العدد 2378 - الثلثاء 10 مارس 2009م الموافق 13 ربيع الاول 1430هـ

حرية الصحافة...

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

من يراقب الوضع في الصحافة يلحظ تقدما ملحوظا على مستوى الأصعدة، فلم يكن لدينا في البحرين قبل ميثاق العمل الوطني ذلك المجال الذي يتيح للصحافة الغوص بحثا عن المعلومات عن بعض الوزارات والهيئات الحكومية وطرح قضايا حساسة جدا.

تلك الأمور تكاد تعود أدراجها مرة أخرى، فبعد تقديم الصحافيين إلى المحاكمة تلو المحاكمة باتت الرسالة واضحة ولا تحتاج إلى تكرار وهي أن الصحافيين لن يستثنوا من المحاكمة وربما الحبس وغيره إذا تطاولوا على بعض الوزارات أو المتنفذين! وإذا صح ذلك فسنقول للصحافة «باي باي»، ولن نخدع أنفسنا بالحرية التي لم نحتملها كثيرا فعدنا وألقينا بالصحافيين في أقفاص الاتهام وأحكمنا إلى قانون العقوبات ولن نستبعد أيضا معاقبة بعض الصحافيين وفق قانون الإرهاب.

نعم، نحن نخشى أن نكتب اليوم مقالا ضد خباز القرية الذي حول خبزه النظيف إلى أسود، ونخشى أن نكتب مقالا في صاحب برادة السمبوسة لأنه قلص حجم السمبوسة لأننا لا نملك الحق في الحديث عن بعض القضايا فحرية الناس وحقوقهم التي شرعها الدستور والقانون وكفلتها الأعراف الدولية لا يمكن أن تسمح بذلك... وحتى لو شاهدنا سرقة أحد البنوك أو اختلاس أحد المسئولين لمبالغ مالية وكانت الأدلة دامغة فلا يحق لنا الحديث أو التطرق عن الموضوع لا من قريب ولا من بعيد وحتى لو كان بالإشارة.

ووفق هذا المنطق، فنقول أغلقوا الصحف لأن الحرية التي نشدناها في يوم من الأيام أقسى من أن تتحملها بعض الجهات التي لا ترى في الحرية إلا مجالات للتعبير عن بعض النواقص التي ظلت حبيسة الأدراج سنوات طويلة، والحديث عنها أشبه بنبش قبور الموتى الذي لا تجيزه الشريعة ولا العقل!

نحن بحاجة إلى مصارحة ومكاشفة، فالحرية التي يتحدث عنها الصحافيون لا ترمي إلى رمي الناس بهتانا، بل إنها تروم إصلاح الرتوق وإعادة الماء إلى مجاريها، وأما إن كان منطق العقل يقول بإسكات كل الأفواه التي يمكن أن تنبس ببنت شفا عن حقيقة يعتبرها البعض مرة، فهذا المنطق لا محل له في بلد شق طريقا طويلا نحو نهج جديد من الحرية،إلا كان التوجه بإعادة الدفة إلى الشاطئ بعد درب طويل.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 2378 - الثلثاء 10 مارس 2009م الموافق 13 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً