العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ

درس لا ينسى في الديمقراطية

عزوز مقدم Azzooz.Muqaddam [at] alwasatnews.com

للمرة الأولى أعجب بهذه البلاد المدهشة (الولايات المتحدة الأميركية) من حيث امكانية التغيير، عقلانية المرشحين المتنافسين ووطنيتهم، جدية الناخبين ونضوجهم، نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها، استعداد الحرس القديم لتسليم السلطة «الحلوة» للحرس الجديد بسلاسة ويسر وعن طيب خاطر وتسخير العلم في خدمة الإنسان ورفاهيته.

إن هذا التغيير التاريخي الذي حدث أخيرا من خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأميركية يجبر المرء على احترام هذه الدولة كبلد عظيم يستحق أن يحتل مكانة سامية في العالم. ففي الوقت الذي ضاقت فيه الأرض بما رحبت هناك وفي جميع أنحاء العالم جراء الأزمة المالية الطاحنة بسبب أخطاء الإدارة اليمينية المتغطرسة بزعامة جورج بوش هبت رياح نتائج الانتخابات لتعطي أملا في تحسن الأوضاع على الأقل معنويا.

إن أعجوبة هذا التغيير تكمن في أنه جاء من «غريب أو أجنبي» إن صح التعبير إذ لا يوجد لأوباما من ناحية العصبة قبر لوالد أو جد على امتداد التراب الأميركي الفسيح. تغيير جاء من خارج المركز أو العاصمة ومن مناطق الهامش الى مناطق النفوذ وليس العكس كما يحدث في العالم الثالث.

الشعب الأميركي عظيم لأنه الذي يختار مرشحين أفذاذا من الحزبين. فتسامح السيدة الأولى السابقة هيلاري كلينتون مع منافسها في الحزب الديمقراطي أوباما دليل على النضج السياسي والوطني وكذلك مواقف المرشح الخاسر جون ماكين الذي دعا أنصاره الغاضبين الى الاصطفاف معه لدعم أوباما، ولم ينسه الأخير من الإطراء في خطاب النصر.

صورة أخرى تدل على عظمة هذا الشعب وهي اصطفاف الطلاب والموظفين في طوابير طويلة بانتظار دورهم في الاقتراع فتجد طالب يستذكر دروسه أثناء وقوفه في الصف وموظف يؤدي واجبه عبر الحاسوب المحمول وهو مازال متشبثا بدوره.

وإذا ما دلفنا الى عملية الاقتراع نفسها فنجد النزاهة والشفافية. لا أحد يشكك في فرز الأصوات، لا اتهامات، لا احتكاكات بين المتنافسين والنتائج تبثها الفضائيات مباشرة دقيقة بدقيقة، وفي ظرف ساعتين فقط كانت النتيجة الحاسمة قد أعلنت على مستوى القطر الذي يتكون من أكثر من 50 ولاية بعضها نائية للغاية. فأين عالمنا من هذه الممارسة الديمقراطية الحقيقية؟

ومع ذلك نتمنى من الرئيس الأميركي الجديد أن يكون عند حسن ظن المجتمع الدولي الذي بدا متسامحا مع أميركا رغم ما ارتكبته من جرائم وألا يخذل الشعب العظيم الذي جاء به الى سدة الحكم أن يفطن لمحاولات اللوبي الصهيوني تبنيه ليصبح منتوجا أميركيا جديدا بنكهة إسرائيلية.

إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"

العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً