العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ

ارحموهم يا ناس...

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

بعد قضاء ساعات في سوق مدينة عيسى الشعبي السبت الماضي، كان درب المنزل مزدحما كالعادة بالقرب من دوار سلماباد... الساعة تشير إلى الخامسة والنصف والناس غصت بسياراتها، وفي خضم ذلك المشهد مرت حافلتان ممتلئتان بالآسيويين (الهنود)ويبدو أنهم رجعوا للتو من موقع العمل.

مشهد الآسيويين في الحافلتين بحاجة إلى وقفة إنسانية بحق، فرقابهم جميعا وبلا استثناء كانت تتدلى على بعضهم بعضا وكأن القوم سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب المقاولين في مواقع العمل شديد، ولله ذر هذا العامل الذي يكدح من الساعة الخامسة والنصف صباحا إلى الخامسة والنصف مساء بلا توقف، وكل ما يحصل عليه 70 دينارا أو أقل وكأننا عدنا إلى زمن الاستعباد الذي يسخر فيه العبيد (السود) للعمل في المزارع ولا يحصلون إلا على فتات الطعام من السادة البيض.

لماذا ننادي نحن بالديمقراطية وبالمساواة في حقوق الإنسان في الوقت الذي نتجاوز نحن مفاصل الحقوق، ونوظف البشر من أبناء جنسنا كالعبيد وكأنهم خلقوا للشقاء ولرفع العناء عنا، وكأننا الأسياد الذين لا يعلو عليهم أحد؟!... مشهد آخر لا يقل وقعا عن هذا المشهد كان في يوم الثلثاء الماضي حين انقلب «سكسويل» مليء بالآسيويين على الشارع السريع المؤدي إلى مدينة حمد، ورأى المارة العمال وهم يقذفون إلى مسافات بعيدة وكأنهم مجموعة من الأغنام أو المواشي التي يراد نقلها من موقع إلى آخر، ويا للقسوة التي تدفع بمقاول إلى تعريض العمال لظروف جوية قاسية، وخصوصا أننا نعلم أن درجات الحرارة في البحرين لا أمان لها، ففي حين يخرج العمال في ساعات الصباح الأولى ويتعرضون لدرجات حرارة منخفضة، ينقلون في الظهيرة إلى موقع آخر ويتعرضون للشمس وكأن أجسادهم لا تبلى.

وبعد كل ما يتعرض له العمال الآسيويون، هل هناك مجال للتساؤل عن سبب إقدامهم على الانتحار؟! ربما يقول بعض المقاولين إن الاستثمار في البحرين الذي ينمو بصورة تصاعدية بحاجة إلى عمل متواصل ليل نهار، ولكن، ومن جهتي على الأقل، لا أقبل بأن تبنى بلدي على جثث بشر ولدوا بشرا وسيموتون بشرا أيضا وإن اختلفت طريقة دفنهم ومعيشتهم!

صحيح أن لوجود العمالة الآسيوية مساوئ كثيرة منها انتشار سكن العزاب والجرائم، ولكن ماذا يفعل عامل قضى يومه بالكامل في مشقة وعناء، هل ينتظر يومه الأكثر شقاء غدا أو يشغل نفسه بأشياء أخرى تنسيه ولو لساعات هموم الحياة التي رمى نفسه فيها؟! والمهم من ذلك كله أن الدعوة قائمة إلى إصدار قانون يحفظ كرامة العمالة ويصونها، وحتى ذلك الحين سنظل نحسب ونحصي حالات من الانتحار ومخاطر على مجتمعنا، ونظل ننتظر من المنتظرين.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً