النجاح في مجال الفنون اليوم، وتحديدا مجال الغناء والموسيقى يتطلب معادلة بسيطة، تقوم على نجم يمتلك بعض مقومات الجمال، أو أن شكله على أقل تقدير قابل للتعديل من خلال مساحيق التجميل أو العمليات الجراحية، وأن يقبل هذا النجم الواعد التدخل والتطفل على أمور حياته صغيرها وكبيرها، وأن يمتلك بعض الموهبة الفنية، وهو شرط غير حتمي، فكثر هم من لا يعرفون عن الموسيقى أكثر من كونها نمطا من الترفيه تعرضه قنوات الأغاني ونراه على الشاشات في المقاهي اليوم. ويبقى المكون السري الذي يضمن نجاح هذه الخلطة، هو شركة إنتاج ترعى النجم وتحقق له نسبة دعاية بمختلف الوسائل، تبقيه في الساحة الفنية، وإن لفترة محدودة.

فـ «روتانا للإنتاج الفني» التي مضى على انطلاقها اليوم ما يزيد على 20 سنة، استطاعت أن تحقق لها مكانة متفوقة ومتقدمة في قائمة شركات الإنتاج الفني في الوطن العربي، فارتبط باسمها عدد كبير من النجوم، كثر منهم كانوا ومازالوا أسماء مهمة ومميزة في الساحة الفنية، لعل من أبرز هذه الأسماء، الفنان العراقي كاظم الساهر، والنجمة اللبنانية نجوى كرم، وصابر الرباعي، وعمر دياب، ومدللة «روتانا» كما يصفها البعض إليسا... وغير هؤلاء الكثير من المشاهير.

وعلى رغم أن الأسماء التي ذكرت وغيرها، تمتلك الكثير من مقومات النجاح في مجال الطرب والغناء والموسيقى، سواء على مستوى القدرات الصوتية المميزة، أو الإطلالة القوية والمتمكنة على خشبة المسرح، أو حتى ما يسمى بـ «كريزما» ومقومات شخصية الفنان. إلا أن نجاح هذه الأسماء يتطلب بشكل أو بآخر رعايتهم من قبل جهات تضمن لهم استمرار تواصلهم مع الجمهور بسلاسة ويسر واستمرارية، وهنا كان دور «روتانا» وغيرها من شركات الإنتاج العربية التي نظمت الكثير من الأدوات التي تضمن نجاح النجم، سواء من تنظيم حفلات أو إعداد حملات دعائية ضخمة لما ينتج الفنان من أعمال عبر وسائل الإعلام المختلفة، أو حتى من خلال توفير موازنات كبيرة لإنتاج فيديو كليبات، توصل الأغنية إلى عدد كبير من الجماهير وبأسلوب أكثر جذب من الاستماع للأغنية فقط.

وعلى رغم أن شركات الإنتاج ساهمت بشكل أكيد في زيادة نجومية البعض، وتحسين صورتهم وموقعهم في قائمة فنانين العرب، فإنها أيضا تبنت عددا لا بأس به من الأسماء ممن لم يكتب لهم الاستمرار لأكثر من عدة أشهر، تختفي بعد ذلك أسماؤهم عن الشاشات ومن صفحات المجلات، وذلك لأسباب متنوعة، وغالبا ما تكون لتواضع قدراتهم، غير أن أصوات جميلة كان يتوقع لها النجاح، همشت وغيبت في الوقت الذي كان يتوقع لها الكثير، ولشركات الإنتاج دور أكيد في هذا.

فالخلافات التي تنشب ما بين الفنانين والمنتجين، تتكرر دائما، حتى أنه يمكن القول إنه لابد من وجود خبر على الأقل في كل مجلة فنية عن إشكال ما بين نجم ومنتجي أعماله في كل عدد من المجلات الفنية.

وأسباب الخلافات قد تتفاوت وتتباين، غير أن الاحتكار والتدخل في كل شاردة وواردة يقوم بها الفنان، غالبا ما كان العنوان الرئيسي للكثير من الإشكالات التي همش البعض بسببها، كما أن اختلاف الخطط ما بين جهات إدارة أعمال الفنان، التي تتمثل بما يسمى مدير الأعمال،وشركات الإنتاج، تقضي على الكثير من فرص بعض الأصوات الواعدة.

ويرى البعض أنه على رغم الدور المهم الذي لعبته هذه الشركات في نقل أنماط الفنون ما بين مختلف الدول، فإنها انحازت لجهات على حساب أخرى، فدول الخليج ولبنان تأخذ حصة الأسد، يليها المصريون، ومن ثم الغرب الغربي، الذي وإن أتيح لبعض أبنائه التميز والمشاركة فإن أداءه لأعمال بلهجات بلاده الأصلية مازال قليلا ونادرا.

وتبقى لعبة النجاح والفشل، والتبني والإهمال، ما بين الفنانين والمنتجين، تقوم على أساس أهم قاعدة، الربح والخسارة، فالوجه الذي سيضمن بيع عدة آلاف من الاسطوانات والكاسيتات، ويحقق إيرادات جيدة من خلال الحفلات التي يحييها على مدار السنة، ويكون وجها إعلاميا جيدا للشركة، سينال الكثير من الدلال والاهتمام من الشركات المنتجة، حتى وإن لم يمتلك أبسط مقومات الفن والموهبة والإبداع.