العدد 2036 - الأربعاء 02 أبريل 2008م الموافق 25 ربيع الاول 1429هـ

إجرام في حق اللغة

من الأبجديات التي تعلمتها في العمل الإعلامي، أن العيب لا يكمن في أن تقرأ من ورقة أعددتها سابقا، ولكن كل العيب أن تخطئ أكثر من مرة وأنت تتوجه بالخطاب إلى جمهور معين، كانوا دائما يكررون على مسامعنا أن الخطيب يفقد هيبته بالكامل بعد الخطأ الثالث.

في إحدى الأمسيات الشعرية التي نظمتها أسرة الأدباء والكتّاب، خصصت للشعر الفارسي، آلت مقدمة الأمسية على نفسها إلا أن توغل في الخطأ حتى بات الموضوع مستهجنا لدى غالبية الحضور، ومستفزا لمن لا يقوى على تحمل هذا الصنف من الأخطاء، على رغم أن هذه السيدة الكريمة كانت تؤكد في كل مرة أنها ضليعة في اللغة العربية!

قد تكون الصورة مستهجنة، غريبة، والأهم غير متوقعة، فأنت أيها المهتم بالثقافة من قريب أو بعيد، تأمل عند حضورك فعالية ثقافية، الأدبية منها خصوصا، أن ترتفع لغة التخاطب إلى أعلى مستوياتها، حتى أنك قد تفكر أحيانا في تدوين بعض التعابير كي تحفظها أو تبحث عن معانيها بين المعاجم والقواميس.

لكن الصورة، على أرض الواقع تخيِّب كل آمالك وانتظاراتك! تحضر ندوة فكرية أو أمسية شعرية، فتتصدع أذناك بالهجين من الكلام، ولا أتكلم هنا عن إسراف وغلو في اللعب بالمفردات والكلمات، وإنما حديثي عن أخطاء لغوية أصبحت اليوم عنصرا لا غنى عنه في مثل هذه اللقاءات. أخطاء نحوية تمنحك الشعور بأنك في المكان الخطأ، وأنك، أنت المتواضع الإمكانات اللغوية، أنت من جئت تنهل من بحور الثقافة التي تملأ مثل هذه الأماكن والفعاليات، أنت أيها البسيط، أكثر تقديسا وتقديرا في خطابك للغة سيبويه، من هؤلاء الذين يتشدقون بأنهم مثقفون.

أعترف بأني أكون ظالمة إذا ما سحبت هذا الكلام على الجميع، ولكني أعترف أيضا بأنه في الثقافة والأدب يزيد خطر الخطأ، وهو رأي قد تشاطرونني فيه إذا ما كنتم مثلي من المؤمنين بسلطة الكلمة.

العدد 2036 - الأربعاء 02 أبريل 2008م الموافق 25 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً