العدد 2374 - الجمعة 06 مارس 2009م الموافق 09 ربيع الاول 1430هـ

التنمية المستدامة على سواحل سترة

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

عرفت لجنة منظمة الأمم المتحدة للبيئة والتطور في العام 1987 مفهوم التنمية المستدامة «sustainable development» بعملية التنمية والتطور التي تلبي احتياجات الحاضر من دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتها.

وقد تمت صياغة هذا المفهوم العلمي للتركيز على إيجاد استراتيجيات لتعزيز النمو الاقتصادي والتصنيع وبالتالي المساهمة في رخاء جميع فئات نسيج المجتمع من دون القضاء أو الضرر بالبيئة.

لكن للأسف فإن سواحل جزر البحرين وبصورة عامة تعاني من داء بيئي جلل، ومستمر منذ عدة عقود، ألا وهو ضرر عمليات الردم والدفان. ففي تقرير لجنة التحقيق البرلمانية بشأن التجاوزات الواقعة على البحر والسواحل والتي نشرت صحيفة «الوسط» تفاصيله بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول 2008 فقد أوضحت اللجنة أن عمليات الردم والدفان لاتزال جارية على قدم وساق منذ العام 1931 حيث كانت المساحة الإجمالية لجزر البحرين 410 كيلومترات مربعة لتزيد وتصل تلك المساحة إلى 741 كيلومترا مربعا في العام 2006. لذلك فإن من الطبيعي أن تكون زيادة الرقعة الجغرافية بنسبة تفوق ثلاثة أرباع المساحة الأصلية خلال فترة لا تتجاوز سبعة عقود قد ساهمت في استنزاف الموارد الطبيعية للمملكة وخاصة مخزون المياه الجوفية في الطبقات الجيولوجية ومصائد الأسماك وبالتالي فإن شعب البحريني مهدد حاضرا ومستقبلا في أمنه الغذائي والمائي.

بسبب هذا التهديد المتواصل لسواحل المملكة فقد أصدر ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة مرسوم رقم 24 لسنة 2008 باعتماد المخطط الهيكلي الاستراتيجي للمملكة. وبحسب نص المرسوم فقد تم اشتراط أخذ رأي مجلس التنمية الاقتصادي وهيئة التخطيط والتطوير العمراني والمجالس البلدية قبل القيام بأي تعديل على المخططات العامة أو التفصيلية بما لا يتعارض مع التخطيط الهيكلي المذكور.

هذا المرسوم -الصادر من أعلى الهرم السياسي في المملكة- متوافق مع الرؤية الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة. للعلم فإن تحقيق هذه التنمية المستدامة يرتكز على 3 أعمدة متعاضدة وبنسب متساوية: اقتصادية، واجتماعية، وبيئية. بالتالي فإنه لا يمكن تحقيق نمو اجتماعي للسكان واقتصادي للناتج القومي من دون أخذ حماية البيئة في الاعتبار.

مسببات وتفسيرات زيادة الرقعة الجغرافية للملكة متعددة فمنها يتعلق بإنشاء مناطق سكنية لذوي الدخل المحدود أو مشاريع عقارية استثمارية أو إنشاء مناطق صناعية وأخرى مصرفية. لكن يبدو أن سواحل سترة تشهد حاليا محاولة استنباط تبرير جديد للحصول على إجازة قانونية من قبل السلطة التنفيذية بدواعي تحقيق الأمن والأمان في ربوع الوطن أو إقامة منطقة سكنية لمنتسبي قوة دفاع البحرين بالقرب من منطقة صناعية تكثر فيها المداخن الملوثة لجودة الهواء الجوي وبالتالي سيؤثر صحيا على قاطني هذه المناطق المدفونة الجدد.

مما لا شك فيه فإن قوة دفاع البحرين هي حصن الوطن الأول ضد غدر الأطماع، ومنتسبيها شاركوا بفعالية وجدارة في حرب الكويت وبالتالي هم جزء لا يتجزأ من التنمية المستدامة للوطن وخاصة أن العسكرية توجب احترام القوانين ولاسيما تلك الصادرة من قمة الهرم السياسي.

فهل سنرى في الأيام المقبلة استمرار عمليات الدفان في ظل وجود معارضة شعبية أو سيتم إيقاف الجرافات ومناقشة الأمر بتعقل بين الجهات الرسمية للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف؟

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2374 - الجمعة 06 مارس 2009م الموافق 09 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً