العدد 2521 - الجمعة 31 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ

ثورة تركية على التدخين

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

من مدينة سيفاز (Sivas) الواقعة في وسط الجمهورية التركية، حيث أقضي دائما جزءا من الإجازة الصيفية، يتابع المرء وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وتلفاز وهي تناقش تنفيذ الحكومة التركية قرار منع التدخين داخل جميع الأماكن العامة منذ 19 يوليو/ تموز.

القرار الجديد هو امتداد طبيعي لقرار آخر صدر في مايو/ أيار 2008، حيث تم منع التدخين في المجمعات التجارية والمواصلات العامة (شاملة سيارات الأجرة) وأماكن العمل المختلفة من عام وخاص، ولكن تم السماح بفترة تتعدى السنة لأصحاب المطاعم والمقاهي لتدبير أمرها.

عادة التدخين جزء لا يتجزأ من الثقافة التركية بل هو امتداد لاستخدام النارجيلة منذ العهد العثماني. فإحدى الأقوال المأثورة التي يتناقلها الأوروبيون «دخن نفس التركي» للدلالة على الاستخدام الكثيف للسجائر، حيث توضح الأرقام الرسمية أن نحو 40 في المئة من الفئة العمرية التي تتعدى 15 سنة من الشعب التركي تدخن، وهؤلاء يستهلكون 17 مليون علبة سجائر في اليوم. لذلك فلا شك أن النتائج سلبية لهذه العادة على المجتمع، حيث توضح الأرقام وفاة 100 ألف شخص سنويا من أمراض متعلقة بالتدخين، ويدفع هؤلاء نحو 25 مليار دولار لشراء منتجات التبغ في العام، ويعادل هذا الرقم مصروفات وزارتي الصحة والتعليم في هذا البلد.

يجب ملاحظة أن المزارعين الأتراك ينتجون التنباك وبالتالي أسعار السجائر رخيصة، بل تقوم شركات التبغ المحلية بتصدير نحو نصف مليار دولار من السجائر إلى دول العالم.

الأنباء تتحدث عن استعداد الحكومة التركية عند إصدارها تعديلات القانون ليشمل الأماكن المغلقة داخل المقاهي والمطاعم، وتم تجهيز فريق من 4500 من الشرطة للقيام بالمهمة خاصة في اسطنبول وأنقرة.

القانون يحمل أصحاب هذه الأماكن التجارية المسئولية لإبلاغ السلطات بأية انتهاكات عن طريق تبليغ أجهزة الشرطة عن طريق رقم خاص. وقد وضعت الحكومة جزاءات مناسبة للمخالفين، حيث يدفع المخالف ما يقارب 17 دينارا بسبب تدخينه في الأماكن المغلقة ونحو 6.5 دنانير في حال رمى بقايا السيجارة في الشارع، أما صاحب المقهى فمطالب بدفع جزاء يتراوح بين 140 - 1400 دينار لعدم التبليغ وسكوته عن المخالفة.

هناك عدة أسباب رئيسة لقيام البرلمان والحكومة التركية بإصدار هذا القانون.

أولا: القانون الجديد متفق مع القوانين الأوروبية حيث تحاول أنقرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ثانيا: الحكومة التركية تنفق 3.4- 4.5 مليارات دولار في المجال الصحي لعلاج مرضى التدخين من سرطان وأمراض رئة.

ثالثا: الطبيعة الإسلامية للحكومة ومحاولتها كبح استهلاك التدخين والكحول في المجتمع.

النموذج التركي يستحق الدراسة من قبل أعضاء البرلمان البحريني في دورتهم المقبلة، فهو أول نموذج إسلامي يهدف إلى خفض معدل التدخين بين العامة.

هل تستطيع الأجهزة الرقابية والتنفيذية التعاون لإصدار قانون يمنع التدخين من شيشة ونارجيلة في الأماكن المغلقة في المقاهي والمطاعم، والمساهمة بالتالي في المحافظة على أرواح المواطنين؟

وهل يعلم مرتادو هذه الأماكن أن الدراسات العلمية أوضحت أن عدد السنوات التي يفقدها المدخن من عمره بسبب التدخين تقدر بـ 10 سنوات، وأنه لا يوجد علاج لمرض سرطان الرئة؟

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2521 - الجمعة 31 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً