العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ

من أجل دولة القانون!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

- لا يجوز القبض على إنسان أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون وبرقابة من القضاء.

- لا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن المخصصة لذلك في قوانين السجون المشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية والخاضعة لرقابة السلطة القضائية.

- لا يعرّض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي، أو للإغراء، أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك. كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منها.

- لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها.

- العقوبة شخصية.

- المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمّن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقا للقانون.

- يحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا.

- يجب أن يكون لكل متهم في جناية محام يدافع عنه بموافقته.

- حق التقاضي مكفول وفقا للقانون.

كل هذه النصوص مقتبسة حرفيا من دستور مملكة البحرين، الذي يعد الوثيقة الأولى الناظمة للعلاقة بين السلطة وشعبها حقوقا وواجبات، وعلى رغم المعاني الإنسانية الراقية التي انطوت عليها المواد الدستورية والمتوافقة مع الشرعية الدولية والمعاهدات والاتفاقات التي وقعت عليها البحرين حتى الآن، على رغم ذلك كله، فإن أخبارا تصل في كثرتها إلى حد التواتر تفيد بأن بعض الجهات الأمنية التي خولها الدستور بممارسة مأمورية الضبط القضائي (بأمر من النيابة العامة) تضرب بمواد الدستور عرض الحائط.

لا يهمني إن كان من يتم اعتقالهم في الشوارع أبرياء أم مجرمون، فتلك مسألة يقررها القضاء العادل، ولكن ما يهمني هو كثرة الشكاوى عن تجاوزات في أساليب الاعتقال، ومنها مداهمة الكثير من البيوت واعتقال أفراد منها من دون أمرٍ قضائي، ومن ثم إشباع من يتم اعتقالهم ضربا حتى إيصالهم إلى المعتقل، وإلقاء الكلمات النابية والجارحة والخادشة للحياء أحيانا، وكأن زوار الفجر قد عادوا!

من حق الدولة - بل من واجبها - أن تعمل على استتباب الأمن والنظام، كما نرفع الفيتو الأحمر في وجه كل من يخرج في تظاهرة غير مرخصة هدفها كسر هيبة الدولة، ولكن ذلك ليس مبررا لأن تخرق الدولة الدستور والقانون بحجة فرض النظام، فما يجري من طرق الاعتقالات - وفقا لما يقوله مئات من اعتقلوا في الحوادث الأمنية المتعاقبة - يدل على وجود أمر ما خاطئ يجب على وزارة الداخلية أن تقر به وتصححه فورا.

غريبٌ أن يصمت البرلمان أمام كل هذا الكم الكبير من دعاوى/ مزاعم تعرض معتقلين للتعذيب، وهو ما يقوله المحامون والنشطاء الحقوقيون وذوو المعتقلين، ولا يجوز للبرلمان - أمام كل هذه الحيثيات - أن يقف تاركا الحبل على الغارب، ولا أحد يطالب البرلمان بأن يأخذ ما يقوله المعتقلون والنشطاء بوصفها حقائق ومسلّمات، إنما من الواجب ومع وجود آثار مادية حية أن يتحرك البرلمان في اتجاه تشكيل لجنة تحقيق عاجلة ومحايدة، ومحاسبة من يثبت خطأهم من المسئولين الأمنيين أو غيرهم، وذلك خيرٌ من ملاحقة هيفاء وهبي أو نانسي عجرم أو حتى باسكال مشعلاني!

نقول ذلك، لأننا في وطن المؤسسات والقانون، ولا يجب أن تكون الدولة خصما للناس، ونعرف أن وزير الداخلية وهو رجل رشيد، يعمل على تغيير الصورة السلبية المرتبطة بماضي هذا الجهاز في عقول الناس، ولن تمحى تلك الصورة بين ليلة وضحاها، لأن الماضي كان أليما، ولكن نتفاجأ أن في ظل هذا الواقع الجديد تؤثر بعض الممارسات - إن ثبتت صحتها - على ليس صورة الداخلية وحدها، وإنما تشوه وجه البحرين الجديدة.

من المنطقي جدا أن هذه الممارسات الخاطئة ستربك حتما كل الأحلام الجميلة بتحقيق تطور ملموس على المستوى الحقوقي، خصوصا ونحن مقبلون مع نهاية العام على تأسيس هيئة وطنية لحقوق الإنسان، وفي حال استمرار هذه التجاوزات ستذهب الهيئة أدراج الرياح، بل قد يضيع الإنجاز التاريخي لمسيرة الإصلاح التي يقودها بكل اقتدار ربان الوطن جلالة الملك حفظه الله...

نعم، فلتعذرونا على القسوة... لكنها قسوة المحب!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً