العدد 2650 - الإثنين 07 ديسمبر 2009م الموافق 20 ذي الحجة 1430هـ

النظافة مسئولية جماعية

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

هناك من يتعامل مع مسألة النظافة العامة بحساسية شديدة، ولا يقبل على نفسه أن يخرج كيس القمامة ليضعه في الحاوية المخصصة لها، والتي لا تبعد عنه مسكنه سوى أمتار معدودة، لأنه لا يزال يعتقد أن هذه المهمة من اختصاص أشخاص آخرين يتقاضون رواتب شهرية من الدولة، بينما هو ملتزم فقط بدفع الرسوم البلدية شهريا من خلال تسديده فواتير الكهرباء، وبالتالي هو يدفع أجر هذه الخدمة التي يحصل عليها وليس من واجبه أن يبذل أي جهد يذكر، فيما المسئولية الوطنية تفترض منه التحلي بمزيد من التعاون والشراكة مع الغير للحفاظ على منطقته نظيفة خالية من القاذورات.

ومن الناس من يتعمد إلقاء مخلفات البناء على الأرصفة وعلى أطراف السواحل العامة والأماكن المفتوحة، ولا يكلف نفسه عناء جلب حاوية كبيرة لن تستهلك من راتبه أكثر 15 دينارا، على رغم إدراكه التام أن كابسات النظافة لا يمكنها نقل هذه المخلفات، ولكن الطبع والتطبع طغى على فكره فأمسى ارتكاب المخالفات بالنسبة إليه سلوكا متكررا تجذر حتى أصبح واقعا روتينيا. ومن المناسب هنا أن نستحضر هواية تمزيق الأكياس من قبل الآسيويين بحثا عن العلب المعدنية الفارغة، والتي باتت حدثا مألوفا بحاجة إلى وقفة حازمة قبل أن يتحول إلى ظاهرة يصعب التخلص منها، كما هو حاصل الآن بالنسبة إلى الباعة الجائلين الأجانب الذين لا تخلو منهم منطقة أو حي سكني، كما لم تسلم منهم المحلات التي تمارس نشاطها بصورة قانونية في الأسواق والمجمعات وتواجه مزاحمة تجارية من قبل هؤلاء.

النظافة ليست شأنا خاصا أو حدثا يتولى التجهيز والإعداد له طرف رسمي، وإنما هي مسألة عامة تمس كل مواطن ومقيم، ومخطئ من يعتقد أن مجال التوعية والإرشاد هو حكر على الجهة الرسمية فقط، ممثلة بوزارة شئون البلديات والزراعة والبلديات الخمس، فكل رب أسرة من الممكن أن يمارس دور الموجّه والناصح والمرشد لأبنائه لتبني سلوك واعٍ يتم من خلاله التخلص من المخلفات والقمامة بصورة صحيحة، والالتزام بإخراجها في الوقت المحدد.

وكل خطيب جمعة بإمكانه من موقعه كقدوة أن يوعظ الناس ويبيّن لهم الآثار السلبية لإلقاء الأوساخ في الشوارع من نوافذ السيارات، والأثر المدمر لمخلفات البناء على الأحياء البحرية والثروة السمكية، والمظهر القبيح لمحتويات أكياس القمامة المتناثرة التي تشوه سمعة الدين الإسلامي الداعي للحفاظ على نظافته الشخصية والنظافة العامة.

القضية أبعد من كونها سلوكا ونمطا سائدا يمارسه الكثيرون ويتلقفه الصغار بعفويتهم لينتقل إلى الأبناء جيلا بعد الآخر كإرث اجتماعي، لذلك فإن معالجتها تفترض البدء من قرارة النفس البشرية في صيغة عزم ذاتي على تغيير الأفعال السلبية وصبها في هيئة سلوكيات تحفظ البعد الحضاري والجمالي للبحرين بمدنها وقراها، وما عدى ذلك لن ينفع أي توجيه أو نصح أو إرشاد، وكل حملة توعوية تنفق من أجلها الآلاف ستركن في الأرشيف وستتحول شيئاَ فشيئا إلى تحف قديمة لم يقدر لها أن تخترق الآذان الصماء.

لو كنا ندرك مساوئ الأسلوب الخاطئ في التخلص من الأوساخ، لما استدعى الأمر هدر أموال ضخمة لتنظيم حملات توعوية عبر وسائل الإعلام المختلفة، فهناك قرى معدمة تترقب إنشاء شبكات الصرف الصحي وتعبيد الطرق.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2650 - الإثنين 07 ديسمبر 2009م الموافق 20 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:53 م

      معاك حق

      أنا أوافق معك هذا الرأي , ربما هي مسألة بسيطة ولكنها في هذه الفترة أصبحت مشكلة كبيرة .
      أتمنى حقاً أن يتم توعية المواطنين بهذا الأمر , وتوعية إبنائهم , لنحصل على مملكة جميلة ونظيفة .
      وشكراً جزيلاً على هذا المقال المفيد , وأتمنى من القراء أن يتفهموا هذا الأمر , لأنها مسؤولية وطنية .
      وشكراً ....

اقرأ ايضاً