العدد 2227 - الجمعة 10 أكتوبر 2008م الموافق 09 شوال 1429هـ

الوعود الانتخابية والحكومية

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

من هذا المقال أردت أن أوصف الوعود الانتخابية والحكومية التي تفوق وصفات الأطباء ابتداء بالبندول وصولا إلى الفلتورين حسب اعتقادي، حيث تتصدر قضايا البطالة والإسكان وتحسين المعيشة وغيرها من قضايا المواطن البحريني البسيط وهي بوجه عام كل برامج المرشحين المتنافسين آن ذاك في الانتخابات البرلمانية, كما أنها كانت ومازالت شعارات حكومية.

كما أن الجمعيات السياسية ومن ينضوي تحتها, انفردت بتقديم أعلى تعدد رقمي فيما يتعلق بتحسين وضع الفرد الاقتصادي وتوفير الفرص والاستجوابات السياسية، ناهيك عن نواب نجاح الصدفة الذين آثروا الالتحاق ببعض الكتل ومن شكل كتلا بعد وصولهم للبرلمان، اعتقادا منهم بأن يكونوا إضافة وما هم بإضافة.

ولكن تبقى هذه الوعود والبرامج الانتخابية رهينة بعاملين أساسيين هما الرغبة الحكومية وصدق نوايا المرشحين، حيث تشكل تلك الأسباب عماد الإحساس تجاه الغير والمصداقية.

والسؤال أين وصلت مشكلة الكهرباء والإسكان والتقاعد والبحارة وتحسين مستوى المواطن الاقتصادي والصحة والخدمات العامة؟ لم نعد نسمع توقعات بتحسين الأحوال خلال شهر أو شهرين أو ثلاثة كما تعودنا من الحكومة وبعض النواب, سكتوا ولم نسمع لهم صوتا لا جهرا ولا همسا.

الناس تسأل ولا مجيب، فالإجابة لابد أن تكون وعودا، ورصيدنا من الوعود المعسولة ليس بالقليل، والسائل لابد أن يدركه الملل ويستسلم للأمر الواقع ويتجه إلى الله لكي يسأله مساعدة أو غوثا وهذا بحد ذاته هدف لكل نائب طبعا يوجد عذر.

إذن هناك سر في تدهور المصداقية وفي عدم القيام بالواجبات وتحسن مستوى المواطن الاقتصادي والاجتماعي والصحي. وهو ليس بذلك السر الذي لا يستطيع الإنسان رؤيته ومعرفته، حيث هناك مجموعة من الأسباب والعوامل التي أدت إلى ذلك من ضمنها عدم كفاءة من يتولى المسئولية، الفساد، عدم المبالاة والإهمال واحتقار متطلبات المواطن البسيط، والاستحواذ, تقديم مصلحة الفرد الاقتصادية على الجماعة.

فقبل التفكير بتحسين وضع الناس كمهمة لا تقبل التأجيل، يفكر هؤلاء السياسيون بأنفسهم وإرضاء كتلهم ورجال دينهم السياسيين. ثم يخرج الوزير أو النائب إلا من رحم ربي ممتلئا بالمواعظ والحكم والأحاديث التي ليس لها علاقة بحياة المواطن لا من قريب ولا من بعيد، ربما يعرفون أسماء انقرضت وغابت ولم يعد لها أي تأثير، لكنهم لا يعرفون شوارع ومجمعات وأزقة مدنهم ولا يعرفون شخصيات وأسماء من يجب عليهم خدمتهم وتحقيق مطالبهم، فأي انتفاع بهذه المعرفة والحنكة السياسية التي يدعونها؟! وهنا أقول نريد معجزات اليوم، نريد أحساس من وقع عليهم الاختيار برغبة أو عنوة أو فتوى، نريد توفير الحياة الكريمة، نريد الابتعاد عن الوعود التي وصلت حد الكذب، فما نفعنا من وعد زيد أو لفتة عمر. ولماذا أرى اليوم من بعض النواب من يتبرع بنا في سوق المصلحة مع السلطة التشريعية؟!

ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر قضية البطالة التي ركز عليها النواب بالإجماع, علما بأن قضية البطالة جزء من منظومة إصلاح سوق العمل المزعومة، ولكن عندما يجير إصلاح سوق العمل لسن القوانين وتحرير العامل من سلطة الكفيل دون شروط أو ضمان، وإصدار قوانين سن الرسوم الإضافية على كاهل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بحجة إصلاح سوق العمل وتوفير فرص العمل للعامل البحريني، هذا بجانب التوجه الاقتصادي الذي لا يخدم المواطن كما يدعي الغير والثورة العمرانية التي يسوق لها بأنها خلاص المواطن في الحصول على فرص العمل التي تتمثل في حراس المباني والنادل وغيرها من الوظائف ذات الحد الأدنى والتي لا ترقى لطموح الشاب البحريني, ووصفها كذلك وكأنها جزء من حل مشكلة الإسكان، هذا تسويق خاطئ وبغيض واستخفاف بعقل المواطن. ولهذا أوجه السؤال الذي يجب الإجابة عليه من قبل القائمين على إطلاق الوعود والمبررات وأقول ماذا حدث بالنسبة إلى الفقر والبطالة وعدم عدالة الدخل؟!

إذا كان الثلاثة قد انخفضت من مستويات عالية يصبح من دون شك أن العمل البرلماني والحكومي محل اهتمام, أما إذا ازداد أكثر من واحد من الأمور المشار إليها فمن المستغرب أن نسمي ذلك نقلة سياسية للأفضل حتى وإن كان نصيب الفرد من الناتج الإجمالي يساوي الضعف من راتبه.

وفي قراءة لمجمل ما تضمنته البرامج الانتخابية للمرشحين والوعود الحكومية من رؤى وتعهدات لمعالجة مثل تلك القضايا, فإن هذه التعهدات يمكن اعتبارها أقرب للأحلام وليست معطيات أكيدة. وأن النواب التي تسوق لمثل هذه المعطيات تعلم أكثر من غيرها أن المجلس ليس متينا لدرجة يسمح له بإعطاء وعود يستطيع أن يوفي بها. لأنه يعتمد بشكل أساسي على العمل بشكل مناطقي وفئوي.

وهنا أقول للإخوة النواب بأنهم حتى إذا أجزموا للعمل على تنفيذ برامجهم في السنتين المقبلتين, فالنظام السياسي في البحرين يجعل القرارات الاقتصادية بيد السلطة التشريعية ومن لهم وجهة نظر تفوق قدرات الإنسان العادي (الناخبين والنواب)، وبالتالي فمزاجية السلطة التشريعية وحدها هي من تستطيع تلبية تلك المطالبات والحديث اليوم يدور حول الرضا بالسيئ لمنع وقوع الأسوأ، فلنرضَ بالمكارم التي يصفق ويسوق لها بعض النواب ويعتبرونها حلولا ونتجاوز التشريعات والخيارات. وهذه دعوة لكل مواطن حريص لبلوغ الأحسن لمراجعة برنامج دائرته ويقارنها بما تم إنجازه ليتحرى من دقة هذا التوصيف كي لا نظلم أحدا

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2227 - الجمعة 10 أكتوبر 2008م الموافق 09 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً