العدد 230 - الأربعاء 23 أبريل 2003م الموافق 20 صفر 1424هـ

كيف يعاقب الطفل؟

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

لو تأملنا ما يسلكه بعض الآباء والمربين وحتى بعض الأمهات من طرق وأساليب الغرض منها تقويم سلوك الطفل لوجدنا معظمها يقوم على التعذيب والارهاب، وقتل الروح المعنوية للطفل وخصوصا لمن هم دون سن العقاب، اي ان الطفل لا يدرك انه ارتكب خطأ يستحق عليه التأنيب أو التعنيف.

والطريقة الأكثر شيوعا والاسرع تنفيذا للآباء هي الصفع بالايدي على الوجه، ولكنها الاكثر ايلاما للطفل اذ تشعره بالمهانة والاحتقار ويمتلىء قلبه غيظا تجاه والديه، ويتولد لديه شعور سيئ تجاه المعاقب. وبالتالي ينعكس هذا الشعور على كل سلطة تعارضه في المستقبل كالمدرس وحتى رئيسه في العمل لانه في الحقيقة لم يدرك درجة الخطأ فيما ارتكبه.

فالعقاب تركز على نفسيته وليس على ما ارتكبه من خطأ، وفي هذه الحال فان هذا النوع من التقويم ليس له اية قيمة تربوية تعليمية على الاطلاق، فقط عكس ما يعانيه الآباء من اجهاد نفسي جعله متعبا وعصبي المزاج. وبالتالي صب جام غضبه على من لا ذنب له - فيما يعانيه - وليت الامر يقف عند العقاب البدني كإيقاع الضرب على الجسم بالايدي أو بالعصي أو حتى بالحذاء. ولكنني أرى بعض الأمهات يلجأن الى دس المواد المرة أو الحارة اللاذعة في فم اطفالهن اذا تفوهوا بكلمة بذيئة غير لائقة. والادهى والامر هو اللسع بالنار اذا سرق. كلها اساليب خاطئة ومدمرة لنفسية الطفل.

وقد يلجأ بعض الآباء والامهات الى اسلوب التعنيف والتوبيخ والتعيير والمضايقة بكلمات مستفزة اذ ربما يعتقدون أنها افضل من الضرب او الصفع وتميل الى الليونة والتفهم.. ابدا فاذا كان الضرب يؤلمه ساعة وينتهي ويبقى اثره النفسي، فان طريقة التعبير تشعره بألم مستمر يتوقعه في اي لحظة تذكره بما فعل. فهو في حال خوف ومعاناة مستمرة توصله الى مرحلة عدم الاكتراث بالذنب والعقاب معا. فيجب الا يوبخ الطفل باستمرار على ذنب قد ارتكبه وعوقب عليه وعدم اللجوء الى تلك الاساليب العقابية التي تولد الفزع والتوتر في نفسية الاطفال ويؤكد الاطباء النفسيون وخبراء التربية انه لا يمكن معاقبة الطفل على ذنب من دون قصد، او خطأ ارتكبه عن جهل. كما ان العقاب يجب ان يوقع فور وقوع السلوك الخاطىء شريطة ان يكون بحجم الخطأ. بعد ذلك يتحتم على الوالدين نسيان الذنب والعقاب معا في آن واحد. ويؤكد علماء النفس ان هناك اساليب كثيرة لعقاب الطفل تسهم الى حد بعيد في تقويم سلوكه، وبالتالي تشعر والديه بالرضا، عما حققاه من نتائج تربوية اتاحت لهما فرصة اكتشاف حلول ايجابية للمشكلات، وتعليم الطفل كيف يكون اكثر فعالية في المستقبل، فاذا قام الطفل بخرق قاعدة ما كأن يحطم الاشياء او يمزق الاوراق يجب علينا قبل العقاب النظر في القاعدة التي خرقها هل هي معقولة، أم يجب احترامها. وفي حال اقراره بان ما فعله مخالف للقواعد وانه غير مقتنع بما فعل علينا باسلوب (التفاوض) ان نجعل الطفل يقوم بازالة اثار الفعل. أما اذا كان مقتنعا بما فعل ولا يعده ذنبا. هنا تفرض عليه بعض الاوامر وتقيد بعض حرياته ويحرم من بعض الامتيازات وهي كثيرة مثل الذهاب مبكرا إلى النوم وحرمانه من مشاهدة التلفاز أو من الذهاب الى بيت جدته ليلتقي باقربائه شريطة ان يتناسب العقاب وعمره ونشاطه. والا تكون مدته طويلة. فقط نشعره بالخطأ وانه قيدت حريته وفقد امتيازا لانه اخطأ وهنا نبدأ التفاوض من جديد أو نلجأ إلى طريقة التعويض اي نعود الطفل على تعويض ما أتلفه أو ان يعتذر لاخيه مثلا وهذه طريقة ايجابية تعوده على الاعتذار اذا أخطأ. ومن أكثر الطرق ايجابية معاقبته بحرمانه من فعل يحبه وينتظره. وهناك طرق ايجابية كثيرة تعلم الطفل كيف يتعامل مع الآخرين بطريقة حسنة اذا أخطأ في حقهم من دون تدمير لنفسيته وروحه المعنوية

العدد 230 - الأربعاء 23 أبريل 2003م الموافق 20 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً