العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ

مقالة علمية... هل لشاي الفطر دور في الصحة والسعادة؟

قاهر منديل comments [at] alwasatnews.com

أكاديمي بحريني

عندما يتعلق الأمر بالصحة والحظ وزيادة الباءة والرزق والذرية، فإن فضول الناس وشغفهم بالمعرفة أو حتى شبه المعرفة يزداد وينتعش. فكيف إذا كان الأمر متعلقا بمشروب يراه البعض منعشا وجالبا للحظ والسعادة وحائزا على كل المزايا سابقة الذكر.

مناصرو مشروب شاي الفطر يرونه كذلك، بل يزيدون ويبالغون، وإن كانوا للحق والعلم مجانبين. ومشروب الفطر، لمن لا يعرفه أو يسمع عنه، كان موضوعا صحافيا محل اهتمام الكثيرين قبل عدة سنوات في البحرين والعديد من دول المنطقة. وتهدف المقالة التالية إلى تسليط الضوء على الموضوع مرة أخرى مستعرضة بعض ما توصل إليه العلم في السنوات الأخيرة.

يعرف شاي الفطر محليا باسم اللحمة وعالميا باسم الكمبوتشا أو أولينكا، وهو مشروب شعبي في بعض البلدان مثل ألمانيا وأميركا واليابان، ويحضر غالبا في المنزل، وفي الآونة الأخيرة يتم تحضيره صناعيا.

وقد اكتسب المشروب شهرة عالمية بسبب قدرته المزعومة على تحسين صحة الإنسان بشكل عام، والإشفاء من العديد من الأمراض مثل ترهل الجلد والإيدز وتصلب الشرايين والتهاب المفاصل والربو والسرطان والسكري وعسر الهضم وسقوط الشعر والبواسير وأمراض الكلى والصدفية وغيرها.

كما يعتبره مؤيدوه منشطا قويا لجهاز المناعة ويؤخر ظهور أعراض الشيخوخة لما يحتوي على العديد من مضادات الأكسدة. ويزيدون أيضا ويقولون إنه مثبط عام للميكروبات والفيروسات كما سيأتي لاحقا.

ولا يعرف الموطن الأصلي للمشروب، إلا أن الأدبيات العلمية تشير إلى اكتشافه قبل نحو 2000 العام في بلاد الصين وكوريا واليابان وبعض دول الهند الشرقية في مواقع عند الينابيع العذبة والأنهار وأطراف الشلالات وبالخصوص تلك التي تمر بالقرب من أشجار الفاكهة.

وقد تناقله الرحالة الأولون، وبمرور الوقت انتشر إلى أماكن عديدة من العالم حتى أضحى معروفا في القارتين الأوروبية والأميركية.

ولمشروب الكمبوتشا مذاق حامضي لاذع خفيف ولكنه حلو بطعم ولون الشاي ونكهة تشبه بعض المأكولات المعتقة بالفطريات مثل جبنة الفطر الأزرق أو عجينة الخبز أو صلصة فول الصويا أو بودرة الكوجي اليابانية أو التمبة الإندونيسية أو الأولي الهندية أو لاوجاو الصينية أو الأوقي الإفريقية أو مثل المهياوة الخليجية وغيرها.

ويمكن ببساطة تحضير مشروب الكمبوتشا صحيا في المنزل بطريقة إعداد الشاي نفسها، أي بصب الماء النقي المغلي على أوراق الشاي وإضافة السكر أو العسل بنسبة 10 في المئة وبعدها يوضع جزء من بادئة حديثة للكمبوتشا (أي كمية بسيطة مقتطعة من التحضيرة السابقة) على الشاي المبرد في إناء زجاجي نظيف ويحضن على درجة حرارة الغرفة العادية في مكان مظلم لمدة 7 - 10 أيام. بعدها يتم عزل البادئة لتبدأ دورة جديدة من الحضانة. أما المشروب المتبقي فيصفى ويترك مبردا في الثلاجة لمدة 3 أيام قبل تناوله. والمشروب يكون غير مسكر في حالته النهائية.

أما علميا فإن الكمبوتشا هو عبارة عن علاقة تكافلية بين مجموعة من أنواع البكتيريا والخمائر الفطرية غير الممرضة، والتي عند نموها تكون مستعمرة دائرية الشكل مثل شريحة الهمبرغر ذات لون احمر قاني يشبه لون الكبد ذات ملمس هلامي لزج.

وقد تختلف بعض أجناس البكتيريا والخمائر نظرا لأماكن تواجد المستعمرة وطريقة حفظها ولكن تبقى على رغم ذلك بعض أنواعها ثابتة لا تتغير بتغير المكان.

وبحسب مبدأ الأسبقية في تكوين المستعمرات فقد لوحظ عدم حدوث تلوثات عرضية بميكروبات مرضية طالما اتبع الأسلوب الصحيح في تحضير المشروب واستعملت بادئة من مصدر موثوق به.

كما أن الحموضة الناتجة عن الحضانة تعد كافية للحد من نمو الكثير من الكائنات الدقيقة الممرضة، وبالتالي فإن تحضير المشروب منزليّا غالبا لا تكتنفه مخاطر صحية، شريطة اتباع الأساليب الوقائية الصحية.

وللمشروب في حالته النهائية عدة مكونات منها السكريات والأحماض العضوية والفيتامينات وبعض العناصر المعدنية، علما بأن المحتوى الفيتاميني (ب1 ، ب2 ،ب3، ب6، ب12، وحمض الفوليك) الناتج من شراب التحضين الميكروبي غالبا ما تكون في تركيزات ضئيلة جدّا لا تفي بالاحتياجات الصحية للإنسان.

أما طعمه الحامضي اللاذع فسببه تكوُّن حمض الخليك بنسبة ضئيلة جدا. ولوحظ أن المشروب إذا حضن لفترة طويلة فإنه يتحول إلى خل (حمض الخليك).

وأثناء فترة الحضانة تقوم الخمائر بتحليل السكر العادي إلى فركتوز وجلوكوز، ثم يتحول الأخير في سلسلة تفاعلات إنزيمية متتابعة إلى مادة الإيثانول وثاني أكسيد الكربون.

أما البكتيريا فتقوم بأكسدة الإيثانول إلى حمضي الخليك والجلوكونيك. وفي الوقت ذاته تقوم بعض أنواع البكتيريا بتحويل سكر الجلوكوز إلى مواد سيليلوزية يتكون منها جسم المستعمرة الرئيسي.

من ناحية السلامة الصحية، يجب تجنب استخدام الأواني الخزفية وخاصة المطلية. وفي الآونة الأخيرة سُجلت بعض الأعراض الجانبية من جراء تناول مشروب الكمبوتشا مثل أعراض الحساسية والدِوار واليرقان والتسمم وخاصة بمادة الرصاص الناتجة عن تفاعلات الأكسدة مع الأواني الخزفية المستعملة في التحضير، حيث سجلت بعض حالات التسمم من جراء استخدام أواني وأدوات ملوثة. كما أنه قد يصعب لغير المختص في إعداد المشروب بصورة سليمة السيطرة على التلوثات الميكروبية العرضية. كما أنه لا ينصح الأطباء بتناول المشروب لمرضى نقص المناعة عامة والنساء الحوامل والمرضعات خاصة.

وتشير إحدى الدراسات إلى أن تناول كمية كبيرة من المشروب، الذي ارتفعت فيه نسبة الحموضة بشكل كبير الحموضة العالية، أدى إلى موت امرأة في العام 1995، وعزى سبب الوفاة إلى زيادة حموضة الدم وتشققات في الأمعاء الدقيقة.

وهناك العديد من التقارير العلمية المتناقضة حول خواص المشروب كمضاد حيوي عند تناوله عند فترة التحضين الصحيحة والمعتمدة.

ومؤخرا توصل فريق من الباحثين إن التثبيط الميكروبي يعزو سببه لتكون حمض الخليك والذي يؤدي حتى بتركيزات قليلة إلى موت الميكروبات الميكروبية الضارة، ولكن ليس بسبب إفراز مركبات المضادات الحيوية من المستعمرة التكافلية الميكروبية في حد ذاتها، كما كان يدعى. كما انه بات من المعروف أن مادة الكاتيكين الموجودة طبيعيا في أوراق الشاي والتي يزيد تركيزها في الشاي الأخضر تلعب دورا مهما في التثبيط الميكروبي.

وقد حدثني بعض ممن تناول المشروب بأنه منعش ولذيذ ومجدد للصحة والحيوية لكن ينصح التدرج في تناوله وعدم الإكثار منه. وعند مراجعة الأدبيات العلمية المتوافرة فإنه تبين عدم وجود أدلة علمية معتمدة تؤكد على قدرة الكمبوتشا على شفاء الأمراض الآنفة الذكر، إضافة إلى ذلك، لم يتمكن العلماء من إثبات قدرة الكمبوتشا في تحسين صحة الإنسان أو الوقاية من الأمراض أو زيادة مناعة الجسم. كما لا توجد دراسات توضح بدقة المخاطر المحفوفة بشربه أو الفوائد المرجوة. وعليه فمن الأفضل والآمن تجنبه.

أما بالنسبة لدور الكمبوتشا في جلب السعادة، فحسب رأيي، لا يعدو أن يكون الموضوع أمرا شخصيا مثله في ذلك، مثل الاعتقادات السائدة بين الناس كاقتناء الأحجار الكريمة والاستئناس بالأبراج الفلكية والطوالع وغيرها من المعتقدات.

وبحسب رأي كاتب المقال فإن ليس لتلك المزاعم من العلم بصلة.

إقرأ أيضا لـ "قاهر منديل"

العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:23 م

      مراجع علمية

      جزاك الله كل خير معلومات قيمة و لكن .... ألا يفترض ان تكون المعلومات العلمية موثقة من كتب و مراجع علمية

    • زائر 3 زائر 2 | 2:37 ص

      لا يشترط بالطبع

      واين كانت المعلومات الطبية قبل تسجيلها في الكتب والمراجع اذا تمت التجربة من عدد كاف واتت منها نتائج جيدة فلا باس وهو اساس تجربة الادوية الجديدة التجربة علي متطوعين فما بالك اذا كانت علي عدد كبير جدا واثمر نتائج جيدة فهو معتبر بلاشك

    • زائر 1 | 4:20 م

      انا جربته

      اذا كنت تشرب فوار بكثره او تتعرض لحموضه(الارتجاع ) المر من المعده فان بشرب هذا الشاي يقضي عليه تماما كما انه ساعدني في الحفاظ علي مستويات الكلسترول والدهون الثلاثيه في الدم حتى لو تركت العلاج الخاص بي لفترات طويله ويمكنني مناقشة حضرتك في اي شئ خاص به وعلى فكره القرص المتكون منه يكون باللون الابيض الشمعي وليس اللون البني

اقرأ ايضاً