العدد 2577 - الجمعة 25 سبتمبر 2009م الموافق 06 شوال 1430هـ

منارة علم على ضفاف البحر الأحمر

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

في هذا العام، قد يكون اليوم الوطني رقم 79 للمملكة العربية السعودية علامة فارقة لمخطط النهضة الحديثة لهذا البلد الشقيق تحت قيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. فلاشك إن اختيار اليوم الوطني لافتتاح جامعة عالمية وبحضور القيادات السياسية والعلمية للدول الشقيقة والصديقة دلالة ومغزى لأهمية هذا المشروع المعرفي حسب رؤية القيادة السعودية لمستقبل المملكة في العقود المقبلة.

الصفحة الالكترونية لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) هي البوابة إلى مجتمع حضاري جديد ومختلف ينبت بنظارة ورعاية على شاطئ قرية ثول شمال عروس البحر الأحمر مدينة جدة. قراءة لما بين السطور للكلمة السامية لمؤسس وراعي الجامعة توضح مغزى الاستثمار في التعليم العالي وطموح القيادة السعودية لإثراء الفكر الحديث للمجتمع السعودي التقليدي حيث اجتهد العاهل السعودي لتوفير وقف دائم يقدر بـ 10 مليارات من الدولارات الأميركية لإنشاء بيت حكمة عصري ليكون «منارة للسلام والأمل والوفاق».

بيت الحكمة السعودي يحتضن العديد من الأقسام الأكاديمية مثل: علوم الأرض وعلوم هندسة البيئة، العلوم الحيوية والهندسة الحيوية، الرياضيات وعلوم وهندسة الحاسوب، العلوم والهندسة الفيزيائية والكيميائية. أما المراكز البحثية فتشمل المجالات التالية: الحفز الكيميائي، الاحتراق النظيف، العلوم الحيوية الحاسوبية، النمذجة الهندسية والتصوير العلمي، الأغشية، جنوميات الإجهاد في النبات، علوم وهندسة البحر الأحمر، علوم وهندسة الطاقة الشمسية والبديلة، وأخيرا تحلية المياه وإعادة استخدامها. يلاحظ أن الاختصاصات التي تم التركيز عليها من قبل إدارة الجامعة - سواء في مجالي التدريس أو البحث - هي تخصصات تطبيقية ونظرية علمية تتناول الهموم البيئية والطاقة مع تعزيز مفهوم البيئة المستدامة للعرق البشري.

الحرم الجامعي لبيت الحكمة مزود بأحدث المعامل التطبيقية والمباني الأكاديمية والإدارية وتحتضن الجامعة سوبركومبيوتر يحتل المرتبة 14 من حيث السرعة في العالم، أما وسائل الراحة للمجتمع الأكاديمي فقد تم بناء حي سكني مطل على البحر الأحمر تتوافر فيه الخدمات السكنية والصحية الراقية لأسر الأساتذة والطلاب والموظفين.

جَذْبُ العلماء المميزين إلى هذه الجامعة ليس بالشيء اليسير؛ فأنا لاأزال أتذكر كلمات رئيس قسم هندسة البترول في جامعة تكساس في أوستن (الأولى في العالم من حيث التصنيف في التخصص المذكور) عندما تقدمت إحدى الدول الخليجية لاستضافة القسم في حرمها الجامعي العصري. رئيس القسم (بالمناسبة هندي الأصل) شرح أن الدولة الخليجية عرضت تقديم ضعف الرواتب إلى الهيئة الأكاديمية لكن تم رفض العرض لأن الأساتذة يحصلون على الملايين عن طريق الهبات والمنح من قبل الشركات والحكومة الأميركية وبالتالي المال لم يكن عنصر جذب حاسم.

لكن يبدو أن إدارة جامعة الملك عبدالله استطاعت بذكاء تخطي هذا الفخ؛ حيث تمكنت من جذب أكاديميين متميزين من جامعات عالمية مرموقة بعد وعدهم بالحصول على مخصصات تخدم البحث العلمي تقدر بـ 400 - 800 ألف دولار في العام ولمدة 5 سنوات متتالية على الأقل.

وأخيرا، فلاشك إن وصف عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بـ «الجامعة الحلم» بعد حضوره افتتاح «بيت الحكمة» هو انعكاس لرغبة جلالته لتكون العقول والعلوم والأفكار هي أداة العرب والمسلمين للمساهمة النشطة في بناء الحضارة الإنسانية.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2577 - الجمعة 25 سبتمبر 2009م الموافق 06 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً