العدد 230 - الأربعاء 23 أبريل 2003م الموافق 20 صفر 1424هـ

هل يتحركون قبل الإفلاس الأخير؟

أموال التقاعد في خطر

راشد محمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

من نصدق إذا؟ هل نصدق الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عندما تقول على لسان مديرها العام بأنها في طريقها إلى الإفلاس بسبب تدني الاشتراكات التقاعدية الداخلة إلى صندوق الهيئة مقارنة بالحجم المتصاعد للمعاشات الخارجة منه. وإذا كان الأمر كذلك كما يؤكد خبراء الهيئة الاكتواريون، فإن لمديرها العام كل الحق في أن يخرج إلى الناس محذرا من العواقب وخصوصا بعد أن أصبح توحيد مزايا نظامي التأمينات والتقاعد مشروعا نيابيا ربما رأى فيه «العصا التي قصمت ظهر البعير». هذا إذا ما سلمنا بأن كلفة هذا المشروع مع تدني الاشتراكات التقاعدية هما لب المشكلة.

وكان من الطبيعي أن تسارع الحكومة إلى التحرك من أجل امتصاص القلق والغضب المتصاعد في الشارع العمالي بعد التحذيرات التي أطلقها المدير العام للهيئة. وقد كان بعض هذا التحرك ما صرح به وزير المالية والاقتصاد الوطني بأن «ما نسب إلى هيئة التقاعد أمام مجلس النواب لا يعبر عن رأي مجلس إدارتها». ولا أدعي معرفة أسباب هذا التحدي ولماذا أرادت الهيئة خلق بلبلة لا سابق لها بشأن مصير الحقوق التقاعدية، ولكنني أعرف تماما أن الكثيرين يبحثون عمن يقول لهم الحقيقة. لذلك فقد حان الوقت لوقف إطلاق التصريحات التطمينية والبحث جديا في إجراء دراسة مستقلة وموضوعية عن الهيئة بهيكليتها ونظمها ووضعها المالي، من أجل اتخاذ الخطوات الجادة وربما المؤلمة لتجديد دماء الهيئة وحماية الحقوق التقاعدية للمؤمن عليهم.

وحتى تتم هذه الدراسة سأميل إلى تصديق المدير العام للهيئة بسبب موقعه على رأس إدارتها حتى وان لم تدع تلك الإدارة وصولها يوما إلى المستوى المطلوب من الكفاءة والاستقلالية والشفافية، سواء فيما يتعلق بتوجهاتها الاستثمارية أو في تنامي مصروفاتها الإدارية بعد تحولها إلى بيروقراطية تتميز بتضخمها الوظيفي، أو في فشلها التطبيق الصحيح لقانون التأمينات الاجتماعية، أو في عجزها عن إجراء التغييرات الضرورية لسد ثغراته، أو في عدم قدرتها على مقاومة التدخلات التي كانت ولاتزال تساهم في إضعاف إدارتها والمساهمة في ما تدعيه من عجز مالي.

وإذا ما اتخذ القرار بإجراء الدراسة المستقلة المقترحة بشكل شامل وموضوعي فقد يكون من المفيد أن تأخذ الدراسة في الاعتبار المقترحات الآتية:

1- إعادة صوغ قانون التأمينات الاجتماعية أو تعديله حتى يكون أكثر وضوحا ولا تصدر في تفسير مواده قرارات وزارية تحتاج بدورها إلى توضيح. وفي هذا السياق لابد من حصر كل الثغرات التطبيقية للقانون على ضوء تجربة الهيئة على مدى السنوات السابقة.

2- إعادة تنظيم الهيئة وتجديد هيكليتها الإدارية مع تقرير الحجم الصحيح لجهازها الوظيفي ووضع نظم ومقاييس عمل جديدة لضمان كفاءة أدائها.

3- إصدار بيانات مالية مدققة للهيئة في نهاية كل عام ونشرها في وسائل الإعلام لإطلاع أصحاب الشأن المؤمن عليهم.

4- وضع سقف على حجم المعاش التقاعدي لذوي الرواتب العالية، كما هو مطبق في بعض دول التعاون الخليجية.

5- دراسة إمكان تغيير الوضع القانوني للهيئة لضمان شفافيتها واستقلالها عن تدخلات الجهات النافذة وخصوصا فيما يتعلق بتوجهاتها الاستثمارية.

6- التركيز على المشاركة الفاعلة للاتحاد العمالي في كل قرارات الهيئة.

7- بيع الموجودات في المحافظ الاستثمارية الخاسرة للهيئة، وذلك لخلق السيولة المطلوبة وتحويلها إلى استثمارات رابحة ومضمونة.

8- عدم تحويل الطموحات الشخصية ومحاولات الحصول على مكاسب سياسية قصيرة الأجل داخل المجلس النيابي إلى تشريعات تضرّ بنظام التأمين الاجتماعي على المدى البعيد، وربما تساهم في إفلاسه.

ونعيد القول إن التصريحات الحكومية التطمينية للمخاوف من إمكان إفلاس الهيئة ماليا ليست هي الحل، وخصوصا مع وجود الفرصة لتحرك موضوعي نحو إصلاحات ممكنة تعالج أيضا بقية «إفلاسات» الهيئة.

البحرين - راشد محمد فخرو

العدد 230 - الأربعاء 23 أبريل 2003م الموافق 20 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً