العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ

قانون العقوبات ليس بديلا عن السِّياسة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

التصريح المنسوب إلى وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أمس الأول والذي اعتبر فيه أن أي شخص يشارك في ندوات أو فعاليات في الخارج لمناقشة الموضوعات الداخلية «من دون ترخيص من وزارة الداخلية» يعد مخالفا للقانون لا يحل أية مشكلة من مشكلاتنا بل ربما يزيدها سوءا.

نعم، إن مثل هذا التصريح لا يحل أية مشكلة، لأن الإجراءات القانونية تأتي بعد ترتيب الإطار السياسي، والقانون عموما لا يستبدل السياسة. ثم إن قانون العقوبات صدر في العام 1976 ضمن بيئة سياسية مختنقة بقانون أمن الدولة الذي صدر في العام 1974 والذي بسببه تم تعطيل الحياة البرلمانية في 1975، ومن الطبيعي أن تنتج تلك البيئة غير الديمقراطية قوانينها الخاصة بها.

في 14 فبراير/ شباط 2001 صوت الشعب على ميثاق العمل الوطني، ومن المفترض أن هذا التصويت يعني الانتقال إلى مرحلة مختلفة. وفي 14 فبراير 2002 صدر الدستور الجديد، وفي 13 أغسطس/ آب 2006 أودعت وزارة الخارجية وثيقة انضمام مملكة البحرين إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وذلك بعد أن اعتمده مجلسا النواب والشورى وصدر في الجريدة الرسمية باسم قانون رقم (56) للعام 2006. وبدأ نفاذ هذا العهد بعد ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع صك الانضمام. وبحسب هذا العهد فإن أي قانون بحريني يعارض نصوصه يجب تغييره... والبحرين تعهدت بذلك بحكم اعتمادها للعهد وإصداره في الجريدة الرسمية. ولا يخفى على أحد أن مواد قانون العقوبات الخاصة بالتعبير عن الرأي والحريات السياسية مخالفة لجميع بنود ومواد العهد الدولي، ولذلك فإنها مواد يجب تغييرها، وعدم التهديد باستخدامها.

إن الحل يكمن في إفساح المجال للحوار الدَّاخلي والمعالجة الداخلية، ولكن ما نشهده هو أن الموانع والعوائق والمحرمات ازدادت كثيرا بحيث لم يعد بالإمكان للحوار أن ينطلق برلمانيّا أو من جانب المجتمع المدني من دون أن تتوجه السِّهام والاتِّهامات من كل حدب وصوب. إنني أتفق مع وزير الداخلية على أن من الواجب المحافظة على سمعة البحرين، وأن نسعى جميعا إلى إبراز الجوانب الإيجابية التي تتميز بها بيئتنا السياسية، ولابد من التحذير من انخراط البعض في ترديد خطاب سياسي قد يفهم منه أنه يستبطن العداء لطرف ما داخل الدولة أو المجتمع.

لكن تشويه السمعة حاليا يقوم به أساسا من هم محسوبون على السلطة الذين يصدرون بيانات شبه يومية يشتمون من خلالها أهل البحرين أولا، وجميع خلق الله... بل ويدعون إلى إعادة البحرين إلى سنوات القمع، وهؤلاء قد يتسببون في إساءة العلاقات بين البحرين ودول بعيدة وقريبة. إن البحرين عزيزة بأهلها، والعزيز هو الذي يستشعر ويمارس كرامته ويستطيع أن يعبر عن رأيه من دون أن يتعرض لغيره بسوء، ومن دون أن يتعرض له أحد بسوء.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً