العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ

عام الفأر

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

الفضول ليس أكثر دفعني للنقر على موقع «غوغل» للبحث فيما يخبئه لنا «عام الفأر» الصيني الجديد الذي بدأ الخميس الماضي. اكتفيت بموضوع واحد ذكر العبارة الآتية «يحذر خبراء ومعلمو فنغ شوي (كشف الغيب) من أن سنة الفأر الجديدة التي بدأت الخميس ستكون محفوفة بالمخاطر وحافلة بتوترات دولية وكوارث طبيعية واضطرابات في البورصات».

العبارة قد تنذر العالم بأسره، ولكن أجد أن لا بأس من محاولة تجربتها على الواقع والمجتمع البحرينيين لنرى إن كانت فعلا تنطبق عليهما. لنبدأ بالتوترات... موجودة فعلا وهي في ازدياد ولها عدة جوانب وعدة أسباب. هناك توترات بين الشعب والحكومة، بين الطائفتين الكريمتين، وبين الطائفة الواحدة، بين توجهات سياسية وحزبية مختلفة، بين موالين ومعارضين... وهلم جرا من تقاذف أتى بعضه «شرا» على البلد بكامله، ومازالت البقية تنضح من الكأس نفسها بلا هوادة لتجرنا في شررها أجمعين!

كوارث طبيعية... ربما يجوز لنا تحويرها إلى كوارث بيئية وبشرية، بدأت بردم السواحل وكارثة خليج توبلي التي أنذرت باحتمال غرق البلاد في مستنقعات آسنة سببها تجمع مياه الصرف الصحي، التي سببت بشكل مباشر في نفوق عدد كبير من الأسماك وما تبع ذلك من فقدان كثير من الصيادين لمصدر رزقهم. ولا ننس المساحات الخضراء التي شيدت مكانها عمارات وأبنية من دون أدنى حساب لما يترتب على ذلك من دمار للبيئة وتأثير على صحة الناس أيضا... وليس آخرا مشكلة القمامة المتراكمة التي هي في ازدياد، فيما الجهات المعنية «في توتر» هي الأخرى على إرساء مناقصة النظافة، متناسين أن التأخير لاشك ستكون عواقبه وخيمة على الثنائي المرتبط (الإنسان والبيئة) معا!

أما اضطراب البورصات فإننا نتركها إلى أهل الاختصاص وإن كانت «التوترات الاقتصادية» عموما قد أتت علينا «شرا» أيضا، وليس ارتفاع أسعار العقار والأراضي ومواد البناء والرمال إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية إلا جزءا من تداعيات الأزمات الاقتصادية سواء على مستوى محلي أو عالمي.

لنأتي إلى مسمى العام نفسه «عام الفأر»، ألا يجوز لنا أن نحمِّل كلمة «فأر» تأويلات عدة لتنطبق على الواقع البحريني؟

الكلمة الأصلية «فأر» لسنا ببعيدين عن جمعها لتصبح «فئران» وغيرها من القوارض التي من الممكن أن تتكاثر إن استمر وضع «الوساخة» على ما هو عليه! وغير ذلك الفئران البشرية التي مافتئت تقرض حقوق البشر، من حقهم في الحياة بكرامة، إلى اللقمة الحلال، إلى بحر الله، إلى أراضي الديرة بكاملها، حتى وجد المواطن نفسه في مأزق إما الهروب إلى الأعلى (السكن العمودي) أو أن يبقى على الأرض في مواجهة الفئران (بأنواعها ومناصبها) إلى أن يفنى عمره مادام لا يملك ما يسهم في القضاء عليها!

تأويل آخر هو «الفأر» باللهجة المصرية، أي «الفقر»... فهل عام الفأر البحريني هو ذاته «عام الفقر»؟! أظن أن الأخير أقرب إلى وصف الواقع الذي لسنا بحاجة إلى كثير من الأدلة لنبرهن صحته، ويكفينا دليلا (إن سلمنا بحسن النية) «تعطف» الحكومة بمبالغ «إعانة» بعد أن لمست الحال «الرديّة» (المزمنة) مع رواتب متدنية وموجة غلاء وأناس إن وجدوا كسرة الخبز لفطورهم قد لا يقدرون على تأمينها لعشائهم!

والكلمة ذاتها قد تعيد أذهاننا إلى زمن أسود ولى، وإن كانت توابعه مازالت موجودة! تعيد إلى ذاكرتنا أخبار «العقيد الفار» (أي الهارب) أيام حقبة «أمن الدولة» الملعونة، لترتسم كلمة «الفار» في مخيلتنا مرتبطة بعدة أمور «فرّت» من أيدينا ومن الدولة عموما، فالمداخيل باتت ترسل «حوالات» إلى بلدان أخرى مع أن أصحابها بحرينيون (وإن كانوا جُدد)! وعقول بحرينية (أصيلة) «فرّت» هي الأخرى إلى الخارج بعد أن سدت في وجهها أبواب الرزق والرعاية والاهتمام، وآخرون «فرّوا» بفعلهم إلى حيث الراحة والاستجمام والرفاهية بعد أن عاثوا في الأرض فسادا وسلبوا منها ما سلبوا من خيرات بلا حساب ولا عقاب، مخلفين وراءهم ملفات شائكة مازالت تثير «التوترات»!

... وماذا بعد؟!... أنقول: كل «عام فأر» وأنتم بخير؟ أم نبتهل إلى الله بالدعاء بأن ينجينا من «الفأر البحريني» وتأويلاته وتوابعه؟

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً