العدد 2392 - الثلثاء 24 مارس 2009م الموافق 27 ربيع الاول 1430هـ

يريدونه مجلسا للبصم لا النقاش

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

من خلال متابعاتنا المستمرة للمجلس النيابي سواء الدور التشريعي الحالي أم السابق ومن خلال عدة شواهد ومحطات يتضح أن الحكومة لا تريد أن تعطي المجلس النيابي أي دور أو أية فرصة لممارسة دوره التشريعي والرقابي بفعالية، ولا تريده أن يمارس دوره بمهنية عالية، بل تريده هكذا أن يكون مجلسا عقيما، مجلسا مشلولا دون حراك، مجلسا لا حول له ولا قوة.

وتريد أن تكون هي المهيمنة المسيطرة على كل المفاصل، تريد أن تكون القوية المتخمة بالصلاحيات في مقابل المجلس الضعيف معدوم الصلاحيات، فهي تغلق باب الحوار أمام طالبيه، وتسد فصول المفاوضات أمام النواب المفاوضين، وتجمد بدورها كل ما من شأنه أن يعيد التوافق إلى الأروقة، دورها سلبي جدا وتترتب عليه آثار سلبية مضرة بالإصلاحات السياسية.

بل يتضح -ومن خلال أيضا شواهد عديدة- أن الحكومة لديها رغبة جامحة في مجلس بصّام يبصم على كل الرؤى والقرارات والتوجهات الحكومية، فهي لا تريد من المجلس النيابي المنتخب أية مخالفة أو معارضة، هذا لا ينسجم فقط مع المجال السياسي بل كل المجالات المعيشية منها والسياسية، فعلاوة الغلاء التي ذُل واستهلك فيها النواب كل طاقتهم بهدف تحقيق مكسب للمواطنين، وخصوصا أن الغلاء لايزال قائما في العديد من السلع وبعد أن اعتاد المواطنون على الـ 50 دينارا، ولما كانت ستنتهي قصة علاوة الغلاء لولا قرار الحسم الذي جاء من خارج الحكومة.

للأسف الشديد العقلية السائدة للحكومة هي العقلية المستبدة المسيطرة التي تريد أن تتحكم وتسيطر على كل الملفات من دون أن تترك للمجلس النيابي أية فرصة لتحقيق أي إنجاز من شأنه أن يعطي المجلس النيابي صدقية أمام الناخبين الذين انتخبوا مرشحيهم على أمل تحقيق الآمال.

عندما تابعت حركة المد والجزر في مسألة إقرار موازنة الحكومة شعرت حينها بالدوار، والاشمئزاز والتقزز فلم يبق أي أسلوب مماطل إلا واستخدمته الحكومة مع لجنة الشئون المالية والاقتصادية بهدف عرقلة إنجازات النواب وتمرير الموازنة بالشكل الذي تراه وترتضيه الحكومة من دون مرونة تذكر، ويحسب للجنة أنها أبدعت وبذلت قصارى جهدها في سبيل إبراز موقف الحكومة المتصلب من الموازنة، على رغم أنها كانت تحمل طموحات كبيرة وكانت تحلم من خلال المفاوضات المتنوعة والحلول المقترحة أن تحقق ما هو جديد على السياسة الحكومية ولكن الموقف الذي ساد المشهد وكالعادة هو الرفض وعدم القبول ومن ثم الاعتذار ولا شيء غيره.

وفيما يلي تلخيص لأهم الجهود التي قامت بها اللجنة المالية الاقتصادية أثناء تداولها موضوع الموازنة (أي قبل تعديلها بقرار ملكي)، لنعلق عليها:

لم تستجب الحكومة لطلبات واستفسارات اللجنة المالية بل رفضت تزويد اللجنة بالمعلومات الضرورية مثل فائض السنوات 2003 إلى 2008، وتزويدهم بتفاصيل الإنفاق في علاوة الغلاء لسنة 2008 وتخلفت عن توضيح برنامجها في تمويل العجز ولم تسلم للجنة شيئا واضحا في هذا الصدد، وهذا بدوره يسجل استجابة سلبية من قبل الحكومة تجاه الموضوع المهم المتابع من قبل المجلس النيابي.

كما رفضت الحكومة الأخذ برأي اللجنة المالية في أي شيء في باب الإيرادات ورفضت أيضا رأي اللجنة وتوصياتها في باب المصروفات برفضها إضافة اعتماد لعلاوة الغلاء واعتماد «للبلديات» و»الصحة» و»التعليم»... وتطلب الأمر تدخل جلالة الملك لاحقا.

رفض الحكومة لمقترحات اللجنة ليس بغريب فقد اعتدنا عليه، واستجابتها السلبية أيضا أمر وإخفاؤها للمعلومات والبيانات اللازمة التي طلبها المجلس وألح عليها أيضا ليس بمستبعد فالمعلومة غير متوافرة وغير متاح تداولها وكأننا نعيش في جزر «الواق واق»، ولكن أن ترفض المقترحات التي تجتهد في طرحها اللجنة من دون أن تقدم البدائل من قبل الحكومة، وإصرارها على مواقفها الجامدة من دون أن تقدم مبررات وأسبابا قوية، يعني أنها تريد أن تسيطر على الموقف، وأن تجعل من المجلس النيابي مجلسا للبصم على خطط الحكومة وعلى قراراتها من دون الأخذ برأيه وهذا بدوره يعني الوصول إلى طريق مسدود.

لم يتبق من الدور التشريعي الثاني هذا سوى بضعة شهور لنجد أنفسنا أمام 2010، انتخابات جديدة ومرشحون جدد وناخبون جدد ... كيف يمكن للحكومة أن تضمن الاحتفاظ بنسبة المشاركة، فضلا عن استمرارها في تصلبها وجمودها وعدم قدرتها على تحقيق توافقات من شأنها أن تحقق مزيدا من المكاسب؟

الشارع عموما يعيش حالة من الإحباط واليأس ولم يعد يؤمن بوجود مجلس نيابي له دور تشريعي ورقابي؛ لأن الحكومة نجحت نجاحا فائقا في إفراغ المجلس من محتواه ومن أدواره بعد أن سلبت منه ما تريد وبعد تسويات عدة من نواب لا يعون بالعمل السياسي ولا أبعاده، ولكنها تعود من جديد لتطالب الناخبين بتفعيل أدوارهم السياسية من خلال المشاركة في الانتخابات، علينا أن نحترم موقف الشارع ودوره فهو لا يريد أن يكون ألعوبة في يد الحكومة من خلال التلاعب في مواقف ناخبيهم، ولا يريدون التصويت فقط من أجل التصويت، يريدون التصويت بغرض تحقيق المكاسب وإذا كان لا جدوى من تصويتهم فإنهم دون أدنى شك سيمتنعون عن المشاركة وعلى الحكومة أن تدفع الضريبة والثمن.

وإذا كانت الحكومة لم يكفها أن يكون لها مجلس معيّن وباصم لها على كل ما تريده، وتريد أن تحول المجلس المنتخب أيضا إلى بصّام، عليها أن تذكر ذلك بوضوح حتى بدوره الناخب/ الشارع أن يختار مرشحه بعناية.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2392 - الثلثاء 24 مارس 2009م الموافق 27 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:58 ص

      السيدعدنان علي محسن إسكان عالي

      إن كل المجالس النيابية المجودة في الدول العربية و الخلبيجبة معوقة و إنما مجلسنا أكثر إعاقة و هذه الإعاقة ليس جسدبة فقط إنما هي نفسية و علاجة ليس من السهل لآن صاحبها كلما يريد أن يعالج في أي مشروع يزداد في مرضية و يمرض غيرة اليس كذلك و صحيح إن مجاسنا مريض و المرض فية مزمن و لكن لا نترمع لوحده سوف نتابع علاجة و نستأصل كل ورم فية و لا نتركة بمرضة للإجيال القادمة

اقرأ ايضاً