العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ

مجلس التنمية والناس

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

لا يمكن لهذا التشكيل الاقتصادي الحالي أن يوفر فرص الوظائف الملائمة والكافية لهذا التضخم السكاني في البحرين، فالقطاع المالي الذي ينمو بسرعة في البحرين هو بالأساس قطاع اقتصادي يعتمد على زيادة مستويات الربحية مع تقليل العمالة وفق مراهنات التقدم التكنولوجي في العمليات المصرفية، وعليه، سيكون التعريف الأمثل لأي مؤسسة مالية هو تلك المؤسسة التي تستطيع أن تدير الدولارات بعمالة صغيرة تتصف بمستوى عال من التعليم والتدريب.

ومن هنا، لا يسع مؤسسات الدولة المعنية بالتنمية الإقتصادية أن تقرأ عملية التنمية بعيدا عن متطلبات المجتمع وحاجاته، فالرهان المفتوح على أن نمو السوق في القطاعات المالية هو ضمانة مؤكدة للمجتمع ونموه وتلبية حاجاته هو رهان خاطئ خصوصا إذا ما كانت مستويات هذا النمو محصورة بطبقة إجتماعية دون أخرى. وعليه، يبدو القطاع الصناعي - وهو أكثر القطاعات إهمالا فيما نقرأه عن خطط التنمية - القطاع الوحيد الذي يستطيع أن يوفر فرص العمل الحقيقية من جهة، والمساهمة في تأسيس كيان إقتصادي متين وقوي من جهة اخرى.

إن المليارات التي تعج بها مصارف دول الخليج هي مليارات مؤقتة، قد ترحل مع أي تهديد أمني لأي دولة خليجية، ولا تبدو تجربة النمور الأسيوية بعيدة عن الذاكرة حين إنتهت اقتصادات هذه البلدان في لحظات معدودة.

تصريحات سمو ولي العهد التي اطلقها في أكثر من محفل تركزت حول الأدوار التي يراد لمجلس التنمية الاقتصادية أن يلعبها، وكانت تصب نحو تأكيد تنويع مستويات الإستثمار بما يخدم مستقبل المواطن البحريني، لكن الملاحظ، ان الرساميل البحرينية باتت متثاقلة في الإقبال على الصناعات المتوسطة وميالة نحو الإستمثار في المؤسسات المالية، وهو ما يعني انحسار فرص التنمية الاقتصادية في القطاعات التصنيعية، وهو في المحصلة ما يشبه الرهان على مستقبل الدولة في زاوية ضيقة ومحدودة.

البحرين التي تتوسط الخليج جغرافيا تستطيع أن تبدأ في تفعيل قطاعات التصنيع الإلكتروني بالتعاون مع بعض الشركات الغربية، وخصوصا في مجالات تصنيع الأجهزة الإلكترونية والكمبيوترات والرقائق الإلكترونية، ووفق معدلات الاستهلاك المتصاعدة في الخليج فإن البحرين تستطيع أن تكون المصدر الأول لمثل هذه المتتجات لأكثر من سبب، ليس أقلها محفزات الإستثمار ونظامها المالي، وليس أكثرها المستوى التعليمي الرفيع للمواطن البحريني الذي يؤهله للعمل في مثل هذه القطاعات بإقتدار.

الثقة التي بدأت تنمو بين المواطن البحريني ومجلس التنمية الإقتصادية تتطلب من المجلس طرح خططه وبرامجه ورؤيته لمستقبل المجتمع البحريني وبما يتصل بإعطاء المواطن البحريني المساحة الكافية من المشاركة في الروئ والتشارك في إتخاذ القرار، خصوصا وأن خطوات سمو ولي العهد الأخيرة كانت محط تقدير شتى الأوساط السياسية والاقتصادية. لا بد لمجلس التنمية الإقتصادية أن يشرع في مد جسوره مع الناس، ان يسمع لهم، وأن يستمعوا له وبما يتصل بتعزيز مكانة هذا المجلس الذي نتأمل منه الكثير.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً