على غرار مقولة «مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ»، انتعشت شركات الشحن المتخصصة بنقل الأمتعة في دولة الإمارات بفعل موجة «الإقالات» وتسريحات الموظفين من العديد من الشركات، وارتفعت أسعار خدماتها؛ لأن غالبية العائدين إلى بلادهم يفضلون شحن أمتعتهم وأثاث منازلهم بدلا من بيعها بثمنٍ بخس.
وقال عائدون إلى الأردن ومصر وسورية، بعد أن فقدوا وظائفهم في الإمارات، إنهم فوجئوا بارتفاع أسعار الشحن البري الذي تقوم به عادة شركات صغيرة الحجم تستأجر شاحنات كبيرة لنقل بضائع مختلفة لمجموعات من زبائنها.
واتصلت «الأسواق.نت» بعدة شركات شحن في دبي؛ إذ أكدت هذه الشركات ارتفاع أسعار الشحن بنسب متفاوتة تصل إلى 35 في المئة، عما كانت عليه قبل عدة شهور، فيما قالت إحدى الشركات إنها رفعت أسعارها منذ شهر و20 يوما فقط بسبب ارتفاع الطلب وقلة الشاحنات.
وطلبت إحدى الشركات 2500 درهم أجرة سيارة شحن حمولة 3 أطنان إلى الأردن، إضافة إلى تكاليف التغليف التي تبلغ لحمولة هذه السيارة قرابة الـ800 درهم، مشيرة إلى أن أجرة هذا الحجم من سيارات الشحن كانت قبل عدة شهور تتراوح بين 1800 درهم و2100 درهم فقط إلى الوجهة ذاتها.
وقال صاحب الشركة الذي لم يذكر اسمه إن «الطلب على الشحن ارتفع، وإن السوق تحركت في الأسابيع الأخيرة، وخصوصا باتجاه الأردن»، مشيرا إلى أن السبب في ذلك «موجة التسريحات والتفنيشات وفقدان الوظائف التي تدفع أصحابها إلى شحن أثاثهم وأمتعتهم عند مغادرة الدولة نهائيا».
وتوقع صاحب الشركة، الذي تحدث لـ «الأسواق.نت»، أن تشهد أسعار الشحن البري مزيدا من الارتفاع بحلول شهر يونيو/حزيران المقبل؛ إذ ستكون المدارس قد أنهت عامها الدراسي، ومن المتوقع أن يشهد الطلب على الشحن مزيدا من الطلب.
وقالت شركة أخرى إن كلفة صندوق الشحن (20 قدما) إلى مصر تبلغ 1950 درهما، يضاف إليها 1800 درهم كأجور تغليف، و200 درهم كمصاريف أخرى، واعترفت الشركة التي تحدثت «الأسواق.نت» إليها بأن «هذه الأسعار ارتفعت عما كانت عليه قبل شهور».
وقال صاحب ومدير شركة شحن أخرى، في منطقة العوير بدبي، إنه رفع أسعار الشحن منذ شهر و20 يوما؛ إلا أنه أشار إلى أن الارتفاع الحالي في الأسعار يرجع إلى شح سيارات الشحن؛ إذ انخفضت أعداد السيارات التي تصل إلى دولة الإمارات محملة بالخضروات والفواكه من سورية والأردن.
وبحسب مدير الشركة المتخصصة بشحن الأثاث والسيارات، فإن المتوقع «أن يرتفع الطلب على سيارات الشحن بحلول شهور الصيف؛ إذ تنتهي عقود بعض مستأجري الشقق والمساكن، وينتهي العام الدراسي، فيظهر الطلب من العائدين إلى بلادهم نهائيا».
وقال مدير شركة أخرى اتصلت به «الأسواق.نت» إن «90 في المئة من طالبي شحن الأثاث في الآونة الأخيرة هم فاقدو الوظائف، والذين اضطروا لإلغاء إقاماتهم في الدولة».
وذكر المدير في الشركة أن بعض سيارات الشحن العاملة لديه ومن معها من عمال نقل وتغليف فوجئوا مؤخرا بأن أثاثا مفترضا شحنه لأحد الزبائن هو محل خلاف مع مالك المنزل الذي قام بحجزه لضمان سداد متأخرات مالية على المستأجر.
وبحسب مدير الشركة فقد تبين أن الزبون فقد عمله ولم يسدد إيجار منزله، ما اضطر مالك المنزل لحجز الأثاث أملا في الضغط على المستأجر بأن يدفع الإيجار.
وكانت «الأسواق.نت» قد تلقت اتصالات من فاقدي وظائف في دبي ودولة الإمارات يفيدون بارتفاع أسعار خدمات الشحن البري إلى الأردن ومصر وسورية، وأشار أحد المتصلين إلى أنه واجه صعوبة في العثور على سيارة شحن والاتفاق معها على نقل أثاثه إلى الأردن، بينما قال آخر إن السعر تضاعف عما كان عليه سابقا؛ أي أنه ارتفع بنسبة وصلت إلى 100 في المئة.
وبهذا الانتعاش يكون قطاع الشحن في دولة الإمارات واحدا من مجالات محدودة استفادت من الأزمة المالية العالمية. ولا توجد أية بيانات أو إحصاءات عن أعداد الذين فقدوا أعمالهم في منطقة الخليج بسبب الأزمة العالمية؛ إلا أن العديد من الشركات الخليجية الكبرى أعلنت رسميا تقليص أعداد العاملين فيها، بينما بدأت شركات أخرى تقليصا عاما في نفقاتها تضمن تخفيضا في رواتب الموظفين بنسب متفاوتة ومختلفة؛ لكن هذا لا ينفي أن ثمة قطاعا عريضا لم يتأثر بهذه الأزمة إطلاقا.
العدد 2404 - الأحد 05 أبريل 2009م الموافق 09 ربيع الثاني 1430هـ
