العدد 2256 - السبت 08 نوفمبر 2008م الموافق 09 ذي القعدة 1429هـ

عذرا أبا عمر

عبدالمنعـم الشـيراوي comments [at] alwasatnews.com

نعم عذرا أبا عمر... أيها الغائب الحاضر دوما في قلوبنا وعقولنا وذاكرة هذا الوطن الذي لن ينساك أبدا، فأنت من كان دائما وأبدا يطحن دون جعجعة، بينما الكثيرون يجعجعون دون أن نرى أو نلمس طحينهم. وأنت أحد صناع تاريخ هذا الوطن بينما الكثيرون يطمعون أن يصنع التاريخ دورا لهم في ذاكرته.

اعذرني ثانية إن تعمدت أن لا أحضر أو أشارك في حفل تأبينك الذي نظمه رفاق دربك في «وعد»، وكنت تستحق من وطنك وشعبك ورفاق دربك ما هو أكثر من ذلك. فأنت سنابل القمح التي تعطي وتعيد إنتاج الحياة دون أن تطلب في يوم من الأيام ثمنا لعطائك. وأنت الرفيق والصديق الذي رحل وتغيب قبل أوانه كما رحل أو تغيب كثيرا من رفاقك ممن أعطوا ووهبوا هذه الأرض وهذا الوطن الكثير دون منة أو انتظار مردود. رحل وتغيب من قبل رفاقك كالرفيق الشهيد محمد بونفور وكوكبة من شهداء حركتنا الوطنية وقادتها. وهاهو رفيق دربك شيخ المناضلين عبدالرحمن النعيمي وقد أرقده وغيبه عنا المرض، ومن قبله استرد سبحانه وتعالى أمانته من الرفيقة ليلى فخرو والرفيق أبي قيس.

رفيق الدرب... لم يكن قرار امتناعي عن المشاركة سهلا وأنت خير من يعلم ذلك. وقد تخيلتك جالسا أمامي والعين تبكيك مساء الأربعاء الماضي عندما زارتني ابتسامتك الدائمة وتواضعك الجم وببساطتك اللا متناهية. وتصورتك وأنت تقول لي كما هي عادتك: ليس مهما لمـن يجيرهذا الفعل أو ينسب ذاك الإنجاز، لكن المهم هو أن تلك الإنجازات قد تحققت، وذلك هو بيت القصيد. وتـساءلت والألم يعتصرني والحيرة تقتلني: لمن ألجأ بعد غيابك المفاجئ؟ والذي جاء قبل أوانه عندما تجتاحني الهموم والحيرة فيما إلنا إليه وما آل إليه وضع قوانا الوطنية؟ من الذي ستستقبلني ضحكته على الخط أو ابتسامته عند اللقاء؟ ومن سيناقشني بكلماته السهلة الممتنعة علينا وعلي أنا بالذات؟ ومن سيزيل همي ويبعث الأمل في نفسي وقلبي غيرك؟ لقد افتقدتك وافتقدك وطنك وشعبك ورفاق دربك كما افتقدك أهلك وزوجك وأبناؤك.

ماذا يجب أن يقال بعد رحيلك؟ فقد سيطرت الأنا والنحن على ذاكرة الكثير منا حتى تهيأ لنا وقد بات التاريخ مقلوبا وممجوجا. فمن لم يسرق إنجازات الاخرين تواضـع فشاركهم فيها!

لست أنسى رؤياك في المطالبة بتفعيل الباب الثالث من قانون العمل بدلا من المطالبة بقانون جديد يسمح بحرية العمل النقابي. ولست أنسى طرحك للفكرة في اللجنة العمالية أولا وبحضور الرفاق محمد بونفور وعبدالله مطيويع وعلي الشرقاوي. وتعود بي الذاكرة لأتذكر إصرارك على أن يتم تشكيل اللجنة واللجان النقابية في المؤسسات والشركات على أسس نقابية بحته بعيدة عن الأنانية التنظيمية أو الحزبية. أو اجتماعاتك مع الوالد للاطلاع على محاضر اجتماعات اللجنة المشكلة لوضـع قانون العـمل بدعـم من الخبير والنائب العمالي البريطاني المحامي مارشل. كما لا أنسى نشاطك ومثابرتك مع أوائل الرفاق الذين شاركوك في تفعيلها كالرفاق محمد بونفور ويوسف الصباح وعبدالله مطيويع، والتحاق الرفاق يوسف يتيم وعباس عواجي والمرحوم إبراهيم رجب وجليل الحوري وآخرين ليعذروني إن لم أذكرهم جميعا. ومن ثم تفرغ الرفيق الشهيد محمد بونفور معي للعمـل في لجنة ألبـا النقابية، وتفرغ الأخ علي الشرقاوي للعمل ضمن لجنة وزارة الصحة. ولا أنسى الاجتماعات الأولى للجنة التأسيسية ولا محاولات إبعادك عن نشاطها عندما أرسلت للدراسة في إنجلترا والتي منعتك من أن ترى نتائج فكرك وأفكارك في الانتفاضة العمالية العام 1972. فقراءتك المتأنية وبعـد نظرك وقدرتك التحليلية وتمسكك بثوابت العمل النقابي كانت الأساس في مشاركة كل القوى الوطنية الحية في العمل النقابي والتخلي عن الأنا والنحن التي عادت لتشكل فيروس أمراضنا المزمنة.

رفيق الدرب والأخ الصديق الصدوق... لا أعرف إن كان هذا بسبب عاداتنا أو أمراضنا المزمنة، أو هو ضعف ذاكرة البعض حين تناسوا بأنه بعد رحيلك للدراسة واعتقال الأخ علي الشيراوي عند عودته من مؤتمر اتحاد الطلبة، وفي خضم أحداث انتفاضة 1972 العمالية واعتقال الأخ حـسن رضي ومطاردة أعضاء اللجنة الذين كان جهاز أمن الدولة يسـعى لاعتقالهم كالأخوة الرفاق عباس عواجي وعبدالله مطيويع وجليل الحوري واخرين، رغم تشكيل الحكومة للجنة الوزارية للحوار معهم، كان القرار واضحا وجليا أن الاجتماعات كانت من الصعوبة بمكان، فكان القرار ترك حرية العمل واتخاذ القرارات الخاصة بالعمل اليومي في المؤسسات والشركات للجان النقابية فيها، وتفرغ الموجودون من أعضاء اللجنة التأسيسية للحوار مع اللجنة الوزارية. وذلك رغما عن المطاردات التي أدت إلى أن يجتمع بعض من أعضائها عندي في البيت الكبير لسهولة الهرب منه في حالة المداهمة من أجل صياغة رسالة اللجنة الموجهة للدولة ممثلة في لجنتها الوزارية. لذا وأناشد الأخوة والرفاق مرة أخرى بأن يعاد صياغة تاريخ هذا الوطن الوطني والنقابي بكل تجرد ضمن مشروع ذاكرة الوطن وقبل أن تضعف ذاكرة البعض ممن عايشوا تلك الأحداث.

نقول حسنا فعل رفاقك ومحبوك بتأبينك في «وعد» رغم عدم حضوري المتعمد لكي أمارس بعض ما تعلمته منك ومن صفاتك التي من الصعب أن تجتمع في رجل واحد لكأنها اجتمعت في شخص هشام عبدالملك الشهابي. وندعوهم لإعداد وإصدار كتاب يدون عطاءك وإنجازاتك كما هو الحال في مشروع رفاق مهنتك. وحسنا فعل رفاق مهنتك في ذكراك الأربعينية والتي كانت تنظيما وفعلا يليق ببعض ما قدمته لوطنك ومهنتك وشعبك دون منة أو انتظار مردود. وإننا لنبارك لهم قراراتهم وندعوا الدولة أن تستجيب لهم ليس فقط في تسمية الشارع المحاذي لجمعية المهندسين البحرينية باسمك وإنما لتطلق اسمك كذلك على الشارع الذي يخترق «فريج الستيشن» الذي عشت ومارست نشاطاتك الاجتماعية كما هو الحال في فرجان ومناطق البحرين الأخرى فيه.

ونتوجه لقيادات الحركة النقابية العمالية لأن تعمل على إنشاء المعهد النقابي العمالي على أن يحمل اسم أهم من أعطوا وقدموا للحركة النقابية العمالية ألا وهو هشام عبدالملك الشهابي.

رحمك الله يا أباعمر وتغمد روحك الطاهرة برحمته وغفرانه وأسكنك فسيح جناته وألهم زوجتك الفاضلة وأبناءك الأحباء وجميع رفاقك ومعارفك وشعبك ووطنك الصبر والسلوان على رحيلك المفاجئ، والذي يتمنا كما يتم وطننا وشعبنا الذي أحببته وأعطيته كل طاقاتك التي لم ينجح حتى مرضك وآلامك التي أخفيتها عن الجميع حتى ترجل الفارس عن فرسه

إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"

العدد 2256 - السبت 08 نوفمبر 2008م الموافق 09 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً