العدد 236 - الثلثاء 29 أبريل 2003م الموافق 26 صفر 1424هـ

صناعة السياحة بحاجة إلى إبداع مستمر

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

السياحة التي نتحدث عنها تختلف عن السياحة التي يؤمن بها البعض والتي تقتصر على توفير الملاهي الليلية المملوءة بالجنس المعروض للبيع. هذه السياحة الجنسية لم تعد أساسا معتبرا لصناعة السياحة بعكس ما يعتقده البعض. ففي الماضي كانت هناك بلدان اشتهرت بهذه السياحة بسبب ظروف مرت بها، ولكن الآن اختلف الوضع. فدولة مثل تايلند غدت تعاقب أي شخص وتتخذ اجراءات ضد أية مجموعة تتحدث عن السياحة التايلندية وكأنها مجموعة من بائعات الهوى اللاتي يستقبلن مختلف أنواع البشر في الملاهي الليلية. السياحة في تايلند تغيرت كثيرا وهي بعد تغيرها تدر على التايلنديين أموالا طائلة سنويا. وهكذا الحال بالنسبة إلى مالطا وعدد من الدول الأخرى.

السياحة تقوم على مبدأ مهم وهو جذب أكبر عدد من الناس الى منطقة معينة. ومع قدوم هؤلاء الناس الى تلك المنطقة المستهدفة فان الذين يبيعون ويعرضون سلعهم يزدادون، والفنادق والغرف المعروضة للايجار تزداد، والاستعراضات تزداد، والتسهيلات تتوافر لرعاية الأعداد القادمة لزيارة المكان أو المنطقة أو المدينة، وسرعان ما يؤسس مركز تجاري ومراكز كبرى وأسواق شعبية وغير شعبية.

وبمعنى آخر فإن السياحة هي ابداع انساني يحتاج الى مبدعين لاختراع أو تطوير «المناسبة»، سواء كانت هذه المناسبة تاريخية أو ثقافية أو رياضية أو عطلة الأسبوع، التي يود من لديه بعض المال صرف جزء منه للابتعاد عن الروتين اليومي.

وبعد المناسبة فان المبدع هو الذي يطور أو يخترع «الموقع» أو المواقع التي سيتجه إليها السائح خلال تلك المناسبة. وعندما يكون حدد الهدف فان الأعمال التطويرية للتسهيلات المختلفة تبدأ لكي يستطيع شخص ما الوصول الى ذلك المكان والبقاء فيه الفترة التي يودها وثم الرجوع الى حياته الروتينية بعد أن يكون قد قضى وقتا ممتعا تزود فيه معنويا وارتاح جسديا من عبء المسئوليات اليومية.

ويرتبط بهذه التطويرات السياحية تطور في كتابة ونشر الكتب والخرائط والتحف والهدايا وغيرها من الأمور التي يود الزائر حملها معه عند رجوعه الى موطنه لكي يتذكر المكان الذي زاره.

تطوير السياحة بحاجة الى نوعية خاصة من التعامل، فكثير من الناس يودون زيارة بلدنا ولكنهم يقولون ان اسلوب تعامل موظفي الجمارك، مثلا، الذين قد يعاملون القادمين كمجرمين، أو اسلوب تعامل اصحاب سيارات الأجرة الذين قد يستغلون الأجنبي لعدم معرفته بأسعار البلد، أو أصحاب المحلات الذين يرفعون الأسعار على أساس اللهجة أو اللون أو أي شيء آخر يميز السائح عن غير السائح تعوقهم عن ذلك.

الزائر يود الاستمتاع بالمقاهي وبمعارض الرسم وبالفنون الشعبية التي لا يجدها في مكان آخر، ولذلك يجتهد كل بلد في احياء تراثه باسلوب يشد السائح إلى تلك البلاد. كما ان الحكومة في البلد التي تود تطوير سياحتها تنشئ مراكز توجيه سياحية TOURIST INFORMATION CENTRES لكي يرجع اليها السائح، سواء كان هذا السائح مواطنا أم أجنبيا.

وكلما ازدادت المناسبات والأوقات (بحسب الطقس) ازدادت الحركة التجارية في البلاد، ولذلك لا يمكن حساب المدخول السنوي غير المباشر من السياحة بدقة.

كثير من الناس يقدمون الى البحرين للتسوق ولشراء الكتب ولحضور بعض الأنشطة الاجتماعية والثقافية. ومع مجيئهم الى البحرين يجلبون معهم عائلاتهم وهؤلاء يذهبون إلى التسوق ويحركون الاقتصاد. بينما لو كان الرجل فقط هو الذي جاء للسياحة من أجل سياحة جنسية مثلا، فإنه يأتي لوحده، وعادة بصورة متخفية، ولا يستفيد أحد من وجوده سوى قلة محدودة مرتبطة بشبكات خارج البلاد تصدر الأموال التي تحصل عليها لضمان استمرار تلك الشبكات التي توفر مزيدا من النساء اللاتي يستدرجن لمثل هذا العمل.

ان البحرين لديها خيارات كثيرة، وهي بانتظار القرار الحازم تجاهها. فقد بدأنا بمناسبات كبيرة مثل «الفورميلا - 1» ولدينا عشرات ان لم يكن مئات المناسبات الأخرى المرتبطة بتراثنا وتاريخنا وبيئتنا، وكل هذه بحاجة إلى من يهتم بالشأن العام أكثر من الشأن الخاص، ويهتم بالقرار البعيد المدى بدلا من القرارات الآنية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 236 - الثلثاء 29 أبريل 2003م الموافق 26 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً