العدد 1965 - الثلثاء 22 يناير 2008م الموافق 13 محرم 1429هـ

سكت دهرا ونطق صمتا!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

أحد الزملاء سيئي الحظ وقليلي الخبرة في الطيور كان ذاهبا برفقة زوجته إلى مدينة المحرق، وبينما كان ينتظر زوجته خارج أحد المحال الخاصة بالحريم رأى محلا لبيع الطيور ولفت انتباهه طير كناري جميل الشكل...

القصة بدأت من النظرة التي تحولت إلى إعجاب وشغف، وأبى إلا أن يمتلك ذلك الكناري، وما زاد القلب شغفا ما قاله صاحب المحل عن هذا الكناري الإيراني وتغريده، وزاد الكلام رونقا حين خدع عقل صاحبنا قليل الخبرة بقوله «سأبيعك الكناري بقفصه»!وكأن الكناري يباع من دون قفص.

رجع صاحبنا إلى منزله وعلق القفص في أجمل مكان، واشترى له طعاما خاصا وفرغ نفسه في بعض الأوقات لتشميس الكناري، وكان يتمتع بمشاهدته كلما أخرجه إلى الشمس... مر يوم ويومان ولم يسمع من هذا الكناري إلا صفيرا لا يختلف عن صفير طيور البراري، واستمر الوضع وهو يخدع نفسه بمقولة البائع «لازم يتعوّد الطير على البيت وبعدين راح تقول لو زين ما شريته من كثر الصفير»!

مر شهر كامل وهذا الطير لم يصفر، وما زاد من ضيق الزميل أن زوجته سألته يوما «لماذا لا يصفر الكناري، غريب هذا مو نفس اللي عند الوالد ذاك ما يسكت؟ والغريب أن الوالد شراه بعشرة دنانير وانته شريته بعشرين دينارا؟!»

المشكلة ليست في ذلك الطير المسكين ولا في زميلنا المستكين، المشكلة في البائع الذي طاوعته نفسه بيع طائر «أغتم» بسعر عال من دون أن يتورع من أن ما سيدخل جيبه مال حرام، ولا أظن أن هناك أي أحد يجهل ما معنى المال الحرام وما الذي يمكن أن يصنعه بصاحبه، إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة على أقل تقدير، ولعل ظلم العباد وسلب الأموال بغير وجه حق من الذنوب التي لا تسقط حتى عن الشهيد الذي ضرج بدمه في سبيل الله، فكيف بنا نحن الناس العاديين؟

قبل فترة وجيزة، أراد أحد الإخوة أن يشتري بلبلا باكستانيا فذهب إلى السوق وسأل أحد الباعة فقال له إن لديه بلبلا ذكيا جدا ولكنه ليس معه الآن، بل أن ولده يدور به في السوق لأنه متعوّد جدا على ابنه ولا يطيق مفارقته... رجع الابن بالبلبل فأخذه الأخ في يده وكان يميل برقبته إلى الجانب الأيمن فسأل البائع «الحذق» فرد عليه «لا تخاف، والله بلبول شيطان، شوفه شلون يستحي منك»! والأخ صدق ما قيل ويقال فاشترى البلبل بـ 23 دينارا!، وعندما وضع البلبل في قفصه ولم يكن يستطيع حتى الوقوف، سألته أمه عن ذلك فرد عليها «يستحي للحين، لكن اصبري لبكرة بس وشوفيه» وفعلا في اليوم الثاني كان البلبل يتوسد حديد القفص وربما مات من شدة الحياء!

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1965 - الثلثاء 22 يناير 2008م الموافق 13 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً