العدد 2369 - الأحد 01 مارس 2009م الموافق 04 ربيع الاول 1430هـ

«الكوثر»... جمعية المعاني الإنسانية

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

زيارة جمعية الكوثر لرعاية الأيتام إلى صحيفة «الوسط» السبت الماضي، حملت في طياتها أبعادا إنسانية عظيمة جدا لا يمكن إيجازها في سطور، فهي مؤسسة رائدة تخدم فئة حرمت من الحنان والعاطفة والرعاية الأسرية، وتعمل وفق موارد مادية محدودة تجعل منها جهة مهيأة لمغادرة الساحة الاجتماعية والعمل التطوعي في أي وقت، لأنها في الواقع تجربة أوجدت في مجتمع غير قابل للتفاعل بشكل كاف مع الأهداف والقضايا التي تتوجه إليها كجهة أهلية غير ربحية.

مؤسسو الجمعية حملوا على عاتقهم مسئوليتهم الوطنية تجاه أبناء البحرين من الأيتام، فأوجدوا لهم موقعا قادرا على أن يؤهلهم في مختلف المجالات التعليمية والثقافية والأخلاقية والتربوية، ويوفر لهم الرعاية الصحية والدعم النفسي والمعنوي، إلا أن العجلة لا يمكنها أن تسير لوحدها من دون وجود محرك يضمن لها الاستمرارية في الدوران.

وعلى الرغم من أن الجمعية تتلقى بعض الدعم من هنا وهناك، إلا أن طموحها يتعدى سقف رعاية 240 يتيم ويتيمة من مختلف الأطياف والانتماءات، وإذا كانت حاليا لا تتجاوز الحدود الجغرافية للمحافظة الشمالية انطلاقا من موقعها القريب من شارع البديع، فإن أفقها يتجاوز الإمكانات ليشمل كل حدود الوطن.

ولكن كيف لها أن تحقق كل ذلك وهي لا تستطيع أن توجد لها قطعة أرض تمهد لمقر ثابت يشتمل على جميع الخدمات التي يحتاجها اليتيم لمساعدته في التغلب على الصدمة النفسية التي تعرض لها إثر فقده أحد والديه أو كلاهما، وهي مسألة يدرك علماء النفس أنها بحاجة إلى جلسات علاج مطولة للتغلب عليها وتخطيها.

والجمعية لا تنتظر من يدعمها ماديا فقط بل هي بحاجة إلى الدعم المعنوي أيضا، ولكن يبدو أن تغيرا طرأ على مفهوم العمل التطوعي الذي لا ينشد أي مقابل، فأصبح بالنسبة للكثيرين بمثابة مهمة هامشية تستخدم لمضيعة الوقت والتسلية ويمكن اللجوء لها في أي وقت، في حين أنه يمثل أسمى معاني البذل والعطاء والتفاني بلا حدود لمن يؤمن بالجزاء الإلهي ويسخر نفسه لخدمة اليتيم عملا بقول الخالق جل وعلا في محكم كتابه الكريم «فأما اليتم فلا تنهر وأما السائل فلا تقهر».

هناك أفكار مطروحة من قبل القائمين على الجمعية لتسليم إدارتها ورئاسة لجانها إلى الأيتام أنفسهم، فيتولى أحدهم مسئولية لجنة الرعاية الصحية بعد أن يصبح طبيبا، وآخر يدير لجنة الرعاية التعليمية، وكذلك الحال بالنسبة للجان الأخرى، ولكنها تبقى أحلام بحاجة إلى جهات داعمة تكون مستعدة لابتعاث هذه الفئة إلى المعاهد والجامعات الخارجية المعروفة على مستوى العالم.

وبقى أن نُذكر أننا فقدنا الكثير من شبابنا في دهاليز المخدرات والسطو والاغتصاب وارتكاب الجرائم الجنائية والأخلاقية، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من يقضي أيامه خلف قضبان السجون، لا لشيء سوى أنه لم تهيئ لهم الظروف ليكونوا أناسا صالحين، ولأن الحياة قذفت بهم في معتركها ومشاقها في سن مبكرة ولم يكن معهم من يأخذ بأيديهم أو يقدم لهم العون والمساعدة، وبالتالي ليس علينا أن نفقد منهم المزيد، فإذا كان المال هو الحجة فإن الحفاظ على العنصر البشري أهم من أي ثروة قد يتمكن من جمعها مخلوق.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2369 - الأحد 01 مارس 2009م الموافق 04 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً