العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ

فنون «الجمبزة»

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

«الجمبزة» علم متجذر له أصوله العقائدية والفقهية بين عموم الناس، وهناك من يتعلم الجمبزة عبر الممارسة وهناك من يكتسبها من محيطه وهناك من يرثها أبا عن جد!

ولنا في بعض الإخوة «الجمبازية» أسوة حسنة، فهناك الكثير من المواقف التي تؤكد لنا أن هذا العلم أصبح وسيلة سهلة للوصول إلى الكراسي الكبيرة وإلى المراكز المرموقة بل لتحقيق الصيت والشهرة والثروة معا... وإذا عدنا إلى التاريخ قليلا قبل أن نخوض غمار الحديث عن الجمبزة هنا، فإننا سنجد أمثلة كثيرة، ويكفينا حديثا عن شعراء البلاط في العصور الإسلامية الذين استطاعوا بجمبزة متقنة من خلال التلاعب بالألفاظ والعبارات والأوزان أن يصلوا إلى مراكز مقربة جدا من السلطة، بل كانت لهم سلطتهم الخاصة، ولكن هؤلاء كانوا دائما كراكب الأسد، فمادام الأخير نائما أو شبعانا ظل الراكب في سكونه وأمنه، ولكن سرعان ما ينقلب السحر على الساحر مهما وصل الترويض بالأسد.

الحقيقة تقول إن الجمبزة تخللت كل صغيرة وكبيرة في حياتنا اليومية، فما أكثر «المتجمبزين» مع زوجاتهم وأهلهم وما أكثرهم في العمل والتعامل، ولا أبالغ حين أقول إن بعضنا يتجمبز حتى في صلاته مع ربه!

لن نخوض كثيرا لئلا نتهم بالكفر أو الفسوق أو أي كلام آخر أو حتى الاتهام بـ «الجمبزة» نفسها، وسنطرح مثالا حيا لهذه الحيلة القبيحة: القوانين البلدية في البحرين صريحة وواضحة، وخصوصا في المناطق السكنية التي تفرض اشتراطات صارمة تمنع فتح المحلات التجارية بأنواعها وأشكالها بغض النظر عن بعض الحالات والاستثناءات في الاشتراطات لصالح المناطق نفسها. ومع ذلك، نجد بعض التجاوزات التي لا تعلم عنها البلدية إلا عند طلب الكهرباء وحينها تكتشف البلدية المخالفة وهنا مربط الفرس، فهل تقدم على هدم المبنى مثلا وهو قائم أصلا، أو أنها تعمد تغريم صاحبه، والغريب أن الماضي القريب كان يشهد حالات تسوية في مبانٍ تتجاوز قيمتها الملايين بعد خرقها لقوانين الارتدادات والارتفاعات، إلا أن البلدية تطلب مبالغ لا تتجاوز بضع دنانير ما يجعل الحيلة تنطلي على البلدية.

في المقابل هناك اتهام بـ «الجمبزة» على البلديات والمجالس البلدية نفسها حين تسمح بخروقات للقوانين والاشتراطات بحجة أن ذلك المشروع ذو طبيعة خاصة، وبالتالي فإن «الحسبة» ضائعة في كلتا الحالتين، وهذا دليل واضح على استمرار وتفشي «الجمبزة» في كل ممارسات الحياة!

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً