والاحسان، والتراحم، والحوار، والحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، والمحبة، والصبر، والمداراة، والصفح الجميل، والهجر الجميل، وغير ذلك من مقولات اللين ومعانيه، واحترام الآخر، والعيش المشترك، وتنوير وعي المواطن وتحذيره من الدعوات والمقولات التي ترسخ مفاهيم التعصب، والتحجر، والأحادية، والانغلاق، والعنف، ونفي الآخر.

- تجذير المفاهيم والشعارات التي تمجد الحياة، وتعمل على تحرير الناس من المقولات الداعية الى اعتبار الموت أسمى الاماني، وأخيرا الحرص على حماية البيئة الطبيعية، والكشف عن عناصر التناسق والجمال في الكون، وتنمية التصالح والانسجام بين الانسان ومحيطه وتكريسهما.

* مفكر إسلامي عراقي

إقرأ أيضا لـ "عبدالجبار الرفاعي"

العدد 1890 - الخميس 08 نوفمبر 2007م الموافق 27 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:33 ص

      شكرا و لكن

      برجاء ترجمة المقالات الى اللغة الانجليزية

اقرأ ايضاً