العدد 2398 - الإثنين 30 مارس 2009م الموافق 03 ربيع الثاني 1430هـ

«العمالة العازبة»... قنابل موقوتة وسط الأحياء السكنية

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

جرت العادة أن نضجّ عندما نسمع عن وجود قنبلة في مكان ما، ولا تخرج ردود أفعالنا عن الإصابة بالهلع والخوف والفزع، فنستنفر كل الجهود والإمكانات الأمنية للكشف عنها وإحباط مفعولها، بينما نعيش كل يوم وسط الحي وفي القرية والمنطقة والمدينة وبيننا عشرات القنابل ولا نملك أداة تمكننا من التخلص منها، على رغم أنها مهددة بالانفجار في أي وقت.

ذلك هو حالنا مع مساكن العمال العزاب الذين لا يبعدون عن عتبات بيوتنا سوى خطوات، ونراهم في كل حين يجوبون الطرقات في وقت الظهيرة أو المساء وهم يرتدون لباسا يكشف عن أجزاء كثيرة من أجسادهم، ويقضون الليل أحيانا في جلسات اللهو والصخب وتناول المسكرات وعيوننا ساهرة معهم وأثقلها النعاس، عدا نظراتهم الفاحصة التي لا تسلم منها امرأة أو طفل؟

نعلم أنه لا سلطة لدى المجالس البلدية تمكنها من إيجاد تشريع ينظم الفوضى التي يخلقها هؤلاء في مناطقنا التي كانت هادئة ونأمن فيها على أنفسنا من السرقات والاغتصاب، ولا نستثني جنسيات أخرى بما فيها المواطنين من ارتكاب الجرائم، ولكن نتساءل عن دور مجلس النواب في المبادرة إلى معالجة هذه المشكلة التي يعيشها المجتمع البحريني في ظل تساوي كفته مع الأجانب من ناحية عدد السكان.

الأجهزة التنفيذية في البلديات لا يمكنها التعامل بحزم مع شكاوى المواطنين المتضررين من مساكن العمال العزاب لأنها في الواقع لا تملك مسوغا قانونيا يسمح لها بإخراج الآسيويين أو غيرهم من الجنسيات إلى موقع آخر بعيدا عن المناطق السكنية، في حين ليست هناك مدينة عمالية في البحرين من الممكن أن تكون متسعا للعمال ليمارسوا فيها طقوسهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم بحرية تامة لا تؤثر على الموروثات الاجتماعية لأبناء هذا الوطن العزيز.

وما يزيد الأمر تعقيدا، أنه لا يوجد تصنيف محدد خاص بسكن العمال لدى إدارة التخطيط العمراني يمكن الاستناد إليه في توزيع المشروعات السكنية أو مادة قانونية تمنع أي صاحب مُلك من تأجير عقاره على عمال، وأغلب المساكن المؤجرة على هؤلاء متهالكة وآيلة للسقوط ولا توجد فيها أبسط معايير الأمن والسلامة، فالغرف تتحمل عبئا يفوق طاقتها، وهي بمثابة مطبخ، ومكان للنوم والتعبد، وموقع لتخزين الملابس والحاجيات، وتوصيلاتها الكهربائية رديئة وغير صحيحة، ما يرفع من احتمالات حدوث تماس كهربائي في أية لحظة.

وذلك كله يثبت أن التعاطي مع موضوع بهذه الأهمية من زاوية قوانين وزارة العمل والاشتراطات التي وضعتها وزارة الصحة، غير كافٍ لوضع حد لعدد الحرائق التي تندلع بين الحين والآخر في مساكن العمال، ولا يمثل أية معالجة حقيقية للخطر الذي يتهدد السلم الأهلي والاجتماعي.

من المفترض علينا أن لا ننتظر طويلا حتى يحدث ما لا نتوقعه من شريحة أغلب المنتمين إليها غير متعلمين وممن عاشوا ظروفا صعبة وقاسية في بلدانهم قد تدفعهم في بعض الأحيان إلى الانتحار أو التعدي على أعراض وأملاك الآخرين.

وأعداد القادمين من شرق آسيا في تزايد وربما تكشف لنا الإحصاءات مع مرور الأيام أن تعداد سكان البحرين وصل إلى مليون ونصف المليون نسمة، وبالتالي نحن بحاجة إلى أن نضع حلولا واقعية وأن لا نركن إلى مناقشة الموضوع في قاعات الاجتماعات ومن ثم نعد التقارير لنتركها في الأدراج يأكلها النسيان.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2398 - الإثنين 30 مارس 2009م الموافق 03 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً